رئيسان سوريان على أرض روسية واحدة الأول لاجىء تحت إقامة جبرية والثاني منتخب لمرحلة انتقالية وفي مفارقة هي الأولى من نوعها اجتمع الماضي السوري بحاضره تحت سقف واحد في مشهد حمل الكثير من التناقضات وكرس المقولة الرائجة: في السياسة لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة بل مصلحة دائمة.
فأمس الأسد صار يوم الشرع والجولاني الآتي إلى قصر الشعب من خنادق إدلب كان “إرهابيا” مطاردا من قبل الروسي نفسه وها هو اليوم يعبر شوارع موسكو رئيسا وبموكب رسمي وربما تحت أنظار سلفه بشار الأسد المقيم في المنطقة الخضراء للساحة الحمراء شرع الكرملين أبوابه للشرع فدخله ضيفا معززا بعد عناء درج طويل تسلقه للوصول إلى مكتب القيصر في زيارة هي الأولى منذ انتخابه.
ومن رمزية اللحظة انطلقت محادثات بوتين الشرع على خلفية التحولات الإقليمية وتحولات التحالفات في الشرق الأوسط, وفي اللقاء استعادة للعلاقات الروسية السورية المعمرة على ثمانين عاما وعلى إعادة ربط هذه العلاقات من خلال تفعيل اللجنة المشتركة للبلدين والتواصل عبر وزارتي الخارجية.
وإلى التعريف بسوريا الجديدة بقي القديم على قدمه بالاتفاقيات المعقودة بين الجانبين مع تمن سوري لإعادة بناء الجيش بمساعدة روسية وطرح فكرة إعادة نشر الشرطة الروسية لمنع أي خروق جديدة من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
عشية الزيارة وبحسب مصدر سوري فإن الشرع سوف يطلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تسليم كل من ارتكب جرائم حرب ويوجد في روسيا وعلى رأسهم بشار الأسد فهل سيسلم “الدب الروسي الأسد السوري”؟
ومن جو التسويات السائد في هذه المرحلة وبمفعول رجعي جاء موقف رئيس الجمهورية جوزاف عون من إطلاق مسار تفاوضي غير مباشر بعد وقف الأعمال العدائية برعاية أميركية على غرار ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل كنموذج يبنى عليه.
وقد حظي هذا الموقف بشبه إجماع لبناني وبين الكتل النيابية وإن قرأه كل طرف سياسي من زاويته فوصفه حزب الله بالمحسوب والمتوازن وربطه التيار الوطني الحر بضمان حقوق الشعب الفلسطيني, ورأت فيه القوات اللبنانية ضرورة كي لا يبقى لبنان بمنأى عن التسويات الجارية في المنطقة.
في حين دعا اللقاء الديمقراطي إلى عدم الإفراط في التفاؤل لأن إسرائيل ليست جديرة بالثقة ليعود ملف قانون الانتخاب بشقه المغترب إلى الواجهة بعد تقديم وزارة الخارجية والمغتربين مشروع قانون معجلا لإلغاء مادتين في قانون الانتخاب ما يسمح للبنانيين المقيمين في الخارج باختيار ممثليهم المئة والثمانية والعشرين بحسب دوائر قيدهم.
تعددت مشاريع القوانين والنتيجة عند سيد المجلس واحدة: قانون الانتخاب عندي أنا وسيطبق كما هو لن أغير رأيي ولن أتزحزح وما على بري إلا البلاغ بأن القانون الحالي بعد الإنجيل والقرآن.
