في روزنامة الأيام فإن الخميس يسبق السبت لكن في تقويم السلطة فإنها ترغب لو أنها تنام وتضحي فتجد أن السبت قد ولى من الأيام وتدارى خلف أي زمن آخر فما يجري حشده لسبت التظاهر يقلق الحكم ويدفعه إلى ارتكاب الشغب دفعة على الحساب لتخويف الناس وردعهم عن الشارع وليل بيروت أمس كان صورة عن هذا الأداء، حيث برزت القوى الأمنية في أبهى سلطانها وهراواتها وأرجلها رفسا للمتظاهرين السلميين ولضربهم وسوقهم إلى غرف التحقيق ثم توقيفهم في ثكنات وأهانتهم عبر إخضاعهم لفحص بول كإجراء لتبيان تعاطيهم المخدرات
وهذا الفحص يجري على نفقة الموقوفين، بحيث فرضت خمسون ألف ليرة على كل شخص كبدل فحوص. هذه السلطة الأمنية التي تنفذ تعليمات السلطة السياسية هي في حد ذاتها أصبحت في حال تبول لا إرادي وتخشى عدوا ظهر لها على حين تظاهرة وهدد الحكم بوجوده وكاد ينتزعه من شراينه السياسية والطائفية، ومع كل حالة ردع تسقط السلطة أكثر بنت جدارا بينها وبين الناس فنزل عارا على رأسها.ضربت واعتقلت شبابا سلميين فاتسخ سجلها بعد عفن رائحتها ولن تستطيع القوى الأمنية والسياسية أن تنفي وقائع وصورا ومقابلات رصدت مع موقوفين خرجت أعينهم من وجوههم وبينهم علي جبق الشاب الذي فقد عينا في حرب تموز فجاءه في شهر آب عدو آخر من قلب بيته يقتلع له العين الأخرى ومثله سهام شرف الدين السيدة التي تعاني إصابة برصاص السبت الماضي ومحمد قصير الشاب الذي كان بين موت وحياة في مستشفى الجامعة الأميركية.
وإذا كان الشارع قد مني بجرحى فإن جروح الحكم مفتوحة على الخطر وغدا سيعاود نكأها في جلسة مجلس الوزراء التي تصارع الموت إذ إن رشوته البالغة مئة مليون دولار لأهالي عكار ووجهت بغضب من أبناء المنطقة الذين نكبوا بقياداتهم السياسية وحرموا الإنماء أعطوا الوطن عسكرا فأهدتهم حكومتهم حزام نفايات لم تعرفْ عكار على مدى سنوات إلا النكبات، لم تزهر سهولها ولا بلداتها إلا مرة واحدة في زمن الرئيس عصام فارس أما الزعماء الآخرون فقد استعملوا عكار ورقة انتخابية تنتهي صلاحياتها مع إقفال صناديق الانتخاب، واليوم فإن القضاء الذي كان خزان الجيش يراد له أن يتحول إلى خزان قمامة وإذا كانت الأزْمة مستعصية على الحل فإن أسهلها هو في العودة إلى البلديات والإسناد إليها دورا في رفع النفايات وتدويرها وطمرها وهذا وحده من شأنه درء مخاطر التوزيع والتلزيم السياسي وليس باضطهاد الشعب وضرب المتظاهرين، وعندها لن يكون الرئيس نبيه بري مضطرا إلى التصريح والنفي وإبراء الذمة لأن حركة أمل لا علاقة لها بأي محاصصة وتوزيع وقسمة ونصيب فأبناء الحركة هم محرومون، أما رئيسها فهو يعلن على الملأ أنه لن يرتضي بالحرمان وأنه إذا كانت هناك من حصص سياسية فسوف تكون له حصة، وهذا كلام لم يختلقه الإعلام بل مسجل في المحاضر السياسية منذ نعومة ضفائر رئيس مجلس النواب.
