منطقة تأجيل تتحكم بالمسار السياسي اللبناني. والحلول بالترميم لا تسلك إلا لمدة محدودة، ومن بعدها الطوفان. وإذا كانت مراسيم آخر الليل قد نجحت في تأجيل التسريح عسكريا، فإن تأجيل أزمة النفايات لن يدوم طويلا. إذ ان المكبات الموقتة لا تحتمل أكثر من الحلول الموقتة، وستعود الصرخة مع رائحة بعد أن تستسلم البلديات أمام التراكم.
أما المعالجة في انتظار نتائج المناقصة، فإن دونها عقبات وأبرزها فقدان المطامر. ما يعني “نفاياتك راوح”. لكن الحملة ضد هذه الأزمة، لاتزال ضمن مجموعة “طلعت ريحتكن” المدنية ولم تصبح شعبية عارمة بعد. فيما يفضل “التيار الوطني الحر” التظاهر في الشارع ضد التمديد لقائد الجيش، ما يضعه في مواجهة العسكر. على أن أيا من خيارات الميدان العوني لم تتبلور حتى اليوم، في انتظار جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل.
على مستوى المواقف، حدد النائب وليد جنبلاط من بيصور وعين دارة، موقعه بعد التقاعد. وهو رضخ لتنصيبه الزبال الاول في لبنان بدل نيويورك، مهاجما بلدية عين دارة بمسيحييها ودروزها لأن “غالبية أعضائها يسرقون الرمل ويتهمونني بالموضوع”، في إشارة ضمنية تشمل النائب نقولا فتوش.
وإذا كان زعيم الجبل، قد اعتمد خط الهجوم في ملف النفايات على طريقته الساخرة، فإن البطريرك الماروني بشارة الراعي، أصدر أمرا كنسيا رئاسيا من جولته البقاعية، داعيا النواب إلى قلعة راشيا لعقد جلسة لانتخاب الرئيس. لكن ما لم يطرحه الراعي، ربما يكون الحل الأمثل عبر اعتقال النواب كافة في قلعة راشيا، واحتجازهم هناك أسوة برجال الاستقلال، وعدم الافراج عنهم لحين نيل الاستقلال الرئاسي.
هذه الدعوة لم يصدرها الراعي، لكنها على الأرجح تمثل رغبته الدينية والسياسية وتعكس أماني معظم اللبنانيين الذين تحكمهم سلطة الامر الواقع، مبتورة الرأس فيما الخطر يحيط بكامل الجسم.
وليست النفايات آخر الأخطار، بل ما تحمله تداعيات الحرب السورية من نفايات سوداء بشرية ستعاود السيطرة على الحدود، بعد أن أحكمت القبضة على منطقة القريتين في حمص المشرفة على لبنان، فالكيلومترات تقلصت، وعادت الرايات السود تهدد مناطق لبنانية شاسعة لناحية القلمون.
