Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأحد في 19/01/2020

في طريقها إلى بعبدا، أصيبت حكومة حسان دياب برصاص مطاطي سياسي طائفي أقعد حركتها. وتمكن مثيرو أحداث الشغب سياسيا وحزبيا، من عرقلة إعلانها. فعلى توقيت شارع يغلي أيا كان رواده من متظاهرين ثائرين ومستقدمين، صعد رئيس الحكومة المكلف إلى قصر بعبدا، والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. تداول الرئيسان تشكيلة خرج منها تيار “المردة”، ومع ذلك: لم تسو العقبات بعدما ألقيت على الحكومة قنابل من الحصص مسيلة للدموع، سبت وأحد من نار وغضب، سواء تخلله تخريب أو ثورة موجوعين.

يومان معطوفان على ثلاثة أشهر من انهيار وطن، لكن أرفع المسؤولين فيه يرون أن العقد في ما بينهم يجب أن تحل أولا، يداوون جراحهم قبل جراح البلد، وأعلى ما في خيلهم لا يتعدى عبارات الأسف على خراب بيروت. لم يبق جهاز أمني إلا ولعب على وتر السياسيين، فشغل وركب وحمى، ارتفع اللواء عماد عثمان على أكتاف الرئيس سعد الحريري، وارتدت ريا الحسن ثوبا أمنيا للدفاع عن مؤسسات تواجه الشعوب، وأدت شرطة المجلس قسطها من العلا إلى الأرض.

ومع السيرك الأمني المغطى سياسيا، كان المهرجون السياسيون يحاربون بعضهم بعضا بسيف وترس الناس، إلى أن أصبح اللعب بالباصات على المكشوف، ريفي- ميقاتي ثنائي متفرق يستحلي القرقعة على الحريري، و”حراس المدينة” في طرابلس يساقون لحراسة المدينة في بيروت، فيعتب رئيس حكومة تصريف الأعمال على أهله في الشمال مخاطبا إياهم بالتالي: يعز علي أن يقال إنه تم استقدام شبان باسمكم لأعمال العنف أمس، لكنني أعلم أن كرامة بيروت أمانة رفيق الحريري عندكم، وأنتم خط الدفاع عن سلامتها وضمير التحركات الشعبية ووجهها الطيب.

لكن معزة الحريري لأهله في الشمال، لن ترحم ماضيه منذ الاستقالة، حيث شرع “المستقبل” الشوارع لتظاهرات تطالب بعودة سعد، في مقابل شوارع أخرى قالت له: ما بتشوفا بعد.

وفوق سطوح كل هذه البهلوانات السياسية، كان النائب نهاد المشنوق يزايد على الجميع، من الحريري إلى رئيس الجمهورية والصهر، ويريق الدماء في توقعات عجز عنها أهل الفلك.

لكن لا أحد يهتم بمصير البلد، بشوارع باتت تتنفس قنابل الغاز، بلبنانيين خارجين عن كل هذه التركيبة، فما شأنهم إذا شاركت “المردة” أو تمردت؟، إذا ظل أسعد “حردان” أم تمت ترضيته؟، هل نسدد عجزنا إذا أعطى ميشال عون موافقته على اسم النقيبة أمل حداد؟، وماذا عن حكم الطوائف ما لم يتمثل الكاثوليك بمقعدين؟، والسؤال الذي لا يجد جوابا له: ماذا عن حصة المير الذي وضع عينه على الأشغال بعد انسحاب “المردة”؟.

ومع كل هذه المطالب، فإن الرئيس نبيه بري كان الوجهة في الذهاب والإياب. التقاه دياب في “الطلعة” ثم استفتاه في النزول. ولا يعرف أي الأرانب ستخرج هذه الليلة.

كلكم تمارسون اليوم إجراما منظما بحق لبنان، وتخربون بيروت أكثر مما يخربها أولئك الذين أتوا إليها على جناح باصات التنمر السياسي. كان يقال: الي استحوا ماتوا. لكننا في السياسة اللبنانية غلبنا الأمثال بالأفعال، فلدينا طبقة ممن لم يستحوا، ولا يبدو أنهم سيموتون سياسيا قبل أن يقتلوا البلد على من فيها.