أنزل ايمانويل ماكرون نيترات الأمونيوم السياسية على السلطة اللبنانية فدمر بنيتها و”غسلها” بعصف من النقد والتوبيخ قبل أن يستمع إلى صوت الناس في الجميزة ويقف بينهم كثائر من ثوار السابع عشر من تشرين هو استخدم المركب الكيميائي البلوري في السياسة اللبنانية فكان خطابه إلى الشعب معلنا: “أنا لست هنا لدعم النظام أو الدولة أو الحكومة”، والمساعدات الفرنسية لن تنتهي بين أيدي الفاسدين.
وبلغت هزة ماكرون درجات قياسية في انعدام الثقة بالحكم ومسؤوليه ووصلت حد المطالبة بتغيير النظام داعيا إلى ضرورة البدء بالإصلاحات ومحاربة الفساد بالشفافية والحقيقة وخلص إلى أن الانفجار في مرفأ بيروت هو من نتاج الإهمال عاين ماكرون دمار المرفأ وركام الجميزة ووقف بين أبنائها مستمعا وخطيبا ومشرفا على آلام ناسها وفقدانهم أحبتهم وبيوتهم بغياب دولتهم فكان لهم “بي الكل الفرنسي”.
وإذا كان اللبنانيون قد أصيبوا بدمار مدينتهم وفقدوا أحبة لهم فإن أفراد الطاقم السياسي أصيبوا بدمار شامل جراء “بهدلة” فرنسية طالتهم من دون استنثاء ووجهت إليهم مضبطة اتهام بالفساد والإهمال وعدم الإصلاح، ولأن ماكرون لا يثق بالسلطة فلن يكلفها المساعدات وإعادة الإعمار ليقينه أن أصحاب النفوذ سوف “يلطشون” الحصص ويختلفون على توزيعها، وعدم الثقة كان ايضا في التحقيقات الميدانية في جريمة المرفأ، إذ وصل مع الرئيس الفرنسي وفد فني تقني لمعاينة مسرح الجريمة، معتمدا على خبرة كونت لديه من انفجار تولوز الشبيه عام ألفين وواحد ولوجود ضحايا فرنسيين في جريمة المرفأ، فإن الفريق التقني الفرنسي سوف يتوسع في التحقيق ليشمل فرضية القتل القصدي، فيما كلف المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات قائد الشرطة القضائية مؤازرة الخبراء الفرنسيين وذلك تمهيدا لخلاصة مشتركة عن التحقيق سوف يبني عليها القضاء المقتضى، وقد يصل هذا المقتضى الى توقيفات.
وتمهيدا للخطوة الأبعد مدى أصدرت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان قرارا بتجميد الحسابات العائدة بصورة مباشرة أو غير مباشرة لكل من: حسن قريطم شفيق مرعي بدري ضاهر نايلا الحاج ميشال نحول جورج ضاهر ونعمة البراكس وهؤلاء سوف ترفع السرية المصرفية عن حساباتهم تجاه المراجع المختصة، وينتظر أن تبدأ التحقيقات معهم فور الانتهاء من التحقيق الفرنسي اللبناني المشترك، ورفع الخلاصات ومغادرة الرئيس ماكرون.
وقد اختتم الرئيس الفرنسي زيارته بمؤتمر صحافي عقده في قصر الصنوبر، وذلك بعدما فعل المعجزات وجمع ما لم يمكن جمعه من زعماء لبنانيين على طاولة واحدة.
وفي معلومات الجديد، أن الطاولة المستديرة في قصر الصنوبر حملت مطالبات لبنانية وفق معادلة “كل يغني على ليلاه”، فسمير جعجع ووليد جنبلاط اتجها نحو الإستراتيجية الدفاعية والسلاح، سعد الحريري نحو العلاج الاقتصادي لكن بذهنية تختلف عن طريقة المعالجة الحالية، جبران باسيل نحو الوحدة وخطر التطرف.
أما حزب الله فقد دعا الى مشاركة الجميع في الحل، وقالت المصادر إن حوار ماكرون مع وفد كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد كان إيجابيا وبناء”، وقد شكره رعد على الزيارة والدعوة وقال: “إن مساعدتكم لبنان مطلوبة، لكن المطلوب الأهم هو التفاهم الداخلي على القضايا الشائكة.
واضاف: “إن معظم من يشاركنا في الاجتماع هنا قد وافق على اتفاق الطائف ومع ذلك لم يطبقوه، فلنتفاهم وننفذ كل ما نتفق عليه”.
وقالت المعلومات إن ماكرون فاجأ حتى حلفاءه ضمنا بأنه قال: “عندما تتكلمون عن إستراتجيات ومسائل معقدة وترتبط بالخارج فإنكم سوف تحتاجون الى وقت طويل فافعلوا اليوم ما تسطيعون القيام به من اصلاحات وتأمين كهرباء، حققوا احلام شعبكم أولا، نفذوا المشاريع القريبة الأجل.
وفي مؤتمره قبل قليل اختتم ماكرون كلامه باللغة العربية مرددا: بحبك يا لبنان.
