كان يوم أحد يدعو إلى الهلع..اختصره منشور على وسائل التواصل بالتالي: الكورونا استحكمت على الأرض..إسرائيل عربدت في السماء.. وجبران باسيل على الشاشات، ولن يأتي على اللبنانيين يوم أرحم من هذا، أما نتائجه فإن البلاد إلى إقفال حديدي إداريا حتى آخر كانون الثاني، وإلى إغلاق تام بقبضة سياسية حديدية حتى آخر العهد، وما خلا ذلك فكل الدروب لن تؤدي إلى طاحونة التأليف.
تجاوزات في تطبيق إجراءات كورونا.. تفوقها تجاوزات سياسية في تطبيق الدستور وقلبه عن كرسيه، وسحب روحه من الطائف وصيغة الثلاثة وأربعين معا ونسف مواده، وفي الحالتين يتم اتخاذ قرارات، إما بعد فوات الأوان أو أنها لا تتخذ من أصله وفي آخر اجتماعات لجنة كورونا، تقررت حزمة تدابير ترفع إلى المجلس الأعلى وهي لا تسثني المطار والسوبرماركت.
وسياسيا.. سوبرماركت مفتوحة للبيع والشراء على كل السلع، وعلى صندوقها أطل اليوم رئيس “التيار الوطني” حرا بترويج العملة الحكومية المزيفة وفي مطالعة جبران “غوبلز” باسيل، يعيد التاريخ نفسه، لكن وزير الدعاية السياسية لهتلر انتحر عندما تراكمت أكاذيبه.. إلى أن أورث بعد خمسة وسبعين عاما المهمة لرئيس “التيار الوطني” في لبنان، فتكررت في الزمن الرديء عبارة “إكذب إكذب إكذب حتى يصدقك الناس”.
ففي افتتاحية خطابه المتلفز، تمنى باسيل للبنانيين سنة خير.. مستطلعا آفاق العام على طريقة المنجمين، لكن حتى المنجمون في الديانات السماوية “فقد كذبوا” وفيما كانت طلائع كلام باسيل تمنيات بالخير.. فقد انتهت الكلمة بعد ساعة إلا خمس دقائق بمأساة وبقطع أي بارقة أمل تقود إلى تأليف الحكومة في المدى والذي لم يعد منظورا من أصله.
وكمداخل “غوبلز” في الخطابة الساسية وحبكتها.. فإن باسيل قدم سردا متسلسلا كاد يكون مقنعا، في دور لبنان وسلام المنطقة والحصار المفروض علينا وعلاقات هذا البلد مع جواره وسوريا وملف النازحين، لكنه بدأ بالهذيان ما إن أطل على الملف الحكومي ومعاييره، وهو قلب التعطيل على الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي اتهمه بحجز التأليف في جيبه “وبيسافر معو”.. وذكره بأن لبنان جمهورية برلمانية وليست ملكية خاصة.
افتعل باسيل إثارة طائفية بين دروز من جهة، وكاثوليك على الجهة المقابلة.. ونسب إلى الحريري أنه “كل مرة بيطلع عند الرئيس بياخد معو لائحة توزيع حقائب مختلفة عن ما قبلها”.. معتبرا أن هذا دليل عدم جدية، “وشقلبة كل مرة بالموقف”.
والأخطر من الإتهام أن رئيس “التيار الوطني الحر” كسر وجدف و”تحبطش” الدستور، وأعطى لرئيس الجمهورية حقوقا إضافية في التأليف لا تقتصر على إبداء الملاحظات والتوقيع، بل تتعداها الى تقديم اللوائح النقيضة، مستنفرا هنا الطائفة المسيحية للدفاع عن حقوق الرئيس قائلا: “شو مفكرينا مواطنين درجة تانية” عن جد مصدقين انو الدستور حاطط رئيس الجمهورية باش كاتب، بس ليصدر المرسوم ومش ليوافق عليه؟.
“طفح الكيل”، قال جبران .. لكن حق اللبنانيين أن يقولونها نيابة عنه..فهو تحدث اليوم كالاتي من ميادين الثورة .. كزعيم أممي يقود الجماهير، مخطابا الناس بعبارات تتوجه الى أولاد الثورة العميقة، والقضية يلي ما بتموت، ومش أولاد الموجات الطالعة والنازلة والثورات الفايشة.
وبسبب تراكم وتضخيم حجم الأكاذيب، فقد قرر “تيار المستقبل” الرد بالمختصر، تاركا “للشعب اللبناني تصديق باسيل أو عدم تصديقهه” وقال في بيانه: “لن ندخل في مهاترات سياسية، فالحكومة جاهزة تنتظر عند رئيس الجمهورية ميشال عون، لتكون حكومة مهمة تتولى الإصلاحات المطلوبة بحسب المبادرة الفرنسية، لا بحسب المعايير المذهبية والطائفية والعنصرية الباسيلية”.