الدولار وحده على القمة .. من بين قمامة سياسية معيشية تمسك بيد اللبنانيين نحو سابع ارض. فمع استمرار السيد الأخضر بالارتفاع مصيفا في ربوع لبنان، كان الترشيد يشد الحزام الى أزمة بنزين، يقودها خفض فتح الاعتمادات للشركات المستوردة للمحروقات، وأول المتأثرين كان الجنوب ثم البقاع.
والدعم من عدمه سيان بالنسبة لوزارة الاقتصاد “الكلية الطوبى”، والتي تنفض عنها دور المراقبة .. من المواد المدعومة المسافرة الى رفوف بلاد الإغتراب، ولاحقا الى التهريب عبر الحدود، واليوم من خلال أكياس لأصناف تدعمها الوزارة.. يبيع التاجر محتوياتها بسعر أعلى، قبل أن يرمي مغلفاتها في مستوعبات النفايات.
ولا يملك الوزير راوول نعمة أي جواب سوى ان المراقبة ليست من صلاحيات وزارة الاقتصاد، والوزير “النعمة” سيكتب له تاريخ حكومات تصريف الأعمال، أنه “يصرف ” على طريقة حكم الادغال، وأنه يبيع كلاما ليس مسؤولا.
يتهرب عبر رفع صلاحياته عن التهريب عبر الحدود، لكن ماذا عن المراقبة للتجار؟، ماذا عن البضائع التي توزع محليا وتنهب محليا؟. فمن صلاحيات الوزير وادارته ملاحقة البضاعة أين أفرغت ومن استفاد منها.. وما إذا كانت موجودة أصلا على الرفوف الصعبة.
ومع توقع اشتداد العصف المعيشي وارتفاع الأسعار مع جنون الدولار، فإن المسؤولين يحدثونك من العالم الاخر حيث لم يثبت وجودهم على المجرة اللبنانية من أي زاوية كانت، ويبقى أغربهم رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الذي يطل على اللبنانيين اليوم كحبة دواء.. واحدة ظهرا والثانية مساء.. وفي المرتين فإن مفعولها يؤدي الى “جلطات ” وتخثر في الدماء السياسية، والى ابتعاد عن الواقع الجهنمي الذي يطوق اللبنانيين.
وفي الإطلالة النهارية كان باسيل يقدم نفسه مرشحا..طوباويا، لم يحكم في لبنان لخمس عشرة سنة .. لم يتول مناصب وزارية .. لم تكن لديه الكتلة النيابية الأقوى .. والأفواج الوزارية المعطلة والفعالة على حد سواء.. وليس هو من سفرنا على حلم الأربع وعشرين أمبير .. ولم يدفع بنا الى تهلكة البواخر.
ليس هو .. فمن كان يخطب بنا: جبران الآخر، مقدما ورقة سياسية تعود بجذورها الى الرابع عشر من آذار، المختلف عن ذلك التاريخ الشهير. قدم باسيل اليوم رؤية صقلتها التجربة بانجازاتها وخيباتها، وراح يحاضر في الدولة المدنية وهو لم يوقع على مرسوم الناجحين في مجلس الخدمة المدنية “أحلا ما ياكلوه الإسلام”.
ومن الموقع والوضعية، الى الهوية والفدرالية وتوازن الكيان ومحاربة الفساد واسترجاع الأموال. “فشط عياش ” ورمى علينا السلام، وأعلن أن تياره عانى ظلما كبيرا جراء اتهامه زورا بما ليس هو فيه، وذلك بسبب سياساته في استعادة الحقوق.
وأبلغ رد أتاه من الخارجين طوعا وقسرا من معقل “التيار”، إذ استندت مجموعة “الخط التاريخي الى تروتسكي في القول الشهير: “إنكم أناس بائسون منعزلون!، أنتم مفلسون. انتهى دوركم. إذهبوا إلى حيث تنتمون من الآن فصاعدا، أنتم في مزبلة التاريخ!”.
وكلام رئيس “التيار” كان مستهلكا ومرميا على الأرض كفراغات الأكياس المدعومة .. فمضمونها لم يأت بأي حل لشعب يسحق .. ولم يعد ينتظر الخطابات التي غابت بدورها اليوم في الذكرى السنوية السادسة عشرة للرابع عشر من آذار. ومن ذكرها فإنما بتغريدة على التويتر، وكان الله يحب الثورات المحسنات.
فرئيس “حزب القوات” سمير جعجع، اكتفى بعبارة واحدة تؤسس ل” فك الحداد ” .. أما الرئيس سعد الحريري فقد أفرد لها سطورا على الأطلال ..وسقى الله زمن الشلح والخلع على منابرها.. متمسكا اليوم بالتكليف بكامل أوصافه.
