عيدية من مقام الصفعة وصلت الى الحكم اللبناني، مغلفة بصندوق دولي وضع النقاط الاقتصادية على الحروف المالية والسياسية، ومن ثقل عباراته، كاد بيان صندوق النقد الدولي أن يصرخ ألما على مواطنين يحكمون عبر “دورة مياه” اسمها السلطة اللبنانية، ستكتفي بتصريف البيان العنيف وخلطه بالمياه الآسنة والبيان المطول قد لا يقرأ.. وإذا تمت قراءته فلن تطبق اصلاحاته وهي من التقاليد اللبنانية المتبعة حيث التعاطي مع تقرير التدقيق الجنائي لم يكن بأفضل حال، والذي عثر عليه في البريد الالكتروني لوزارة المال. لكن بيان صندوق النقد اليوم لا يحتاج الى تدقيق, فالوارد على متنه يعكس صورة حكم “نتن” لا مبالي بمعالجة أصول الأزمات ولن يتأثر ما تبقى من السلطة اذا قال لهم معنيون من الصندوق ان بلادكم تواجه: أزمة مصرفية ونقدية سيادية غير مسبوقة، وانكماشا بنسبة اربعين بالمئة.. الليرة فقدت ثمانية وتسعين بالمئة من قيمتها.. التضخم سجل مئتين وسبعين بالمئة.. المصرف المركزي خسر ثلثي احتياطياته من النقد الأجنبي.. المودعون فقدوا عشرة مليارات دولار، وتجلى الصندوق في صياغة المفردات السود لإسقاطها على وضع لبناني أكثر سوداوية، من الانكماش الى الانهيار وفقدان الثقة، والعجز، والركود، وعدم اليقين، والتضخم.
وأعرب المديرون التنفيذيون لخبراء الصندوق عن بالغ قلقهم إزاء الأزمة العميقة متعددة الأبعاد، وعن الاسف حيال الإجراءات المحدودة التي تم اتخاذها على مستوى السياسات للتصدي للأزمة، وأشاروا إلى المخاطر والتكلفة المتزايدة الناجمة عن مواصلة إرجاء الإجراءات اللازمة، ودعوا إلى ضرورة التنفيذ الحاسم لخطة إصلاح شاملة لحل الأزمة وتحقيق التعافي المستدام، وتطلعوا إلى تعميق التعاون مع الصندوق لدعم جهود الإصلاح والاحتياجات الإنسانية العاجلة.
وأكد المديرون على ضرورة ضبط أوضاع المالية العامة على المدى المتوسط مصحوبا بإعادة هيكلة الدين العام، وأشاروا إلى أن استعادة ثقة الرأي العام تستلزم اتخاذ خطوات لتعزيز الحوكمة، ووضع معايير وممارسات لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، والأبرز هو اعتبار صندوق النقد أن الازمة المالية تفاقمت بسبب التقاعس عن اتخاذ إجراءات متعلقة بالسياسة والمصالح الخاصة مما أدى الى مقاومة الاصلاحات المطلوبة، واذا استمر الوضع الراهن فقد يصل الدين العام في لبنان الى 547 بالمئة من الناتج المحلي، وما لم يلحظه البيان انه يقرأ مزاميره على سلطة لا تعنيها الانهيارات وليست مستعدة لأن تذرف دمعة واحدة على خسارات اللبنانيين، فالصندوق انما يحدث نفسه.. وطبقة سياسية منكمشة وراكدة وعاجزة طوعا وخسرت احتياط الثقة.. ورأسمالها اليوم هو حرب النكايات حول الصلاحيات ترفض عن سابق فراغ وتصميم انتخاب رئيس جمهورية في مجلس النواب ثم تحارب لانتخابه في جلسات مجلس الوزراء، والعجز في الميزان السياحي يقودها حاليا الى فوضى المطار، والتي تشهد على حالات ازدحام غير مسبوقة من دون تنظيم، والتنظيم الوحيد المتوافر حاليا هو فرز القوى الرئاسية وتسيير رحلات المطالبة بالحوار مع انتظار عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الشهر المقبل الى بيروت. لكن فرنسا الموكلة اطفاء النيران الرئاسية “ولعت” نيران غضبها بعد مقتل قاصر بنيران الشرطة، وبات على الرئاسة الفرنسية اولويات تشغلها حاليا في ضبط الشارع المتفجر والاكثر تفجرا في العالمين الاوروبي والاسلامي هو القرار السويدي الرسمي بالسماح لمتطرفين حرق القرآن الكريم.. والخطير في تفاقم الازمة انها فتنة مرخصة من الحكومة السويدية تعدت كل حدود وضربت عمق المقدسات الاسلامية.

