اسرائيل تغتال حبرها وتخرق اتفاقياتها ولم يسبق يوما أن التزمت بكلمة قطعتها عبر التاريخ ولبنان أولا وأخيرا. يكاد لا يمر نهار منذ اعلانها بدء سريان الاتفاق في الثامن عشر من شباط الحالي إلا وأراقت على جوانبه الدماء على الرغم من احتفاظها بنقاط احتلال جنوبية خلافا للسيادة والتفاهم.
ومنذ الأمس غارات في البقاع وخروقات في الجنوب وسقوط شهداء وجرحى بينهم عنصر في حزب الله يدعى مهدي شاهين وترفق اسرائيل خروقاتها بتصريحات أشد عدوانية لكنها تستند الى دعائم أميركية، إذ قال وزير حربها يسرائيل كاتس إنه تلقى الضوء الأخضر من واشنطن لبقاء القوات في المنطقة العازلة بلبنان من دون حد زمني.
والاحتلال يشمل جنوب لبنان والجنوب السوري حيث اعلن كاتس ان إسرائيل ستبقى في قمة جبل الشيخ وفي النقاط المسيطرة على سوريا لفترة غير محدودة وبين جنوبين اثنين تكون اسرائيل قد سلخت نقاطا من لبنان وقطعة من سوريا تحت الغطاء الاميركي الذي يساعد بدوره الاكراد في الشمال السوري على سلخ اراض ومساحات بالتكافل مع قسد.
وعلى هذا المشهد دخل عبدالله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني معلنا من سجنه حل الحزب والقاء السلاح في صفقة ستقود الى تحريره.
ولكن ما يعني لبنان من كل هذه المتغيرات هو الضغط الاسرائيلي لتحصيل مكاسب واوراق يخزنها لمرحلة ستطرح فيها واشنطن التطبيع مع اسرائيل، وهو ما بدأ يمهد له المبعوث الاميركي ستيف ويتكوف، غير أن هذا الطرح لم يبلغ به لبنان الرسمي بعد.
وإذ تشمل عروض التطبيع الدولة السورية فإن العدو اختار جنوبها وبدأ التضييق على دروز السويداء الذين رفضوا كلام بنيامين نتنياهو الاخير عن أنه لن يتسامح مع “أي تهديد للطائفة الدرزية”، وأن المنطقة ستكون منزوعة السلاح تحت السلطة الاسرائيلية أقلق هذا الأمر زعيم الدروز في لبنان وليد جنبلاط الذي قرأ في المشروع الإسرائيلي الصهيوني تقسيما لكل المنطقة.
وقال من القصر الجمهوري اليوم : نعم انا قلق جدا، ولا بد من مواجهة تتطلب من القوى الحية القومية الوطنية العربية في سوريا الوقوف في وجه هذا الأمر، لأن استقرار لبنان مبني على استقرار سوريا.
وشدد على ان الخطر الصهيوني يتمدد، ويدمر في غزة، ويجتاح في الضفة، ويتمركز على أعالي جبل الشيخ ويلغي اتفاقات سابقة على غرار اتفاق العام 1974، ولا يمكن للعرب ان يبقوا في خنادقهم الخلفية.
وعلى ما تقدم فإن حرب اسرائيل على جبهتي لبنان وسوريا قد تأخذ منعطفا اوسع بتأشيرة اميركية لاطلاق قطار التطبيع ..واذا ما تم عرض هذا الخيار محليا فإنه سيضع لبنان امام نزاعات وحروب داخلية سبق ان عانى مرارتها وتكلفتها.
