كما لو أنك لم تغادر منطقة النضال الحرة, كما لو أن أربعة عقود ما مضت كما لو أن الزمن ما توقف بك عند الحد الفاصل ما بين الحرية والأسر, كما لو أنك وأنت الحر أخرجتنا جميعا من الأسر.
جورج العربي المشرقي الماروني من صلب إبراهيم وتتمته عبدالله حرا على أرض بيروت، العاصمة التي استعادت لحظة استقباله مجدها المقاوم كأول مدينة عربية تحتل وتطرد المحتل بقميصه الأحمر وفلسطين الشال والقضية وقبضة مرفوعة كسارية العلم.
لوح للحشود التي انتظرته وعاد بطلا نظر إليها جورج بعينين دامعتين فرحا ورأى فيها سنين أول العمر وآخر القهر وأمام من هم من نسل جورج ألقى عظة الحرية فصمود الأسرى في سجونهم مستمد من صمود رفاقهم في الخارج وعندما يكلف الأسير داخل السجن أكثر من خروجه يتم الإفراج عنه.
وجه التحية للضاحية والشكر لكل من حمل راية الحرية خاطب الشعوب لا الأنظمة لأن تكون بمستوى الهياكل العظمية التي تتحرك في غزة ودعا الجماهير العربية الى العمل لوقف الإبادة والمجاعة في القطاع المحاصر لأنهم قادرون على ذلك, ومن المعيب للتاريخ أن يتفرج العرب على معاناة أهل فلسطين وغزة وبعدة الوعي السياسي قرأ أن إسرائيل تعيش آخر فصول نفوذها.
من بيروت توجه جورج عبدالله إلى القبيات مسقط الرأس وهناك سيجد زمنا غير زمانه وهو يعلم علم اليقين بالتحولات والمتغيرات، كما نقل عنه محاميه الفرنسي إدراكه أنه يعود إلى منطقة شرق أوسط عصيبة جدا للبنانيين والفلسطينيين, ويعلم جورج عبد الله جيدا الانقسام العمودي حول الوسيلة في الدفاع والتي دفع ثمنها أربعين عاما في الاعتقال بين من يقول نحن سلاح الوطن وندافع عن الوطن وبين رأي اختصره الوزير الأسبق جوزف الهاشم مستعينا بمقولة للامام موسى الصدر من أن لا حل في لبنان إلا بإقامة الشرعية ولا شرعية إلا بتذويب الدويلات أيا كانت صيغتها.
وكما من داخل زنزانته سيتابع جورج من السجن الكبير “ويلات وطن” يقع بين ناري الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة والضغوط الخارجية لحصر السلاح بيد الدولة بمقترحات وأوراق لا تزال تخضع للتحليل والتعديل وآخرها بحسب مصادر دبلوماسية للجديد توقف عند الطرح اللبناني أمام المبعوث الاميركي توم براك وما سمعه من رئيس مجلس النواب نبيه بري بالعودة لاتفاق وقف إطلاق النار من دون العودة إلى أفكار براك عن المهل والمراحل.
وهذا الطرح اصطدم بمعارضة دولية وهو ما يفسر تغريدة براك على منصة إكس بأن حزب الله يمثل تحديا لا يمكن معالجته إلا داخل الحكومة مبديا استعداد واشنطن لمساعدة لبنان شرط أن تكون القوات المسلحة اللبنانية هي الجهة الوحيدة المخولة دستوريا بالعمل داخل حدود البلاد.
وكما في السلاح كذلك في الإصلاحات التي اشترطها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام رئيس الحكومة نواف سلام للتحضير لمؤتمر دعم لبنان فأهلا وسهلا بك يا جورج عبدالله حرا في بلد القيود.