من قمة صناع القرار الإعلامي في دبي التي استقبلت جيوش الحبر والخبر ومصانع الرأي العام ثبت لبنان موقفه هذا البلد الذي أنهكته الانقسامات والحروب والوصايات، قرر أن يستعيد نفسه وكلمته، أن يستعيد دولته.
وتلك التزامات اعلنها رئيس الحكومة نواف سلام من فعاليات القمة قائلا إن مشروعنا يقوم على تلازم الإصلاح والسيادة والتحرر من ثنائية السلاح التي كانت تؤدي الى ثنائية القرار وضياع مشروع الدولة الوطنية.
واعتبر ان رؤيتنا للبنان ليست خيالا، بل مشروع واقعي: دولة قانون ومؤسسات لا دولة محاصصة وزبائنية.. سيادة لا ارتهان.
دولة قرار لا ساحة صراعات ولوضع هذا الرسم التشبيهي موضع التنفيذ، فإنه ينتظر اطلاق اليات يتقدمها السلاح والاصلاح.
واذا كان الاصلاح المالي قد بدأ يشق طريقه الى القوانين فإن السلاح لم يعثر على طريقه بعد، وهو واقع بين مهل اميركية بصفة معجل مكرر وتمهل لبناني لا يزال يدرس المخرجات.
واكثر من اي وقت مضى ربط الثنائي علاج السلاح بإعادة الاعمار، وكشف الرئيس نبيه بري للنهار أنه وكتلته النيابية سيسارعان إلى رفع الصوت، ليس من باب الضغط على حكومة الرئيس نواف سلام فحسب، بل لحض كل المعنيين على بذل جهد أكبر وعدم الغرق في ترف الوقت، إذ لم تلمس بعد أي مبادرة في هذا الخصوص وأدرج بري تحذيرا اخيرا للمسؤولين في الدولة من “الانصياع” للشروط الأميركية والتفرج على الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة وعدم التعامل مع ملف الإعمار ب”الجدية المطلوبة.
وفي المقابل فإن الاميركيين أنفسهم يحذرون لبنان من إهدار الفرص الاخيرة وبقائهم خارج الحلول ومواعيدها واستنزاف الوقت وعدم التقدم بملف السلاح المطلوب سحبه من دون قيد او شرط وهو ما ستحمله الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس في الزيارة المؤجلة، وستعيد طرح اللحاق بالقطار السوري والذي كشف اليوم عن تطور جديد في ملفه ووفقا لوكالة رويترز فإن إسرائيل وسوريا على اتصال مباشر وعقدتا في الأسابيع الأخيرة اجتماعات وجها لوجه.
ومثل الجانب السوري المسؤول الأمني الكبير أحمد الدالاتي الذي عين محافظا للقنيطرة ومع تزخيم التواصل السوري الاسرائيلي، زخم أوسع لولادة مشروع حل الدولتين قبل الشروع في أي طرح للتطبيع مع اسرائيل ومؤتمر السابع عشر من حزيران تحت رعاية الامم المتحدة في نيويورك سيسير عجلات حل الدولتين وسط دفع دولي وعربي ورفض اسرائيلي وعدم اعتراض اميركي.
ويترافق ذلك مع سلسلة مواقف غربية غير مسبوقة توجه الإدانات لاسرائيل لارتكابها الإبادة والتجويع في غزة…
واللافت ان المانيا احدى اشهر مناصري اسرائيل في الحرب بعد اميركا انتقدت حكومة بنيامين نتنياهو، وقال مستشارها فريدريش ميرتس إنه لم يعد من الممكن اعتبار محاربة إرهاب حركة حماس مبررا لحجم الأذى الذي يلحق بالسكان المدنيين… وعند تجاوز الحدود، إذ ينتهك القانون الدولي الإنساني بالفعل، فعلى ألمانيا أيضا، وعلى المستشار الألماني أيضا أن يقول شيئا حيال ذلك.
