أصيبت جلسة الخميس بنيران الثلاثاء. وأطلقت الرباعية الوزارية الشيعية “حركة تصحيحية” داخل مجلس الوزراء للعودة عن قرار حصر السلاح ضمن مهلة تنتهي بانتهاء العام الجاري وإعطاء الأولوية لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في تشرين الثاني الفائت.
فجرت ورقة توم براك الجلسة إذ رفض وزراء الثنائي الانتقال إلى النقاش فيها قبل تصحيح قرار الثلاثاء وطالبوا بمزيد من الوقت لدراسة الورقة بشكل كامل ومعمق بحسب الوزير محمد حيدر, في حين قال الوزير فادي مكة إن الموقف صعب وعملت منذ البداية على تضييق الفجوات بين جميع الأطراف لكن لم أنجح.
أضاف: غادرت الجلسة بعد مغادرة زملائي ولم يكن القرار سهلا ولم استطع تحمل مسؤولية اتخاذ قرار بهذا الحجم في ظل غياب مكون أساسي عن النقاش في المقابل لم تفلح مساعي رئيس الجمهورية جوزاف عون في ثني وزراء الثنائي عن قرار الانسحاب وتسجيل اعتراضهم في محضر الجلسة, إلا أن المحاولة باءت بالفشل فوقع المحظور وفقدت ميثاقيتها ورفعت الجلسة إلى فترة استراحة قبل أن يعود مجلس الوزراء ويقر أهداف الورقة الأميركية بعد انسحاب الوزراء الشيعة وبإجماع الوزراء الباقين.
وبحسب مصادر مقربة من حزب الله فإن كل السيناريوهات باتت مطروحة بالتصعيد سياسيا بعيدا عن التكهنات والأهم بعيدا عن الشارع. ربط الانسحاب برفض مناقشة ورقة توم براك قبل تصحيح الموقف.
في جلسة الثلاثاء يضع الحكومة في مأزق الانقسام في وقت يتطلب وحدة الموقف لمواجهة ما تتضمنه الورقة الأميركية من خلل في التوزان بين تهديد لبنان بالعقوبات وبين الاكتفاء بتوبيخ إسرائيل.
ومن هذا المنطلق وبين المر والأمر اختار مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية وبأغلبيته حصر السلاح بيد الدولة وما كان هذا القرار ليمر لولا التنسيق الثلاثي وضمنا عين التينة وهو استند إلى الثقة الممنوحة لخطاب القسم والبيان الوزاري, وشكل هذا القرار مظلة حماية للبنان من التهديدات الإسرائيلية التي تخطت حزب الله إلى البنى التحتية للدولة اللبنانية, وجنب لبنان مزيدا من العزلة والحصار في ظل الضغوط العربية والغربية والدولية.
وكان أفضل الممكن في ظل عدم تكافؤ القوة والدعم مطلق اليد للعدو الإسرائيلي في استباحة السيادة اللبنانية للبنان الحق في اللجوء إلى اتفاق الطائف الذي يقر بحق المقاومة وتحرير الأرض, لكن لكل زمن مقاومته.
وفي الزمن الحاضر يطرح السؤال إلى متى ستتحمل البيئة الشيعية تحديدا وزر المراحل؟
وما هي خطة الحزب للنزوح ومتفرعاته في حال تمسك برفضه القرارات الحكومية واعتبارها غير موجودة وإقدام العدو الإسرائيلي على توسيع اعتداءاته على لبنان؟.
وأمام هذه المعضلة فلتترك الأمور ولو لمرة واحدة بيد الدولة والمؤسسة العسكرية نزولا عن مطلب غالبية اللبنانيين ولتستعد الدولة هيبتها وسلطتها وتبسط سيطرتها على جميع الاراضي اللبنانية بقواها الذاتية بحسب خطاب القسم والبيان الوزاري فالدولة ومعها الثنائي تقف بين فكي كماشة ولبنان أصبح “ملطشة ” للشرق والغرب وزاد “الطين بلة”.
دخول الإيراني على الخط ليجعل من لبنان صندوقة بريد وتبادل رسائل مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية, الدخول الإيراني بذراعيه الدبلوماسي وفيلق القدس على خط السلاح يثبت أن الجمهورية الإسلامية ربطت لبنان بحبل فيينا السري كأداة ضغط لعودة التفاوض الإيراني الأميركي على الملف النووي, كل الطرق تؤدي إلى “فيينا” ومنها إلى تفكيك العقد وسط عالم مأزوم.
ومنطقة بلا خرائط يعيش لبنان حالة انقسام حد الانفصام في مشهد مربك ومشتبك تقاطعت فيه الأزمات السياسية والأمنية بالاقتصادية والاجتماعية في وقت تواصل فيه إسرائيل عدوانها وآخر فصوله سلسلة اغتيالات بمسيرات نهارا بعد حزام ناري عنيف هز ليل الجنوب.