للمرة الأخيرة اليونفيل باقية وتمددت على أرض الجنوب بالثلث الضامن وبموافقة “الثنائي” المعطل سارت الولايات المتحدة بركْب التمديد، ومعها إسرائيل التي بقيت حتى اللحظة الأخيرة تطالب بحل القوات الدولية.
وبأغلبية خمسة عشر صوتا من أصل خمسة عشر صوت مجلس الأمن على التمديد لقوات اليونفيل العاملة في جنوب لبنان لعام إضافي من دون تعديل في المهام سارت الرياح الدولية بما تشتهي المراكب اللبنانية.
ولبنان ربح معركة التمديد بالسلاح الفرنسي، ونجحت مساعي الديبلوماسية اللبنانية في وزارة الخارجية واتصالات قصر بعبدا، إضافة إلى الحراك الحكومي لدى مركز القرار في الإليزيه في تحقيق التمديد من دون تعديل مهام قوات اليونيفيل من الحادي والثلاثين من آب 2025 إلى الحادي والثلاثين من كانون الأول 2026، على ان تنهي مهمتها وتعمل على فكفكة مواقعها ومعداتها وتغادر لبنان تدريجيا في نهاية العام 2027.
جنوب لبنان في نيويورك سلك وجهة ثانية تحت فصل سحب السلاح الفلسطيني من المخيمات، “وشهد العالم” على مخيمات البرج الشمالي والبص والرشيدية بفروعها الفتحاوية، وهي تسلم سلاحا ثقيلا ومتوسطا إلى الجيش اللبناني، مع التأكيد أن الخطة ستتمدد إلى كل مخيمات لبنان بحسب لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني.
وما بين الحدثين يستعد لبنان لجلسة الثاني من أيلول موعد تقديم خطة الجيش اللبناني في شأن حصرية السلاح بعد جولات مكوكية للوفد الأميركي انتهت كما بدأت من دون إحراز تقدم في المفاوضات.
بل وعادت الأمور معها إلى مربعها الأول بعدما وضعت إسرائيل العقبة الكبرى أمام التوصل إلى اتفاق.
وفي تأكيد المؤكد شنت اليوم سلسلة غارات جنوبا وبقاعا، وتركت بصمة إضافية على عدم التزامها بتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار ضمن سلسلة استباحة سيادة لبنان واحتلاله من فوق.
وعلى هذا المعدل فإن إسرائيل هي التي أسقطت قرار الحكومة اللبنانية بحصرية السلاح بالضربة القاضية، حين لم تلتزمْ بمبدأ الخطوة مقابل خطوة التي عمل على تسويقها الموفد الأميركي توم براك وشريكته مورغان أورتاغوس، وبتعنتها أفرغت القرار من مضمونه.
وأصبح غير قابل للتنفيذ بالشروط التعجيزية التي تضعها على لبنان ليصبح واقع الحال فقدان الأمل بضغوط أميركية على إسرائيل “وما في أمل” بتقديم المساندة للبنان قبل تنفيذ الشروط الإسرائيلية.
وعليه عادت الأمور إلى “مكانك راوح”، وأصبحت المعادلة: خطوات لبنانية إلى الأمام مقابل خطوات إسرائيلية إلى الوراء.
ومعها أصبح لبنان بين خيارين أحلاهما مر: ضغط الشروط والهجوم المبرمج من حزب الله على قراري الحكومة، في وقت تطلب المرحلة من أولياء السلاح أن يكونوا أكثر واقعية، ويقاربوا الأمور من زاوية المصلحة الوطنية لا المصلحة الضيقة، ويسلكوا أقرب الطرق إلى الحوار والتفاوض مع الدولة ويشكلوا جبهة “إسناد” لها بدل الهجوم عليها.
وعلى قرار لحصر السلاح وضعت إسرائيل تاريخ انتهاء صلاحيته وجب الوقوف وراء الدولة في قراراتها عوض التهديد بالشارع.
والشارع قنبلة موقوتة على شارع مقابل، وعندما تقع الواقعة فإن إسرائيل التي لا يؤتمن جانبها هي المستفيدة الوحيدة من تفجير الساحة الداخلية بالأفخاخ القاتلة.