إلى مشاهد الغارات المؤلمة فإن الأشد إيلاما هو أن ليس لإسرائيل من يردعها ويحد من إجرامها.
وما بين التشرينين بفارق عام على اتفاق وقف الأعمال العدائية سجل العداد آلاف الغارات ومئات الشهداء وتدمير ما سلم من منازل في حرب الستة والستين يوما حتى باتت يوميات اللبنانيين والجنوبيين تحديدا تؤرخ بالمسيرات وبالإنذارات والدوائر الحمر على خريطة الاعتداءات, ومعها لم يعد الليطاني بضفتيه الجنوبية والشمالية هو الحد الفاصل, بل وسعت إسرائيل بيكار العدوان نحو حدود الأولي فاستهدفت ليل أمس عاصمة الشتات وبلا إنذار أغارت على مخيم عين الحلوة ووصلت ليل العدوان بنهاره بسلسلة إنذارات أتبعتها بجولة غارات من الطيران الحربي استهدفت قرى دير كيفا وشحور وطيرفلسيه في قضاء صور وقرية عيناتا قضاء بينت جبيل.
بعد غارة صباحية من مسيرة في بلدة الطيري أدت إلى سقوط شهيد ووحدها العناية الإلهية حيدت باصا يقل طلابا جامعيين عن طريق الموت فأصيبوا بجروح ونقلوا إلى مستشفيات المنطقة على وقع هذا الرعب والإرهاب اليومي يصرف الجنوبيون أعمالهم وأيامهم وعلى مرأى “الميكانيزم” اللجنة الدولية التي تحولت إلى “ناقل الكفر”.
وهنا ناقل الكفر كافر اشتدت أزمة في السياسة فصعدت إسرائيل في الأمن وإن لبست الأزمة في آخر فصولها البزة المرقطة بالحملة الممنهجة ضد المؤسسة العسكرية وقائدها رودولف هيكل إلا أن الجيش اللبناني وتحت ثلاثية الشرف والتضحية والوفاء أثبت أنه ليس “دمية” تحركها أياد داخلية أو خارجية بل يشكل العمود الفقري لاستقرار البلد وينفذ قرارات الدولة حصرا.
وما نص عليه خطاب القسم والبيان الوزاري حول حصرية السلاح وبسط السلطة على كامل الأراضي اللبنانية ويتصرف بمسؤولية وطنية تراعي الواقع اللبناني وتشكل له صمام الأمان وهو ما أكده رئيس الجمهورية جوزاف عون اليوم, إذ قال معزيا قائد الجيش باستشهاد عسكريين(2) خلال ملاحقة تجار المخدرات ان لا شيء سيثني الجيش عن القيام بدوره الوطني لا الحملات المشبوهة ولا التحريض ولا التشكيك من أي جهة أتى سواء من الداخل او الخارج.
ولاقاه على خط مواز رئيس الحكومة نواف سلام في مؤتمر بيروات واحد حيث جدد التأكيد على استعادة قرار الحرب والسلم ووضع البلد على هذه السكة الجديدة ولأول مرة في عمل جاد لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وبقواها الذاتية.
بيروت التي ودعت ضيوف مؤتمرها على أمل استعادة ثقة الدول الشقيقة والصديقة بدليل مشاركة الوفد السعودي الكبير فإنها تمني النفس بحضورها بندا على جدول أعمال القمة الثنائية التي جمعت ولي العهد محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترامب ووضع لبنان على قائمة الحلول وعلى مسار السلام الذي حدده ولي العهد واشترط له حل الدولتين سبيلا لا كما يريده بنيامين نتنياهو.
اتفاقات أمنية بغطاء ابراهيمي يتيح له التجول كيفما ومتى شاء كما فعل اليوم ففي خطوة غير مسبوقة قام برفقة وزير حربه ورئيس أركان جيشه بجولة في الجنوب السوري كان الجولان فيها ميدانا مهدى ممن لا يملك لمن لا يستحق.