“هي فوضى”… إستعارة مجازية لمصطلح لا يليق بالديبلوماسية ولا بمقام قائله كممثل لدولة عظمى؟ أم أنها “غريزة” التفوق والتعاطي من فوق ليس مع الحضور الصحافي والإعلامي الذي بادل الإهانة بالصمت وإنما مع منبر رئاسي يمثل رمز الدولة وصورتها وصوتها.
كل اللبنانيين كانوا بانتظار نافذة أمل وكلام في السلاح ورد آت من وراء الحدود يضع الأمورعند محطة الخطوة المقابلة بعد إقرار الحكومة اللبنانية حصرية السلاحوإذ برصاصة قاتلة أتت على شكل عبارة خرجت ليس من شخصية دبلوماسية وإنما على لسان أحدى شخصيات “ابن المقفع” بأن “التزموا الصمت”.
“وفي اللحظة التي يصبح فيها الوضع فوضويا حيوانيا…. سنرحل” جملة قالها السفير توم براك بعد لقائه رئيس الجمهورية أهانت الجسم الإعلامي وأصابته بمقتل غير مسبوق وأثارت عاصفة من الانتقادات والردود الغاضبة واستدعت بيانات من أولياء الأمر الرئاسي والصحافي طالبت براك بالاعتذار عما فعل وقال… وصولا إلى التلويح بمقاطعة زيارته ما لم يعتذر.
وإذا كان كلام براك المباشر نحو الصحافة بهذا المستوى فكيف ينظر إلى من يلتقيهم في أروقة المقار؟
وبأي لهجة يتوجه إليهم؟
وبين “الفجوة” الديبلوماسية و”الفوج المجوقل السياسي” انقسمت خلية الوفد الأميركي على نفسها فتقدم المشهد جناح السناتورز بقيادة “البلدوزر” ليندسي غراهام القادم برؤوس نووية حامية هدد بها غزة ذات يوم.
وبالموقف الحاسم أعلن أنه من دون نزع سلاح حزب الله ستكون مناقشة الانسحاب مع إسرائيل بلا جدوى.
وبلسان بنيامين نتنياهو قال: عند نزع السلاح يجب على نتنياهو النظر الى لبنان بطريقة مختلفة وإسرائيل لن تنظر إلى لبنان بطريقة مختلفة إلا إذا قام لبنان بأمر مختلف.
وبأدوات الشرط والاستثناء خلط غراهام الأوراق وعقد الأوضاع وأعاد الأمور إلى النقطة صفر وبدل الصوت الواحد حظيت إسرائيل بصوتين أعاد توم براك ومرافقته مورغان أورتاغوس في أحدهما الأزمة إلى مرحلة الاقتراحات والاقتراحات المضادة ومعها عودة إلى المربع الأول بخطوة مقابل خطوة جديدة جرى من خلالها تسويق معادلة انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس والحدود مقابل خطة الجيش.
وطمأن براك إلى أنه لا يتحدث عن نشوب حرب وإنما عن كيفية إقناع حزب الله بالتخلي عن سلاحه للبدء بحقبة من السلام والرفاهية مرتبطة بالمنطقة العازلة غير المأهولة والخاضعة لسياسة الدمار الشامل بانتظار ترسيم خطوط قربها وبعدها عن الحدود.
جال الوفد الأميركي بفرعيه على كل المسؤولين المعْنيين بالحل والربط باستثناء كليمنصو التي قصدها براك للقاء وليد جنبلاط بلا مورغان بمفعول رجعي عن اشتعال الجبهة بين الطرفين بسلاح التغريد حين كتبت على منصة “إكس” “المخدرات مضرة وليد” وعلى المنصة ذاتها نشر جنبلاط صورة للوحة تحمل عنوان “الجندي والموت” مرفقة بعبارة “الأميركي القبيح”.