من العراق إلى لبنان، وصل أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني. هل هي صدفة أن يجمع البلدين في جولة واحدة؟ على الأرجح ليست كذلك، فالبلدان كانا أمنيا، وإلى حد ما سياسيا، تحت جناح النفوذ الإيراني، الذي ساهمت الحرب الإسرائيلية على لبنان، كما على إيران، في إضعافه.
ولعل مما قاله لاريجاني من أن بلاده تدعم قرارات الحكومة، بشرط أن تكون منسقة مع المقاومة، يفسر رفض طهران قرار حصر السلاح بيد الدولة، ويأتي استكمالا لارتفاع سقف الخطاب الإيراني أخيرا، وتقاذف التهديدات بينها وبين إسرائيل، وما بينهما من توقيع اتفاقية أمنية إيرانية – عراقية، لم تعرف ماهيتها بعد، وإن كانت تظهر ما تسعى إيران إلى إثباته: شوكتنا في المنطقة لم تنكسر.
ولكن في المقابل، وخلال استقباله في قصر بعبدا، كان رئيس الجمهورية جوزاف عون واضحا في رفضه التدخل الإيراني، من بوابة رفض “أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة أتى”، بعدما “دفع الجميع ثمنا غاليا للاستقواء بالخارج على اللبناني الآخر في الداخل”، وأن “الدولة اللبنانية وقواها المسلحة مسؤولة عن أمن جميع اللبنانيين من دون أي استثناء”.
لاريجاني الذي استقبل شعبيا أمام المطار، كان صوته مرتفعا في عين التينة. وهو أعلن أن “من يتدخلون في شؤون لبنان، هم من يملون الخطط والمواعيد النهائية”.
وقبيل أيام من وصول المبعوث الأميركي توم براك إلى لبنان، قال إن “إيران لم تأت بورقة إلى لبنان، بل الأميركي هو من فعل ذلك”. لتكون النتيجة، أن لاريجاني، جاء مقدما الدعم للمقاومة، من دون أن يتطرق إلى مسألة السلاح في تصريحاته العلنية، أو في لقائه مع رئيس الجمهورية، على ما تؤكد مصادر مطلعة.
وإذ اكتفى بزيارة بروتوكولية إلى رئيس الحكومة نواف سلام، سمع فيها كلاما واضحا عن أن قرارات الحكومة اللبنانية لا يسمح أن تكون موضع نقاش في أي دولة أخرى، غادر لاريجاني لبنان، فيما سيبقى ملف السلاح حاضرا، وسيكون محور مقابلة يجريها رئيس الجمهورية مع قناة العربية غدا.
كما يتوقع أن يشهد مجلس الوزراء، فور عودته من إجازته، مناقشة خطة الجيش لسحب السلاح. فهل يحضرها الوزراء الشيعة، كما حضروا جلسة اليوم، التي تضمنت بنودا عادية، سيستكملون مناقشتها غدا؟ لننتظر.

