لم تكد طائرة البابا لاوون الرابع عشر تحط على مدرج مطار رفيق الحريري الدولي، حتى قرعت اجراس الكنائس في مختلف ارجاء لبنان، وحتى انهمر المطر الغزيز في بيروت ومناطق كثيرة أخرى. هكذا فان بابا السلام تحول ايضا بابا الخير والبركة، لبلد يتوق منذ زمن بعيد الى خير السماء. فالثلاثون من تشرين الثاني 2025 يومٌ عظيم، وحدثٌ إستثنائي، ومحطةٌ تاريخيّة في تاريخ لبنان تُسجِلُ بدايةَ أولِ رحلةٍ خارجية رسمية يقومُ بها البابا لاوون الرابع عشر الى الخارج. لكن أهم من الزيارة في ذاتها الكلمةُ المؤثرة والمعبرة التي القاها في قصر بعبدا. فاذا كان البابا لاوون الرابع عشر بدأ ولايتَه البابوية بثلاث كلمات هي: السلام عليكم جميعا، فانه وضع كلّ زيارتِه التاريخية الى لبنان تحت شعار: طوبى لفاعلي السلام. والواضح ان كلمة السلام التي تردّدت اكثر من 20 مرة في خِطاب الحبر الاعظم ترسم المسارَ الذي يُراد للبنان ان يسلكه في المستقبل.
وقد تقاطعت كلمةُ رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الى حد بعيد مع كلمة لاوون الرابع عشر، اذ انهى عون كلمتَه بعبارتين لافتتين: “عاشت المحبة”، “عاش السلام”، وذلك قبل ان يصل الى عبارة عاشَ لبنان، ما يؤشرُ الى طبيعة المرحلةِ المقبلة إن في لبنان أو حتى في المنطقة. فاذا كانت زيارةُ البابا يوحنا بولس الثاني في العام 1997 شكلت مساحةَ رجاءٍ للمسيحيين لتخطي احباطِهم واستعادةِ ثقتهم بانفسهم وبدورهم، واذا كانت زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر في العام 2012 هي لتوقيع الارشاد الرسولي وللدعوة الى الحفاظ على التوازن الدقيق بين الطوائف، فان زيارة لاوون الرابع عشر هي لتعزيز ثقافة السلام ولتشجيع لبنان واللبنانيين على السير في حركية التاريخ لا البقاء خارجها وعلى هامشها. البداية من القصر الجمهوري، أول محطة للبابا لاوون الرابع عشر خلال زيارته الى لبنان.

