وفي اليوم الثالث… غادر! لكن زيارة البابا لاون الرابع عشر بمحطاتها المفصلية وابعادها المتعددة ستبقى حاضرة في وجدان اللبنانيين وعلامة فارقة في تاريخهم. . وهو أمر غير مستغرب، طالما انها زيارة لرأس الكنيسة في العالم، ولأنها تأتي في سياق تطورات مصيرية وكبيرة يعيشها لبنان وتعيشها المنطقة. وبعيداً من المشهديات اللافتة واللحظات المؤثرة التي طبعت الرحلة في ايامها الثلاثة، فان الزيارة حققت ثلاثة امور. الاول التأكيد ان لبنان ليس تفصيلا صغيرا على خريطة العالم. فبعكس مساحته المحدودة ، وبعكس ما يعانيه اليوم على صعد كثيرة، فان النظرة الى مستقبل لبنان من وجهة نظر دولية ايجابية جدا. اي ان هناك رهانا على دور كبير للوطن الصغير انطلاقا من تعدديته الطائفية ومن موقعه الجيوستراتيجي المهم. الامر الثاني: الوجود المسيحي في لبنان. فزيارة الحبر الاعظم اتت لتعطي جرعة دعم للمسيحيين في لبنان ولتدعوهم الى الالتزام اكثر بلبنان، والتشبث بوجودهم فيه، وخصوصا مع ما اصاب الوجود المسيحي في معظم كيانات الشرق وبلدانه. وهذا يعني ان الفاتيكان والعالم يريدان للمسيحيين ان يستنهضوا دورهم من جديد وان يكونوا شهودا للحق والحقيقة. ولذلك رأى لاوون الرابع عشر ضرورة ان يضع مسيحيو لبنان مستقبلهم امام الله داعيا اياهم الى الثبات في رجائهم. الامر الثالث والاخير: الكلمة – المفتاح لقراءة زيارة البابا هي كلمة السلام. فخليفة بطرس على كرسي روما أتى مبشرا بالسلام، داعيا اللبنانيين من مواطنين ومسوؤلين الى تحقيقه. وهو قال في حديث صحافي انه اطلع على رسالة حزب اليه ، كاشفا ان هناك اقتراحا من الكنيسة بان يترك الحزب السلاح ويسعى للحوار. في الخلاصة: ايام تاريخية عاشها لبنان، واجمل ما فيها قول الحبر الاعظم للبنان: قم وانهض وكن نبؤة سلام في المشرق. فهل سنكون على قدر نداء البابا وانتظاراته منا؟
