خلف نعشين لأمينين عامين سابقين سار جمهور حزب الله. فبعد حوالى خمسة اشهر على اغتيال حسن نصر الله وهاشم صفي الدين تقرر التشييع اليوم. ولأن السيد حسن نصر الله تسلم قيادة الحزب اكثر من 32 عاما، فان التشييع لم يكن تشييعا لرجل فقط، بل بدا تشييعا لمرحلة تاريخية كاملة. في الشكل، المشهد كان متوقعا بشكل أو بآخر. اي ان العدد لم يتجاوز سقف التوقعات وبالتالي لم يكن مليونيا كما روج البعض, فالجميع يعرف ان الحزب يملك قاعدة جماهيرية كبيرة، يستطيع تحريكها متى شاء. لكن اللافت ان التمثيل السياسي كان ضعيفا. حتى ان حلفاء سابقين للحزب آثروا النأي بانفسهم عن مراسم التشييع، فيما بدا تمثيل بعض القوى السياسية والاحزاب وكأنه لرفع العتب لا اكثر ولا اقل. اما الوفود التي قيل إنها ستأتي من كل العالم للمشاركة في التشييع فلم يظهر منها الا وفود من ايران والعراق واليمن و من فلسطين.
مقابل الحضور الرسمي والشعبي لحزب الله على الارض فان اسرائيل حضرت في الجو على مراحل ، ان فوق مدينة كميل شمعون الرياضية او فوق الضاحية, ووفق وزير الدفاع الاسرائيلي فان القصد من ذلك نقل رسالة واضحة بأن من يهدد بتدمير اسرائيل ويهاجمها هكذا ستكون نهايته, كما حضرت اسرائيل بقوة من خلال غارات على الجنوب والبقاع. لكن بمعزل عن التصعيد الاسرائيلي قولا وفعلا ، فان خطاب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم جاء محملا بالايجابيات. صحيح ان النبرة الخطابية طغت ، وان كلمة قاسم تضمنت شعارات شعبوية ومبالغات حماسية وذلك للتأثير في الجماهير.. وصحيح ايضا ان قاسم جدد البيعة بشكل او بآخر للولي الفقيه علي خامنئي.. لكن الصحيح ايضا ان قاسم تحدث عن استمرار المقاومة ولم يتحدث عن الاحتفاظ بالسلاح، بل ربط الامر بوجود استراتيجية دفاعية للبنان. والاهم ان قاسم قال إن لبنانَ وطنٌ نهائي لجميع ابنائه، وإن حزب الله من ابنائه . وانطلاقا من هذه المسلمة اعلن قاسم ان الحزب سيسشارك في بناء الدولة القوية وذلك تحت سقف الطائف، وان الحزب حريص ايضا على الوحدة الوطنية والسلم الاهلي. لذلك ختم كلمته، في الشق السياسي منها ، بأنه في البلد لا يوجد لا رابح ولا خاسر وان على الجميع التنافس لخير البلد. فهل يكون الثالث والعشرون يوما تأسيسيا بالنسبة الى حزب الله، بحيث يطوي فيها صفحة أليمة اثرت على علاقته بمعظم اللبنانيين وبالمجتمعَين العربي والدولي؟ وهل نحن امام حزب بخيارات وتوجهات جديدة وتكتيكات مختلفة؟ الإجابة للأيام المقبلة.
