هو يوم الوداع الكبير… حضروا…في عيونهم غَـيمٌ كثيف يُـمطِـرُ على الخدود وفي صدورهم كلماتٌ ذابلة لأنها لم تُسٍقَ بماء البَـوْح قبل الوداع…
برودةُ الطقس لم تحجُبْ حرارةَ القلوب…في بيروت ليس كل مغيب غروب…
عربدة الطيران الحربي الإسرائيلي في سماء المراسم لم يرفّ له جفن من جفون المشيعين على الأرض. كما أن هديلَ الحَـمام لا يعني السلام وكما أن العَزاءَ ليس خاتِـمةَ الأحزان كذلك فانَّ الصمتَ في حضرة الإستشهاد لا يعني انحسارَ الصوت الذي سيَبقى يَصْدَحُ بنَبرة حرة أبية في صحراءِ ظلم كلِّ طاغوت: هيهات منا الذلة.
طُوفانٌ بشري شهدته العاصمة في يوم تشييع الأمينين العامين لحزب الله السيدين الشهيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين
وهناك وقف رئيس مجلس النواب نبيه بري ولسانُ حالِه للسيد نصرالله: ثلاثةٌ وثلاثون من العُمرِ سويّاً…انتَ منا ونحن منك ولم يَحُلْ بينَنا أثقالُ جبال…
الرئيس بري حضر بالأصالة عن نفسه وممثلاً أيضاً رئيس الجمهورية جوزاف عون فيما تمثل رئيس الحكومة نواف سلام بوزير العمل محمد حيدر.
أما الحشود الشعبية فجمعت المدّين الأصفر والأخضر وفجرت حزنها المؤجّل مشاركة كثيفة وزحفاً في كل جهات لبنان… من الجنوب والبقاع والشمال والجبل ومن العاصمة وضاحيتها الجنوبية.
وقد ضاقت بالحشود الطرقات والساحات والمساحات داخلّ مدينة كميل شمعون الرياضية وخارجها. وأحيطت فعاليات التشييع الضخم بإجراءات مشددة اتخذها الجيش اللبناني والقوى الأمنية على الأرض شاركت فيها طائرات مسيّرة.
أما العدو الإسرائيلي الذي لا يقيم وزناً لحرمة الموت فقد مارس بائساً سياسة التشويش والترهيب للحؤول دون المشاركة الواسعة في تشييع السيدين نصرالله وصفي الدين. وفي هذا السياق أرسل طيرانه محلّقاً على علو منخفض في سماء العاصمة والضاحية الجنوبية فيما كانت مناطق في الجنوب والبقاع وجرود الهرمل أهدافاً لغارات معادية.
وخلال التشييع أكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن المقاومة باقية واشار إلى أن عدم انسحاب العدو الإسرائيلي من المواقع الحدودية الخمسة هو احتلال وقال إننا سنمارس المقاومة بالأساليب والتوقيت بما ينسجم مع المرحلة.