ها قد بَلَغَ الشوق أَشُدَّهُ وَبَلَغَ سبعةً بعد أَربعين. هكذا تتسع خريطة الشوق في جغرافيا الروح والأمل والوطن ولا نوصد أبواب الإيمان بعودة المغيبين. أَتقنوا التغييب وأَدْمَنّا الحَنِيِن.. وكلٌ منّا باقٍ على ما ھو عليه رغم طول السنين. حسبُنا أن صدر الوطن ما زال يخفق رغم مواراتِه خلف أضلع الأنين. في الغياب يزحف نهجه إلينا بفكره وسكونه وثورته ويفتعل داخلنا ضجيجاً يوقظ في الوطن والأمة كلّ النائمين.
وبعكس الطبيعة، يُصبح الغائبُ المغيّب هو الأكثر حضوراً مع دفء يمنع جليد الغياب من التراكم أو الثبات ولا يخفت وهجُه و لو لبُرهة أو لحين. ما زلنا نحنّ إليه نفتّش عن شيء منه نسافر إلى عهده ووعده الجميل بالعودة، وهذا في أمة الإنتظار يقين.
ما زال الوفاء يقف عائقاً بيننا وبين النسيان، لكن يبقى أجملُ ما في الوفاء، أنّه لا يطير بنا إلّا إليك يا إمام المحرومين. تبقى الذكرى تلتصق بكلّ ما يتصل بعِمامتك وعباءتك ومحرابك… بكلّ الساحات التي أقسمت خلفك وبحامل أمانة لا نسيان يُجدي معه الى أبد الآبدين.
مازال الوطن يتلمس درب الخلاص من الصدر السجين الى النبيه الأمين ومعه … حَفِظْنا الوصية… أمضينا العمر في عشق لبنان: بحرِه برِّه.. سيفِه والقلم والعلى والعلم.
في مدرستك تعلمت الأجيال أن لبنان الوطنُ النهائي… وَوَقَف أستاذ يشرح الدرس نفسَه في كل مفصل ومحطة… يعالج المعضلات بحوار ويُطفئ نيران الإنقسامات بإقتدار. فإلى اللقاء مع حفظ الأمانة… والأمانة لبنان.
وفي الذكرى السابعة والأربعين ينتظر اللبنانيون وكثيرون من غير اللبنانيين الكلمة الفصل التي يلقيها حامل الأمانة، رئيس حركة أمل، رئيس مجلس النواب نبيه بري غداً الأحد.
وفي الكلمة المتلفزة حديثٌ عن قضية الإمام والتغييب وعن الهموم والتطورات في لبنان والمحيط.
أما معظم هذه الهموم فمنشأها العدو الإسرائيلي الذي يُفْلت من أي اتفاقات والتزامات في غياب الضغوط عليه ولا سيما من الجانب الأميركي، وهو الأمر الذي بدا فاضحاً في الزيارة الأخيرة للوفد الأميركي إلى بيروت.
ومن المعلوم أن ملف حصرية السلاح سيحط على طاولة مجلس الوزراء الجمعة المقبل، من باب مناقشة الخطة التطبيقية التي كُلف الجيشُ اللبناني بوضعها.
وفيما تجري المحاولات لتطويق السلاح المقاوم في لبنان، كان هذا السلاح يسطّر ملحمة بطولية في مدينة غزة.
فالمدينة المحاصَرة التي بدأ جيش الإحتلال خطواته العملانية التمهيدية لاحتلالها وتهجير سكانها، قلبت الطاولة على رأس العدو وتحولت على مدى ساعات الليلة الماضية إلى كمين كبير له، سقط فيه جنود إسرائيليون قتلى وجرحى ومفقودين قد يكون بينهم من وقع في الأسر.