عام 1983، شكل اتفاق 17 ايار وفق مؤيديه، محاولة لسحب الجيش الاسرائيلي من لبنان، بعدما وصل الى مشارف بعبدا خلال اجتياح 1982. لكن، بغضِّ النظر عن الموقف من مبدأ الاتفاق مع اسرائيل، او من مضمون النص المذكور، واذا وضعنا جانباً الموقف السوري السلبيي يومها من الوثيقة، وانقلاب مواقف افرقاء ونواب لبنانيين كثر من ضفة الى اخرى، يبقى ان المعطل الاول لتنفيذ اتفاق 17 ايار كان اسرائيل نفسها، التي ربطت تنفيذه، ومن خارج النصوص، بشروط عدة منها الانسحاب السوري الذي كانت تدرك جيداً أنه لن يتم.
فحقاً، ما أشبه أمس باليوم: اتفاق لوقف الاعمال العدائية يتم التوصل اليه في تشرين الثاني 2024. وعلى رغم أنه نصاً وروحاً يصب في اطار المصلحة الاسرائيلية كترجمة لنتائج حرب الاسناد، الكيان العبري لا يلتزم، فلا ينسحب ضمن المهلة الاساسية او الممددة، ويواصل احتلاله واعتداءاته، على رغم التزام واضح من جهة لبنان. وكما بالنسبة الى اتفاق وقف النار، كذلك حول ورقة توم براك التي اقرتها الحكومة اللبنانية بقرار اثار كثيراً من الجدل الداخلي، ولقي ترحيباً عارماً من الولايات المتحدة خصوصاً.
ولكن، مرة جديدة، تجهض اسرائيل الاتفاق، او على الاقل هذا ما فُهم اليوم من تصريحات نائب رئيس الحكومة طارق متري، الذي اوضح ان ما اتى به الاميركيون من اسرائيل لم يرقَ الى مستوى الموافقة، وبما ان الورقة الاميركية-اللبنانية تنص على وجوب موافقة اسرائيل كما سوريا عليها لتطبق، فالموقف الاسرائيلي يضع لبنان في حِلٍّ مما اقرته الحكومة في 5 و7 آب الجاري.
فماذا بعد كل هذا التطورات، ولماذا تم تأجيل جلسة مجلس الوزراء من الثاني الى الخامس من ايلول؟ والاهم، ماذا سيعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري الثالثة من بعد ظهر الغد في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه؟
لا جواب الا حبس الانفاس. فصحيح ان عقارب الساعة لا تعود الى الوراء وان التاريخ لا يعيد نفسه كما يتوهم البعض، غير ان تجربة الثمانينات لا تزال ماثلة في الاذهان. فكيف اذا كان ما يجري اليوم، يا محلى 17 ايار.