Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم الاثنين في 25/05/2020

المفارقة الكبيرة في هذه الأيام، أنه في ظل أزمة اقتصادية، مالية واجتماعية غير مسبوقة، وانهيار يقترب من الانتحار، تخرج إلى العلن ومن دون مقدمات معللة ومبررة، مسألة طرح نظام سياسي جديد للبنان، أو تغيير النظام الحالي، أو في أحسن الأحوال عدم الابقاء على القديم الذي كان منذ مئة عام تاريخ لبنان الكبير، أو لبنان 1943 والميثاق الوطني، أو 1989 والطائف المطلوب غير المرغوب ولا المحبوب.

غطى الطائف، ولثلاثين عاما، ثغرات وعورات، نقائص ونقائض، ستر عيوبا، ملأ جيوبا وفاض ذنوبا.

اليوم وبعد فساد أسوأ من الجراد، واستهتار قاد إلى الانهيار، وسعدنات وبهلوانيات وهندسات أفلست البلاد، يأتي اليوم وبعد 20 عاما على التحرير والإمساك بالمصير، من يعيد طرح المقولة الممجوجة: هونغ أو هانوي، غزة أو دبي، الازدهار أو الانحدار. أن تكون تابعا أو تصبح جائعا، كلها طروحات خذلان في برية وغابة يلعب فيها متجبر متكبر دور القناص، وهو في سريرته وقرارته أجبن من الأرنب وأسرع في الهرب من الغزلان.

الأزمة كبيرة وخطيرة، ولا تقف عند حدود معالجات ومسكنات. الوضع استثنائي ولا يقف عند حدود مخارج عادية بل دراماتيكية ربما.

البعض يعيد نبش طروحات سقطت مثل الفديرالية، ويعيد إحياء عظام ديمقراطية عددية وهي رميم. والبعض يتمسك بصلاحيات في الكتاب، والنص طيرها في مجالس الهزء والهزل والهزالة. وآخر يحكي عن طائف عائم على الفئوية وغارق في النكد والحسد والكيدية. البلد في جوع وعوز وفاقة وفقر لم يشهد مثلهم منذ مئة عام. واليوم يأتيك بالأخبار من لم تزود: نظام سياسي جديد أو تغيير نظام وتشويش للرأي العام.

في الذكرى العشرين لعيد المقاومة والتحرير، هناك من يتحدث بخبث وجبن وحقد مكبوت ونفاق معلن وكراهية لا قعر لها، عن مسؤولية المقاومة في الأزمة التي نعيش. هم أنفسهم الذين مكروا وكذبوا ونهبوا وغنموا واستباحوا الدولة، ما فوقها وما تحتها، وغرفوا من خزائنها وجرفوا أملاكها وسطوا على مؤسساتها. اليوم وبعد 30 عاما، يغسلون أيديهم القذرة بماء العقوبات، ويدلون بالاصبع على شرفاء وشهداء دفعوا الأرواح والدماء ليكون لنا تحرير، وتكون لنا كرامة، ويرتفع لنا اسم بين الأمم، بعدما قاتلوا طويلا على ناصية الشرف وانتصروا.

اليوم يتذاكى ويتباكى ويتفلسف البعض، بأن الحل هو بتنحي المقاومة جانبا فتنتتهي الأزمة. هذه يسمونها سخافة العصر وتفاهة القرن.

يقترع “سيدر” الفرنسي وصندوق النقد الأميركي على ثياب المصلوب اللبناني في البر، ويخوضان معركة الغاز والنفط والنفوذ والحظوظ في البحر. ويطلع عليك الزجالون والندابون بأكذوبة تقارع الأعجوبة عجز مسيلمة الكذاب عن الاتيان بمثلها، وهي أن العهد والمقاومة وحدهما دون سائر البشر، من آدم حتى اليوم، يتحملان تبعات الانكسار والاندحار والانهيار الذي كانوا هم أبطاله على مدى 30 عاما، عندما كانوا أشباه مسؤولين وأشباح سياسيين وشبيحة صناديق ومدخرات جنى عمر اللبنانيين.

بعد 20 عاما على التحرير الذي أعاد كرامة واسترد أرضا، وأحيا أملا وأيقظ حلما بأن الاحتلال إلى زوال، وأن المستحيل صار ممكنا، وأن حفنة من الأشاوس طردت وأذلت الجيش الاسرائيلي، وما كان يسمى بعبع الجيوش و”باباياغا” الشرق الأوسط، وهو في الحقيقة لم يكن أكثر من “شلعة” جبناء وتجمع مرتزقة.

شهر أيار هذا العام، عيد الفطر وتحية للمقاومة وصلاة لمريم أرزة لبنان في شهرها. أيار شهر الانتصار، فيه نتذكر الشهداء المنتصرين الذين سقطوا لأجل الأرض والعرض والله والوطن، ونحيي الأحياء الفخورين. اليوم نجدد البيعة لوطننا لبنان وحده دون سواه، بالوفاء والولاء، بدم النصر ودمع الفخر. للبنان الكبير بشهدائه ورجالاته وجيشه ومقاومته. بلا فديرالية ولا ديمقرطية عددية ولا تقسيم ولا تجزئة ولا كانتونات ولا وحدة اندماجية ولا تكاملات تذويبية ولا بيداء ولا صحراء ولا ولاية ولا وصاية.

في عيد التحرير والمقاومة، إن ما يسمى الجيش الجبار والشعب المختار قد ولى الأدبار، و”عقبال” الفاسدين وهم أسوأ.