بالمعيار الدستوري، اجراء الاستشارات النيابية الملزمة من صلاحيات رئيس الجمهورية، الذي يسمي رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب، بعد اطلاعه رسميا على نتائجها، بحسب المادة 53 من الدستور.
وبناء عليه، فموعدها يعود إليه، تحديدا أو إرجاء، بحسب المعطيات السياسية التي تتكون لديه، ذلك أن رئيس الدولة في لبنان، حتى بعد الطائف، لن يكون في أي حال من الأحوال مجرد آلة حاسبة لأصوات النواب، بل دوره أساسي في تأمين الظروف الملائمة للتكليف والتأليف، حيث أن مرسوم تشكيل الحكومة يصدر عن رئيس الجمهورية، بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، وفق المادة عينها.
بالمعيار الميثاقي، لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، وفق الفقرة “ي” من مقدمة الدستور، وهذا مبدأ كياني، المس فيه مس بالكيان، وعودة بالزمن إلى الوراء، حين كان التوازن مفقودا والشراكة مغيبة، وهذا ما استدركه مرارا وقبل الجميع، رئيس مجلس النواب، حيث رفض انعقاد جلسات نيابية، في غياب مكون أو مكونات أساسية.
بالمعيار السياسي، كيف يمكن لرئيس حكومة، أيا يكن، أن ينجح إذا كلف بأكثرية ضئيلة، وميثاقية منسية؟ ثم، كيف يمكن لأي حكومة يشكلها أن تحظى بثقة عددية وغطاء ميثاقي؟
أما القول إن حكومة حسان دياب شكلت بثقة ضئيلة وميثاق منسي، فمردود إلى أصحابه، ذلك أن اللبنانيين يذكرون جيدا كم ضاع من الوقت في انتظار سعد الحريري، أو من يسميه، بلا نتيجة.
بالمعيار الإصلاحي، التجارب الفاشلة السابقة لا تشجع، خصوصا أن تباشير المشروع الجديد لا توحي بتغيير، بل بالاستمرار على النهج السابق، ولو تحت مظلة المبادرة الفرنسية هذه المرة، ودور المفوض السامي والPREFET، وهذا ما يستوجب اعادة نظر، اذا كان الهدف فعلا إصلاحيا، لا إصلاحيا في الشكل، وتهميشيا او استئثاريا في المضمون.هذا بالمعايير الدستورية والميثاقية والسياسية والإصلاحية.
أما بالمعيار الوطني، فكل ما يندرج تحت المعايير الأربعة السابقة ينبغي أن يكون قابلا للبحث والتفاهم، فاحترام الدستور مطلوب في انتظار تغييره أو تعديله، وطرح هذه الفكرة بالمناسبة، لم يعد من المحرمات، واحترام الميثاق، يعرف المعنيون جيدا كيف يتحقق، بلا كثير عناء.
اما في السياسة والاصلاح، فليس المطلوب اكثر من احترام عقول اللبنانيين، والباقي سهل…في كل الاحوال، ان يحاول فريق السيطرة على الحكومة، فهذا ما يجب ان يتفهمه اللبنانيون. وان يحاول فريق آخر فرض اعراف، فهذا ما عليهم ان يتقبلوه.اما ان يعترض فريق واسع ووازن على تجاوز الميثاق والاستخفاف بالعقول، فهذا تعطيل مستهجن ودفع بالبلاد نحو جهنم!
هذا هو منطق المعيارين الذي كان يسميه البعض في عهود سابقة صيفا وشتاء فوق سقف واحد، والذي في هذا العهد… لن يكون!