يوم حذفوا اللون الازرق من علم الانتداب الفرنسي على لبنان في مثل هذا اليوم من عام 1943، لم يكن اركان حكومة الاستقلال التي التأمت في بشامون ليخالوا بأن استقلال البلاد الذي سيتحقق في اليوم التالي سيكون قصير العمر الى هذا الحد.
فلم تكد تمضي خمس سنوات، حتى أنشئ الكيان الاسرائيلي في 15 ايار 1948، لتضاف الى الاطماع التاريخية بلبنان ارضا ومياها، اطماع من نوع آخر على ارض لبنان، بعضها سياسي وبعضها أمني بأداة السلاح الفلسطيني الذين تسبب فلتانه في كل لبنان باستهداف الجنوب ثم مطار بيروت، حيث احرقت اسرائيل ثلاث عشرة طائرة مدنية لبنانية كانت جاثمة على ارضه عام 1968، وصولا الى اتفاق القاهرة الشهير الذي شرع اعتبارا من عام 1969، العمل الفلسطيني المسلح انطلاقا من الاراضي اللبنانية.
اما السيادة اللبنانية فتقاذفتها فتح لاند الفلسطينية، واكثر من فتح لاند ميليشوية لبنانية وغير لبنانية بعد اندلاع الحرب عام 1975، قبل أن يتحول لبنان كله الى فتح لاند سورية اعتبارا من عام 1976، في موازاة احتلال اسرائيلي تم دحره عام 2000، لتلوح بارقة أمل تاريخية عام 2005 بانحساب الجيش السوري من لبنان.
غير ان الفرصة سرعان ما اجهضها التحالف الرباعي الذي جمع اركان 8 و14 آذار في حكومة واحدة نقلت لبنان من مرحلة الوصاية الاسدية الى مرحلة تعدد الوصايات العربية والغربية وتضاربها، ومن دون التوصل الى حل لإشكالية سلاح حزب الله التي ظلت في حال ربط نزاع، في ظل حكومات الجيش والشعب والمقاومة والاحجام عن اقرار استراتيجية للدفاع الوطني.
عام 2023 فاجأت حركة حماس العالم بطوفان الدم، الذي شكل ذريعة لاسرائيل لتشن اوسع هجوم على غزة ثم على لبنان الذي دخل في فراغ رئاسي.
ومع انتهاء الحرب الشاملة والتوصل لاتفاق وقف اطلاق النار، أنشأت سلطة جديدة في لبنان، بمهمتين: تطبيق القرار 1701 والاصلاح.
وها هي ذكرى الاستقلال الاولى تحل على اللبنانيين في عهد سلطتهم الجديدة وسط تعثر واضح في المهمة الاولى، وفشل موضوف في المهمة الثانية.
فالسيادة على الارض مفقودة، وسيادة المؤسسات ضائعة، اما سيادة الناس على ودائعهم ففي مهب الريح.
عيد بأية حال عدت يا عيد؟ سؤال شعري بات بمثابة اللازمة التي يكررها اللبنانيون مع كل عيد استقلال. اما الجواب، فبرسم أمة لبنانية مقسمة إلى أجزاء، وكل جزء يحسب نفسه فيها أمة.
