الترسيم بحكم المنجز، والرئيس الذي توقع كثيرون وعملوا كي يصبح معزولا عن العالم وعن شعبه منذ نصف الولاية، بقي محور الحركة السياسية الخارجية المعنية بلبنان، محاطا بشعب هو رصيده الوحيد، ليدخل عهده الرئاسي تاريخ لبنان من الباب الواسع، بعدما أضيف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية إلى إنجازات أخرى تاريخية، بكل ما للكلمة من معنى، بدءا بتحرير مئات الكيلومترات المحتلة من داعش والنصرة، مرورا بتكريس الميثاقية في الحكومات المتعاقبة، وعبر قانون الانتخاب النسبي، فضلا عن اقرار حق المنتشرين في الاقتراع.
أما منظومة الفساد، فالحرب معها طويلة، لكن معركة السنوات الست الأخيرة أفضت إلى انهيارها بالكامل… وكل ما سينشأ من بعدها سيكون أفضل منها، لأنها اسوأ ما يمكن أن يكون، بأشخاصها وادائها، ومن غطاها، ومن تلكأ عن محاسبتها، ومن استفاد منها.
واليوم، لفت لرئيس العماد ميشال عون الى ان الوضع في لبنان تراجع كثيرا، بعدما سقط البلد في هاوية لم تأت صدفة، بل نتيجة اعمال وتصرفات اوصلته الى ما هو عليه اليوم، مؤكدا ان المساعدات التي صرفت للبنان من خلال باريس-1 وباريس-2 وباريس-3 لم تنفع، لسبب اساسي يكمن في عدم تغيير طريقة الحكم، وفي الهدر الذي شاب عمل المؤسسات والادارات.
وتطرق الرئيس عون الى أهمية الاتفاقية التي انجزت في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بعد المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل، مؤكدا أنها ستمكن لبنان من استخراج النفط والغاز، مما سينتشل لبنان من الهاوية التي أسقط فيها، إلا أنه تبقى اليوم تطبيق آلية محاسبة المسؤولين عن سرقة الاموال العامة، الذين كشفت مسؤوليتهم من خلال التحقيق القضائي. وأشار الرئيس عون الى ان انجاز اتفاقية الترسيم هو هدية للشعب اللبناني من مختلف فئاته، من اطفاله الى شيوخه، كاشفا ايضا وفي سياق آخر أنه ابتدأ من آخر الأسبوع المقبل سنشهد بدء إعادة السوريين الى بلدهم، على دفعات، الأمر الذي يعتبر قضية مهمة بالنسبة إلى لبنان.
يبقى اخيرا 12 تشرين الاول. ففي مثل هذا اليوم قبل اثنين وثلاثين عاما، استشهد جوزيف رعد، بعدموا تلقى بصدره رصاصات كان موجهة إلى الجنرال، عشية 13 تشرين. استشهد جوزيف رعد، لكن مسيرة الوفاء للشهداء لم تتوقف، فالعهد معهم لا ينتهي، على عكس سنوات ست، تبدأ في يوم، وتنتهي في آخر، لتستمر الحياة ويبقى لبنان.