IMLebanon

أسئلة مشروعة عن علاقة الأجهزة الأمنية بـ”حزب الله”… (بقلم طوني أبي نجم)

hezbolla-new

 

مما لا شك فيه أن الأجهزة الأمنية اللبنانية حققت وتحقق إنجازات نوعية. والحرب الاستباقية ضد الإرهاب والإرهابيين، وتحديداً الانتحاريين، تُعتبر من أصعب أنواع الحروب والمواجهات، وتعجز عنها الدول الكبرى في أحيان كثيرة.

فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، تمّ اختراقها أمنياً في أكبر عملية إرهابية- انتحارية في 11 أيلول 2001. كذلك تعرّضت دول أوروبية عريقة لعمليات تفجير واهتزازات أمنية أوقعت قتلى وجرحى، وكذلك الأمر في روسيا. وبالتالي فإن تمكن الأجهزة الأمنية اللبنانية من مواجهة إرهابيين وانتحاريين في ظل إمكاناتها التقنية واللوجستية والمادية الضعيفة مقارنة بإمكانات الدول الغربية يُعدّ إنجازا يستحق كل تنويه.

وتعداد الأمثلة لا ينتهي، من إنجاز “الأمن العام” في فندق دي روي الى إنجازات “مديرية المخابرات” على مستويات لا تُحصى الى سجلّ “شعبة المعلومات” في كشف حقيقة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومؤامرة سماحة- المملوك وشبكات العمالة لإسرائيل…

ولكن، وإذا كانت الإشادة سهلة ويزايد الكثيرون فيها، إما تملقاً أو تقرّباً أو لتحقيق مكاسب سياسية، فإن “تأليه” الأجهزة وجعلها معصومة عن الأخطاء أمر خطير جدا ويهدّد بنقل لبنان الى نظام لاديمقراطي وخصوصاً حين تُطرح أسئلة واقعية عن علاقة هذه الأجهزة بـ”حزب الله”.

وتبدو هكذا أسئلة مشروعة انطلاقا من عوامل عدة، وأهمّها:

ـ قرب كبار الضباط الذين تولّوا المسؤوليات في مديرية المخابرات وفي الأمن العام من “حزب الله” والمحور السوري. ويبدو في طليعة هؤلاء الأسماء اللواء جميل السيّد الذي شغل منصب نائب مدير المخابرات في الجيش اللبناني، وكان فعليا “الآمر الناهي” فيها طوال فترة وجوده فيها، قبل أن ينتقل في عهد الرئيس الأسبق إميل لحود ليشغل منصب المدير العام للأمن العام، ليكون أوّل شيعي يشغله، وهو الذي أعلن ولاءه لبشار الأسد الى حدّ أنه رفض أن “يخونه” كما قال بنفسه عندما طلب منه المحققون الدوليون ذلك. ومن بعده رفض الثنائي الشيعي إعادة هذا المنصب الى الموارنة الذين شغلوه قبل “الطائف” وبعده رغم كل مزايدات العماد ميشال عون في هذا الإطار.

ـ ومن بعد جميل السيّد في الأمن العام توالى في هذا المنصب كلّ من اللواء الراحل وفيق جزيني واللواء عباس ابراهيم اللذين اختارهما أيضا وبعناية الثنائي الشيعي، وبقرار مباشر من “حزب الله”.

ـ والمفارقة تكمن في أن اللواء ابراهيم انتقل الى المديرية العامة للأمن العام من منصبه السابق كنائب لمدير المخابرات، تماماً كاللواء السيّد، في ما يشبه العرف الذي يحاول الثنائي الشيعي فرضه على المعادلة اللبنانية.

ـ كما أن كل الضباط الذين يتولون المناصب الحسّاسة في مديرية المخابرات يجب أن ينالوا رضى الحزب ليتم تعيينهم.

ـ ومديرية المخابرات في عهد جميل السيّد هي التي تولّت فبركة كل الملفات والاتهامات التي طالت “القوات اللبنانية” وقائدها الدكتور سمير جعجع، ودبّجت ملفات التحقيق تحت التعذيب والملاحقة والقتل كما حصل مع الشهيد فوزي الراسي في وزارة الدفاع. كما أن عهد السيّد في الأمن العام تميّز بسجلّ حافل من التدخل في السياسة وملاحقة الصحافيين والاعتداء على الطلاب كما في حوادث 9 آب أمام قصر العدل، وصولا الى الاتهامات التي لا تزال تلاحقه في قضية اغتيال الشهيد رمزي عيراني.

ـ وحدها “شعبة المعلومات” شذّت عن هذه القاعدة فكشفت حقيقة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتورّط “حزب الله” فيها إضافة الى كشف فضيحة “فتح- الإسلام” ومحاربتها وكشف تفجير عين علق وصولاً الى تتويج إنجازاتها بكشف مؤامرة سماحة- المملوك، وهو ما جعل قيادة “حزب الله” تشنّ أشرس الحروب السياسية والاعلامية والميدانية عليها، بدءًا بالحملات السياسية المعروفة وعرقلة تحويلها من “فرع” الى “شعبة”، مروراً بكل الحملات الإعلامية عبر جريدتي “الأخبار” و”السفير” وتلفزيونات “المنار” و”الجديد” والـOTV والـNBN وغيرها من إذاعات ومواقع الكترونية، وصولا الى اغتيال رئيس الشعبة اللواء وسام الحسن في عملية تشبه في حرفيتها عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لكن الجميع يلاحظ ان آداء شعبة المعلومات تغيير في الاشهر الاخيرة.

وبالتالي، وبناء على كل ما تقدّم تصبح مشروعة كل الأسئلة عن التحقيقات التي تجري كما عن التحقيقات التي لم تعد تجري، ويصبح مفهوماً كيف أن عمل كل الأجهزة اللبنانية عاد ليصبّ في اتجاه واحد لا غير، وتحوّل الى حماية خاصرة “حزب الله” في الداخل اللبناني وإراحته في انخراطه في حروبه الإقليمية من سوريا الى العراق.

وإذا كان من واجبات الأجهزة الأمنية اللبنانية حماية الداخل من الإرهاب والإرهابيين ومنع أي اعتداء على أي منطقة لبنانية أياً كان انتماؤها المذهبي أو الحزبي، فالسؤال يصحّ أيضاً عن واجباتها في منع “حزب الله” من استجلاب الانتحاريين الى الساحة اللبنانية، وواجباتها في قمع كل من يخالف القوانين اللبنانية سواء كان مرافق النائب محمد كبارة في طرابلس أو عامر حيدر في الضاحية الجنوبية، فلا يكون سهلاً اعتقال مرافق نائب و”ممنوعاً” اعتقال من سعى الى إشعال حرب أهلية علناً وكل من يطوّبه “حزب الله” قديساً!