IMLebanon

٣ أخطار تهدد الأمة :  الصهيونية والارهاب و…القمة!

أساس فكرة الدعوة الى انعقاد القمة العربية هو رص الصفوف العربية للوقوف صفاً واحداً في مواجهة الخطر الخارجي الذي يهدد الأمة. مؤتمر القمة الأول في أنشاص بدعوة من مصر والملك فاروق حدد هذا الخطر الخارجي بأمرين: الاستعمار الأجنبي ودعا الى التضامن العربي لمساعدة الشعوب العربية المستعمرة على نيل استقلالها. والثاني هو الخطر الصهيوني ومواجهته لأنه خطر لا يداهم فلسطين وحسب وانما جميع البلاد العربية والاسلامية، هكذا كما ورد في نص قرارات المؤتمر الذي لم يصدر عنه بيان ختامي. وبعد أن نالت الشعوب العربية استقلالها، ترسخ الهدف الثاني، وهو مواجهة الخطر الصهيوني، كهدف استراتيجي وحيد لمؤسسة القمة العربية. وظهر ذلك جلياً وقاطعاً في مؤتمر القمة الرابع الذي عقد في الخرطوم عام ١٩٦٧، الذي أكد أن الصهيونية هي الخطر الذي يهدد الأمة، وان اسرائيل هي العدو، وأعلن لاءاته الشهيرة: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني، بالنص.

يلتبس معنى الصهيونية لدى بعض العرب حين يظن أن الصهيونية تقتصر على اسرائيل فقط. وجوهر الفكرة الصهيونية هو اخضاع البلاد العربية والاسلامية انطلاقاً من فلسطين باقامة كيان يهودي على أرضها، ليكون ركيزة الانطلاق لضرب الأمة واضعافها وتفتيتها واخضاعها. وكل الدول التي تساند هذا الهدف في العالم هي صهيونية من المنبع الى المصب. وعقود من الحروب والتآمر الصهيوني على الأمة أنتج في السنوات الأخيرة الخطر الاستراتيجي الثاني الذي يهدد الأمة وهو الارهاب التكفيري الذي نشأ نطفة في رحم الصهيونية العالمية، وتحول اليوم الى وحش، أو الى وباء يهدد الأمة بالفناء. وكانت ولادته مع الاجتياح الأميركي للعراق بتحريض صهيوني اميركي واسرائيلي، ونشأ وترعرع واشتد وهو في أحضان الصهيونية – العالمية والاقليمية – على حد سواء.

مؤتمر القمة العربي الحالي في موريتانيا لا يمثل منعطفاً عن الأصل في تأسيس مبدأ القمة، بل هو بداية النهاية في هذه المسيرة. أما المنعطف الحقيقي فقد حدث في مؤتمر قمة فاس عام ١٩٦١، ومشروع السلام الذي تم عرضه في هذه القمة لاقامة سلام شامل بين العرب واسرائيل، ولكن سرعان ما رفضته اسرائيل. وهذا المنعطف هو التوجه نحو السلام بما يعني من انهاء العداء مع اسرائيل وبالتالي مع الصهيونية، وهو نقيض ما قامت عليه الفكرة الجوهرية للقمة العربية…

اقامة هذه القمة في موريتانيا تنطوي على ايحاءات مذهلة. منها أولاً، ان القمة تنعقد في احدى أكثر الدول العربية فقراً واحتياجات. وثانياً، ان القمة تنعقد في خيمة في الصحراء. وثالثاً، ان ظروف انعقادها تتم والعرب في ذروة ضعفهم وانقسامهم، واسرائيل في ذروة توحدها وقوتها، مما يوحي بأن الخطر الجديد على الأمة هو القمة! وكأن انعقادها في موريتانيا الفقيرة وفي خيمة في الصحراء يوحي بالمستقبل والمصير الذي تسير اليه الانظمة العربية اليوم!