IMLebanon

مصادر: زيارة الطيب لروما تهدف إلى مواجهة الإسلاموفوبيا

لأول مرة.. الأزهر والفاتيكان يتفقان على عقد مؤتمر عالمي للسلام

اتفق الأزهر والفاتيكان٬ الذي يمثل أعلى سلطة دينية في الغرب أمس٬ على عقد مؤتمر عالمي للسلام واستئناف الحوار بينهما٬ فيما قالت مصادر مطلعة بمشيخة الأزهر في القاهرة إن «زيارة شيخ الأزهر لروما تهدف إلى تصويب المفاهيم التي تعتمد عليها الجماعات الإرهابية الُمتطرفة في نشر العنف والتطرف في الشرق والغرب»٬ ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب٬ مضيفة أن اللقاء الذي جمع بين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرانسيس الأول داخل المقر الباباوي أمس تم «الإعلان خلاله رسميا عن عودة الحوار الإسلامي ­ المسيحي مرة أخرى بين الأزهر٬ المؤسسة السنية الأولى في العالم والفاتيكان٬ بعد قطيعة دامت 10 سنوات٬ وذلك بسبب ربط بابا الفاتيكان السابق العنف بالإسلام».

وقالت مصادرُمطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «لقاء الأزهر والفاتيكان جاء في مرحلة تاريخيةُمهمة٬ حيث يتعطش العالم إلى السلام٬ والتعايش بين الشعوب٬ ورفض (ظاهرة الإسلاموفوبيا)٬ التي تنتشر بقوة على يد بعض الجماعات في الغرب٬ فضلا عن مواجهة الإرهاب والتطرف الذي لم تنجو منه أي دولة في العالم».

وكان الأزهر قد أوقف الحوار مع الفاتيكان في أعقاب تصريحات للبابا السابق بندكتس السادس عشر عام ٬2006 اعتبر فيها أن الدين الإسلامي «يرتبط بالعنف»٬ كما تعرضت محاولات استئناف الحوار بين المؤسستين الدينيتين لتوتر قوي عام 2001 عقبُمطالبة بابا الفاتيكان السابق بحماية المسيحيين في مصر٬ عقب تفجير طال كنسية القديسين بالإسكندرية٬ فضلا عن تصريحاته المتكررة الُمعادية للإسلام والمسلمين.. ورفضه التراجع عنها.

وكانت احتفالات رأس السنة لعام 2011 قد شهدت انفجارا أمام كنيسة القديسين (ماري جرجس) و(الأنبا بطرس) في محافظة الإسكندرية عن طريق انفجارين بعبوة ناسفة٬ أسفرت عن مقتل 21 وإصابة 80 آخرين٬ ما دفع البعض في الغرب إلى استغلال الحادث لإشعال التوتر والغضب بين المسلمين والمسيحيين في مصر.

ووسط ترحيب عالمي واسع بزيارة شيخ الأزهر للفاتيكان٬ُعقد لقاء بين الشيخ الطيب والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان بالمقر الباباوي أمس٬ حيث ركز اللقاء الذي جمعهما على تنسيق الجهود بين الأزهر والفاتيكان من أجل ترسيخ قيم السلام٬ ونشر ثقافة الحوار والتسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والدول٬ وحماية  الإنسان من العنف والتطرف والفقر والمرض.

وفي بداية اللقاء رحب بابا الفاتيكان بالشيخ الطيب والوفد المرافق له٬ معربا عن تقديره الكبير لهذه الزيارة الكريمة٬ مؤكدا أن الطرفين يمتلكان رسالةُمشتركة٬ وهي رسالة السلام والتسامح والحوار الهادف٬ وأن العالم يعلق آماله على رموز الدين وعلمائه ورجاله٬ وأنه يقع على المؤسسات الدينية العالمية٬ مثل الأزهر والفاتيكان٬ عبء كبير في إسعاد البشرية ومحاربة الفقر والجهل والمرض. وأضاف بابا الفاتيكان أنهُمتابع لدور الأزهر في نشر ثقافة السلام والتعايش الُمشترك٬ وجهوده في مواجهة الفكر المنحرف٬ مشددا على أن دور الأزهر في هذه الفترة من تاريخ العالم يعتبر مهما ومحوريا.

من جانبه٬ قال الطيب٬ رئيس مجلس حكماء المسلمين٬ خلال لقائه بابا الفاتيكان أمس٬ إننا نحتاج إلى مواقف مشتركة يدا بيد من أجل إسعاد البشرية لأن الأديان السماوية لم تنزل إلا لإسعاد الناس لا لإشقائهم٬ مؤكدا أن الأزهر يعمل بكافة هيئاته على نشر وسطية الإسلام٬ ويبذل جهودا حثيثة من خلال علمائه المنتشرين في كل العالم من أجل إشاعة السلام وترسيخ السلام والحوار٬ ومواجهة الفكر المتطرف٬ وأن مجلس حكماء المسلمين يملك قوافل سلام تجوب العالم.

واتفق الأزهر والفاتيكان على عقد مؤتمر عالمي للسلام٬ واستئناف الحوار بين الأزهر والفاتيكان٬ وفي ختام زيارة الدكتور الطيب أهدى بابا الفاتيكان لشيخ الأزهر قلادة لسنة يوبيل الرحمة التي أعلنها بابا الفاتيكان هذا العام٬ مزينة بغصن الزيتون رمز السلام»٬ وكان عقد شيخ الأزهر قد جلسة مباحثات مع الكاردينال ديون رئيس المجلس الحضاري للحوار بين الأديان.

ووصل الطيب أمس إلى العاصمة الإيطالية روما على متن طائرة خاصة٬ وكان في استقباله والوفد المرافق له في المطار عدد من القيادات الدينية في الفاتيكان.

ورافقه خلال هذه الزيارة التاريخية التي تعد الأولى من نوعها في تاريخ المؤسستين الدينيتين٬ وفد أزهري رفيع المستوى٬ يتكون من الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر٬ والدكتور محمود حمدي زقزوق رئيس مركز الحوار بالأزهر٬ والدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية٬ والمستشار محمد عبد السلام مستشار شيخ الأزهر.

يشار إلى أنه عقب ترسيم البابا فرانسيس الأول٬ بعث الدكتور الطيب برسالة تهنئة باسم الأزهر٬ وهي الرسالة التي اعتبرتها الفاتيكان «مبادرة سلام» من قبل الأزهر. كما تجددت الدعوة لاستئناف الحوار بين المؤسستين الدينيتين الأزهر والفاتيكان في أعقاب الزيارة التي قام بها بابا المسيحيين في مصر تواضروس الثاني٬ بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية٬ إلى الفاتيكان نهاية مايو (أيار) عام 2013.

وأكدت مشيخة الأزهر بالقاهرة عام 2013 أن عودة العلاقات الُمجمدة مع الفاتيكان مرهونة بما تقدمه المؤسسة المسيحية من «خطوات إيجابية جادةُتظهر بجلاء احترام الإسلام والمسلمين».

من جانبه٬ قال وكيل الأزهر عباس شومان٬ إن اللقاء فتح صفحة جديدة من الُمصالحة بعد التوتر الناجم عن تصريحاتُمثيرة للجدل أدلى بها البابا السابق بندكتس 16 في خطاب ألقاه في راتيسبون (ألمانيا) عام ٬2006 مضيفا في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» قبل مغارته القاهرة٬ أن «لقاء الأزهر والفاتيكان تم بسبب المواقف الرائعة للبابا فرنسيس تجاه المسلمين».