IMLebanon

جنبلاط لـ «الديار»: اقتراح عون باعتماد الاستفتاء يهدد «الطائف»

جنبلاط لـ «الديار»: اقتراح عون باعتماد الاستفتاء يهدد «الطائف»

أرفض خلطات «المختلط»… وأدعو لتعميم نموذج تسوية الدوحة

عماد مرمل

كلٌ يغرد على هواه…

هكذا يبدو وضع المعنيين بالنقاش المعقد حول قانون الانتخاب، بعدما بات كلٌ منهم يتكلم لغة، لا تشبه الاخرى.

انها «سوق الاحد» الانتخابية، حيث تزدحم الطروحات المتعارضة من النسبية الكاملة الى النظام الاكثري مرورا بالمختلط على أنواعه، فيما كل صاحب مشروع ينادي على «منتوجه» ويروّج له، باعتباره الأنسب سعرا والاكثر مطابقة للمواصفات الوطنية!

 انه نقاش عبثي، يسبح خارج قانون «الجاذبية»، في انتظار من يعيد ضبط إيقاعه. وبرغم مرور وقت طويل على وجود مشاريع الانتخاب في «المشرحة السياسية» حيث تخضع للفك والتركيب، إلا ان المقصات لم تنه عملها بعد، في ظل صعوبة ترسيم الحدود بين المصالح المتباينة.

ـ سقف جنبلاط  ـ

وبعد ايام قليلة من دعوته الى اجراء الانتخابات النيابية على اساس «الستين معدلا»، قال النائب وليد جنبلاط لـ «الديار» ردا على سؤال حول حقيقة ما قصده: لست وحدي من يقرر طبيعة قانون الانتخاب، ولذلك تجنبت الخوض في التفاصيل عندما اقترحت «الستين معدلا»، حتى أترك مجالا امام الاطراف الاخرى لتقدم تصوراتها حول التعديلات الممكنة، تمهيدا للتوصل الى توافق وطني حول هذه المسألة.

ويضيف: لقد اقترحت فكرة مستوحاة من نموذج اتفاق الدوحة الذي ابتكر في اللحظة الاخيرة صيغة للرميل والمرفأ، فلماذا لا يتم تعميم مبدأ هذه التسوية على صعيد جغرافي أوسع، في الانتخابات النيابية المقبلة؟

وهل تقبل بادراج النسبية في «الستين معدلا»؟

يجيب جنبلاط: النسبية ليست واردة في «الطائف»… اقتراحي هو «الستين معدلا» على اساس النظام الاكثري.. هذه مبادرتي وأنصحهم بأن يفكروا فيها.

وماذا عن المشروع المختلط الذي يتمسك به كلٌ من الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع؟

يرد جنبلاط: لماذا كل هذه الخلطات… خلينا عالأصول، هيك افضل.

وعن رأيه في اقتراح الرئيس ميشال عون باعتماد الاستفتاء الشعبي على قانون الانتخاب، إذا لم يحصل توافق سياسي حوله، يقول جنبلاط: هناك أفكار للرئيس عون أحترمها، إنما هناك أفكار أخرى تطيح «الطائف» من قبيل الاستفتاء، ويجب الاستغناء عنها.

ـ استراتيجية عون ـ

ومع ذلك، فان عون لا يكف عن ابتكار المفاجآت السياسية والدستورية، في خضم معركة قانون الانتخاب التي قرر ان يخوضها من الخطوط الامامية الساخنة، برغم انها تضعه على تماس مباشر مع العديد من الاطراف الداخلية المسكونة بالهواجس.. والانفعالات.

ومن الواضح، ان عون قرر ان يُمسك بزمام المبادرة في هذا الاختبار المفصلي الذي يتوقف على نتائجه مسار العهد ومصيره للسنوات الست المقبلة. وعليه، فهو لا يتردد في استخدام كل أوراق الضغط الممكنة لكسب الرهان، بدءا من التلويح بالفراغ وربما ليس انتهاء باقتراح الاستفتاء الشعبي.

وإذا كان البعض يستبعد ان يلجأ عون في لحظة الحقيقة الى «تسييل» طروحاته التصعيدية، فان المقربين منه يؤكدون انه يعني ما يقول، وينصحون من لا يصدقه بأن يراجعوا حساباتهم: «لا تلعبوا مع ميشال عون…».

ويعتبر المحيطون بعون انه إذا كان لا يوجد نص دستوري واضح يسمح بالاستفتاء، فليس هناك في المقابل ما يمنعه، لافتين الانتباه الى ان استطلاع راي الناس في قانون الانتخاب الانسب هو أمر مشروع ويمكن تنفيذه، والفكرة خاضعة للنقاش على قاعدة تأمين افضل الشروط لتطبيقها، إذا تعذر التفاهم بين السياسيين على القانون.

ويؤكد المقربون من عون ان دعوة النائب وليد جنبلاط الى اعتماد «الستين معدلا» هي مرفوضة كليا، مشيرين الى ان جنبلاط لا يزال يشعر بالحنين الى زمن غازي كنعان وما انتجه من اختلال في توازنات «الطائف».

ويشدد هؤلاء على انه ليس مسموحا ان يملك جنبلاط حق النقض «الفيتو» في مواجهة المشاريع الانتخابية التي تُقترح لتصحيح التمثيل، لا سيما ان ما هو مطروح لا يستهدف إقصاء الطائفة الدرزية بل يرمي الى تحصيل حقوق مهدورة لمكونات أخرى.

ويجزم المحيطون برئيس الجمهورية انه لن يوقع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في الموعد المفترض في 21 شباط الحالي، استنادا الى «الستين»، والمطلوب قانون جديد، يكون منصفا.

ولكن… كيف تقارب الاطراف الاخرى خيار الاستفتاء الشعبي الذي أخرجه عون الى حيز التداول؟

ـ خوري… والاستفتاء ـ

قال وزير الثقافة غطاس خوري لـ «الديار» انه ليست هناك آلية واضحة للاستفتاء، معربا عن اعتقاده بان هذا الاقتراح الرئاسي يندرج في إطار حث الاطراف الداخلية على إقرار قانون انتخابي أكثر مما هو اقتراح عملي وقابل التطبيق قريبا.

ويتساءل خوري مبتسما: هل سيكون بمقدورهم التوافق على سؤال الاستفتاء… أعتقد انهم سيجدون صعوبة حتى في التفاهم حول السؤال الذي ينبغي ان يطرح على الناس.

وبرغم تعثر محاولات التوافق لغاية الآن، يستبعد خوري ان يفجر ملف قانون الانتخاب التسوية الكبرى التي لا تزال تضبط الايقاع السياسي العام، بمعزل عن بعض الشرود في هذا الاتجاه او ذاك، داعيا الى التوقف عند دلالات التهدئة بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» والتي تنعكس تفاعلا ايجابيا على طاولة مجلس الوزراء.

ـ فنيانوس: ليس حلا ـ

وقال وزير الاشغال العامة عن تيار المردة يوسف فنيانوس لـ «الديار» انه لا يوجد اي نص دستوري او قانوني يسمح بإجراءاستفتاء شعبي، معتبرا ان هذا الطرح من قبل رئيس الجمهورية غير واضح و«مش راكب…».

ويضيف: إذا افترضنا ان الاتفاق على اجراء استفتاء ممكن، فمن الأولى ان يتم الاتفاق على قانون الانتخاب.

ويشير الى ان التلويح بالفراغ التشريعي او اقتراح الاستفتاء هو مشروع أزمة جديدة وليس مشروع حل، مستغربا الخوض في طروحات غير واقعية، واستسهال تسلق الشجرة المرتفعة، ثم انتظار من يمد السلالم للنزول.

ـ «القوات».. وتدوير الزوايا ـ

وقالت اوساط قيادية في «القوات اللبنانية» لـ «الديار» ان موقف عون يأتي في سياق ابلاغ كل القوى المعنية رسالة واضحة بانها إذا استمرت في تمنعها عن انتاج قانون انتخاب جديد، فهو سيستخدم كل الوسائل الممكنة للدفع نحو إقرار هذا القانون، ومن ضمنها الاحتكام الى ارادة الشعب كرد على عجز الطبقة السياسية.

وتؤكد الاوساط ان «القوات» تقف الى جانب عون في بذل أقصى جهد ممكن للوصول الى قانون عصري وعادل، وهي تتفهم البعد الوطني الذي ينطلق منه رئيس الجمهورية في طرح البدائل، من دون ان تتوقف عند تلك البدائل بحد ذاتها، بل تفضل ان تعتبرها وسائل للحث.