IMLebanon

مانشيت:«السلسلة» على عتبة «التشريع»؟

الجو العام عابق بغبار سياسي كثيف يغطي الاستحقاقات الداهمة، بدءاً من الاستحقاق الانتخابي المعطّل بتعقيدات تتوالَد على مدار الساعة، الى استحقاق سلسلة الرتب والرواتب التي تخطو خطوات سريعة على مشرحة اللجان المشتركة بالتوازي مع التباسات حول مصيرها وتشكيك بقدرتها على الموازنة بين حق الموظف وحق الخزينة وكذلك حق القطاعات الاقتصادية، الى استحقاق الموازنة المفقودة منذ العام 2005، والتي يؤمل ألّا تكون موازنة محصورة أرقامها بخدمة الدين لا أكثر ولا أقلّ، أو مجرّد آلية صرف على القاعدة الإثني عشرية، مقنّعة بعنوان موازنة، بل موازنة نوعية تُطلق عجلة المشاريع الاقتصادية والحيوية المنتجة والمجدية، مع انّ أرقامها المرصودة فيها لا تبشّر بذلك.

مصادر لـ«الجمهورية»: التداول جدي بمخرج يرمي الى تمديد قصير قد يكون قابلاً للتجديد حتى الوصول الى قانون جديد في هذا الجو، وفيما بَدت أنها جرعة معنوية للعهد والحكومة، أقرّ مجلس الوزراء سلّة من التعيينات العسكرية والأمنية والقضائية (راجع صفحة 6).

واللافت في هذا السياق، صدور هذه التعيينات بنكهة أنثوية، شملت 3 نساء، الّا انّ الواضح فيها أيضا هو انّ حصة الأسد في هذه التعيينات تعود لِما سمّاها بعض الوزراء «الترويكا الرئاسية» غير المعلنة.

وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ تعيينات الأمس تمّت بذات «الطريقة التوافقية» بين المراجع الرئاسية والسياسية التي اعتمدت مع تعيين رئيس مجلس إدارة أوجيرو، وقد أثارت نقاشات وزارية ظلّت تحت السقف ومن دون ان تعطّلها، عَبّرت عن تحفّظ على عدم اتّباع الآلية التي يفترض ان تتّبع في التعيينات. وكذلك تحفّظ البعض على إطلاع الوزراء على أسماء المُعيّنين خلال الجلسة، من دون السيَر الذاتية.

وكاد النقاش أن يؤدي، في لحظة معينة، الى انسحاب وزير تيار المردة يوسف فنيانوس من الجلسة، لولا تدخّل وزراء حلفاء وثَنيه عن هذه الخطوة. فيما لم يتمكن مجلس الوزراء من تعيين محافظ جبل لبنان جرّاء عدم التوافق حول بعض الاسماء.

وخلال الجلسة سجّل وزير الداخلية نهاد المشنوق تحفظاً إسمياً على تعيينات المجلس الأعلى للجمارك، وخصوصاً على تعيين شحادة من إقليم الخروب، مشيراً الى تغييب بيروت عن هذه التعيينات ومطالباً بتعيين العقيد خضر الجمل مكان الحاج شحاده.

كذلك تحفّظ المشنوق على السياسة الخارجية للبنان في ضوء مواقف رئيس الجمهورية الأخيرة من «حزب الله» وسلاحه، وما صدر من مواقف تتناول المملكة العربية السعودية، وأكّد انّ هذا الكلام عن السعودية غير مقبول في الجو الحالي وهو تجاوز للخط الأحمر.

وقال: إنّ المقاومة وسلاح «حزب الله» ومقاومة الاحتلال هي جزء من الاستراتيجية الدفاعية التي تتولّاها الدولة، وحتى الآن لم يحصل ايّ اتفاق عليها.

وأشار الى أنّه كان على عون أن يعبّر عن موقف لبنان الرسمي المُجمع عليه من دون تعريض علاقات لبنان العربية عموماً والخليجية خصوصاً لأيّ توتر او انتكاسة جديدة، خصوصاً انّ هذا الأمر يترافق مع أجواء عربية وإقليمية تتخوّف من حصول تصعيد سياسي مع اقتراب موعد القمة العربية، وانتقال المواجهة بين لبنان وبعض الدول العربية الى مواجهة مباشرة على طاولة القمة التي سيحضرها رئيس الجمهورية للمرة الاولى بعد غياب دام أكثر من سنتين بفعل الشغور الرئاسي.

حاصباني لـ«الجمهورية»

وقال نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني لـ«الجمهورية»: نحن كـ«قوات لبنانية» دعمنا كل الأسماء ورحّبنا بها والجو التوافقي كان غالباً على النقاش كله. نحن لم نعترض على تعيينات إنما طالبنا بأن تُعطى مزيداً من الوقت لدراسة السيَر الذاتية.

وقد تعهّد الرئيس الحريري داخل مجلس الوزراء بأن يُتبع هذا الأمر في مجلس الوزراء بطريقة سليمة أكثر في حالات لاحقة، وأن يتمّ توزيع السيَر الذاتية مُسبقاً من أجل الاطلاع عليها احتراماً للإجراء المتّبَع والمتّفق عليه. وهذا الأمر يسمح في نقاش الاسماء لإعطائها حقها في التعيين.

حمادة لـ«الجمهورية»

وقال وزير التربية مروان حمادة لـ«الجمهورية»: نحن راضون عن الاشخاص ورحّبنا بالأسماء المقترحة، لكننا اعترضنا على الطريقة التي تمّ فيها التعيين. فالأسماء والسيَر الذاتية كان يجب ان نطّلع عليها قبل مدة وليس عند ربع الساعة الأخير من انعقاد الجلسة. وهذه كانت ملاحظة معظم الوزراء.

عز الدين لـ«الجمهورية»

وقالت الوزيرة عناية عز الدين: آليّة التعيينات المعتمدة في الفئة الاولى الادارية لا تشمل التعيينات الامنية والقضائية، وقد طلبتُ ممّن لديه مقترح أن يقدمه لنا. ومن الضروري أن تبقى الآلية في الوظائف الاولى في الادارات من اجل توحيد المعايير التي سيتمّ على أساسها اختيار الاسم، وإعطاء فرَص متساوية لأصحاب الكفاءات لكي يتقدموا الى هذه الوظائف.

الموازنة و«السلسلة»

من جهة ثانية، ينتظر أن تشكّل جلسة مجلس الوزراء غداً، الجلسة الختامية لدرس مشروع الموازنة على أن تُحال الى مجلس النواب لبدء المشوار الطويل في لجنة المال والموازنة لنقاشها وإقرارها في حدّ أقصاه قبل نهاية أيار المقبل، خصوصاً انّ درسها قد يتطلّب أكثر من شهر ونصف الى شهرين في لجنة المال.

في هذا الوقت ما زالت سلسلة الرتب والرواتب في المخاض، وتدور حولها نقاشات مكثّفة بين القوى السياسية وآخرها اجتماع عقد مساء أمس للجان المشتركة، التي صادقت على جداول العسكريين بعد تعديلات عليها وكذلك جداول المعلمين مع تعديلات أيضاً».

وقال رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان بعد الجلسة: «انّ إقرار الجداول خطوة مهمة وإن لم تكن على مستوى الطموحات». مشيراً الى انّ إقرار السلسلة يتمّ في الهيئة العامة. وغداً (اليوم) جلسة جديدة، وسنستمع الى من لديه ملاحظات بلا مزايدات، ونحن حريصون على ألّا تطال الضرائب الطبقتين الفقيرة والمتوسطة».

الى ذلك، شكّكت مصادر هيئة التنسيق النقابية في إمكانية ولادة سلسلة مُنصفة للموظفين والأساتذة نتيجة العقلية السائدة في بعض القطاعات السياسية والاقتصادية، ولَوّحت بخطوات تصعيدية ما لم تصل الامور الى إنصاف الشريحة الواسعة من الموظفين، وتحديداً أساتذة التعليم الثانوي بالدرجات المطلوبة التي هي حقّ لهم.

وأكّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمام «نواب الاربعاء»، أمس، انّ السلسلة حق ويجب أن تعطى لأصحابها، لافتاً الى انّ مَسار درسها يشير الى أنها في طريقها الى الإقرار، ولم يعد هناك من تعقيدات مهمة في وجهها.

ربطاً بذلك، علمت «الجمهورية» انّ بري يتوجّه للدعوة الى جلسة تشريعية ربما الاربعاء في الخامس عشر من الشهر الجاري، على أن تكون السلسلة أحد بنود جدول أعمالها، وذلك في حال انتهت اللجان المشتركة من دراستها قبل هذا الوقت.

الملف الانتخابي

أمّا في الملف الانتخابي فمكانك راوح، والصورة الحقيقية لهذا المشهد تظهر ان القانون يتأخر فيما الفراغ يتقدم بخطى ثابتة في غياب الوصول الى القانون العتيد.

وكشفت مصادر عاملة على الخط الانتخابي لـ«الجمهورية» انّ الشعور العام بات مقتنعاً بأننا دخلنا في سباق جدي بين القانون المفقود، وبين الفراغ، في ظل العجز الواضح على التوافق على قانون، علماً انّ المشاورات تأخذ الطابع غير الرسمي بين القوى السياسية وعلى كل الخطوط، ولا سيما بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» وحركة «أمل». والقاسم المشترك بين هذه القوى هو أنها بدأت تتحَسّس مخاطر الوصول الى الفراغ، ولكن لا حلول متّفقاً عليها.

وعلمت «الجمهورية» أنه في ظل التسليم بالعجز على الوصول الى قانون، برز طرح جديد على بساط التداول الجدي في بعض المجالس السياسية الضيّقة وليس بعيداً عن القصر الجمهوري، ويَرمي الى تمديد مُقنع للمجلس النيابي، يأتي على شكل جرعات.

وقالت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»: حتى الآن، إنّ إمكانية إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين مُنعدمة، ورئيس الجمهورية حاسم في هذا المجال لناحية رفضه بأن يكون لهذا القانون مكان في عهده، ولن يتراجع عن هذا الموقف.

وفي ظل عدم الوصول الى قانون، فالمخرج قد يكون عبر التوافق على فترة تمديد قصيرة لشهرين او ثلاثة أشهر كحد أقصى قد تكون قابلة للتجديد شهرين أو ثلاثة أشهر، وهكذا دواليك حتى الوصول الى قانون جديد.

الفاتيكان

وفي ظل التطورات الداخلية، علمت «الجمهورية» انّ دوائر قصر بعبدا تبلّغت رسمياً في الساعات الماضية، من السفارة البابوية في بيروت، برنامج زيارة الرئيس ميشال عون الى الفاتيكان، حيث تقرر ان يستقبله قداسة البابا فرنسيس عند العاشرة قبل ظهر السادس عشر من آذار الجاري. وعليه، فإنّ الرئيس عون سيتوجّه الى الفاتيكان وروما قبل يوم من لقاء قداسة البابا في 15 آذار ويعود الى بيروت في اليوم التالي للقاء في 17 من الشهر الجاري على أن تترافق الزيارة مع لقاء يعقد مع الجالية اللبنانية وقداس احتفالي يقام على نيّته في مقرّ الرهبنة اللبنانية المارونية المريمية في روما.

صيارفة داعش

في هذه الأثناء، تفاعل الإنجاز الأمني الذي حققه الامن العام بكشف مكاتب وشركات مالية تتعامل بتحويل الاموال الى شبكات إرهابية، وعلمت «الجمهورية» أنه تمّ توقيف 10 أشخاص لبنانيين وسوريين، 6 في الحمراء و4 في الطريق الجديدة، واعترفوا بانتمائهم إلى شبكات إرهابية، قامت بنقل مبالغ مالية طائلة (نحو 20 مليون دولار) بهدف تمويل المنظمات الارهابية عبر جرود عرسال ومنها الى القلمون.

اللواء ابراهيم لـ«الجمهورية»

وقال اللواء عباس ابراهيم لـ«الجمهورية»: ما قمنا به يندرج في إطار متابعة مهامنا الاعتيادية التي صمّمنا على المضيّ بها مهما كانت المعوقات. وإلقاء القبض على هذه الشبكة يظهر متابعتنا للأمن المالي والاقتصادي والاجتماعي، والتي ربما تكون إحدى أهم روافد تمويل الارهاب.

وهذه العملية تُثبت انخراطنا في مواجهة الارهاب وتجفيف مصادره كجزء من المكافحة العالمية لهذه الآفة، ونحن نعتبر هذه العملية خطوة متقدمة في مسار طويل بما يعزّز الثقة الدولية بإجراءاتنا في مكافحة تمويل الارهاب.