IMLebanon

مانشيت:واشنطن والرياض: لنزع سلاح «حزب الله»… و«الخــط الأحمر» يقترب إنتخابياً

إنتهت قمة الرياض الاميركية ـ الخليجية ـ العربية، ويبدو انّ «إعلان الرياض» قد يمكث لفترة على موائد المنطقة لتقييمه وقياس مدى تأثيره على دول المنطقة، وعلى الازمات المشتعلة فيها وخصوصاً في اليمن وسوريا، وذلك قبل الحكم النهائي بأنّ هذا الحدث هو نقطة تحوّل بين مرحلة سابقة ومرحلة جديدة مقبلة. ولبنان الذي واكب هذا الحدث بكل مستوياته، ويبدو انه في موقعه الحساس في المنطقة، قد اختار ان يمشي بين النقاط الدولية والاقليمية وينأى بنفسه عن هذا الإعلان وما تضمنه من أمور هي في الاصل محل انقسام داخلي، وخصوصاً في النظرة الى «حزب الله» وتصنيفه اميركياً وخليجياً كتنظيم إرهابي. على انّ البارز في هذا السياق هو تصعيد اللهجة الاميركية السعودية ضد «حزب الله»، وتجلى ذلك في بيان أميركي سعودي مشترك صدر امس، أكّدت فيه واشنطن والرياض «أهميّة دعم الدولة اللبنانية لبسط سيادتها على جميع اراضيها ونزع سلاح التنظيمات الارهابية مثل «حزب الله» وجعل كافة الاسلحة تحت إشراف الجيش اللبناني».

اذا كان لبنان قد اعتمد في مشاركته في القمة سياسة وسطية، لكي لا يُحرِج احداً، ولا يُحرَج من احد او يلتزم بما ليس قادراً على الالتزام به ربطاً بحساسية وضعه الداخلي، فإنّ هذه المشاركة لقيت ترحيباً بها كتأكيد على موقع لبنان وحضوره ومكانته ودوره، وكذلك تفهماً لموقف وزير الخارجية جبران باسيل الذي عبّر عن مفاجأته بإعلان الرياض ومضمونه، كما لقيت في المقابل من ينتقدها، وبرزت في هذا الإطار تغريدة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، الذي بدا انه يغمز فيها من قناة باسيل، حيث قال «شاهد ما شَفش حاجة».

امّا وقد طويت صفحة القمة، فإنه بعد هذه الاستراحة القصيرة في الرياض، يعود لبنان الى تسليم نفسه مجدداً لعامل الوقت الذي يضغط بشدة في الملف الانتخابي لإيجاد العلاج الشافي له من الخلل السياسي الذي يعتريه. ومحاولة إيجاد هذا العلاج تبعاً للانقسام السياسي ليست سهلة حتى الآن.

اذ لم يعد المجال مفتوحاً على، ما يصفها مرجع سياسي لـ«الجمهورية»، «مضيعة المزيد من الوقت و»عَلك» الملف الانتخابي بصيغ وافكار وطروحات غير قابلة للتطبيق»، ذلك انّ ولاية المجلس النيابي الحالي قد شارفت على نهايتها والباقي من الزمن 28 يوماً تشكل فترة حاسمة يقف فيها لبنان على مفترق بين ان يُكرم بتوافق سياسي على قانون انتخابي جديد، وبين ان يُهان بانقسام اضافي يدخل البلد على الاشتباك الخطير والمفتوح على كل الاحتمالات اذا ما تمّ تجاوز الخط الاحمر في 20 حزيران من دون انتخابات نيابية او قانون يؤسّس لانتخابات ويحسم إجراءها بعد تمديد تقني لبضعة اشهر.

موعدان حاسمان

على انّ اهمّ ما في هذه الفترة، هما موعدان حاسمان، او بالاحرى فرصتان، الاولى في 29 ايار موعد الجلسة التشريعية لمجلس النواب، واما الثانية فهي في 31 ايار موعد نهاية العقد العادي الاول لمجلس النواب. وعليه، يدخل المجلس في عطلة تشريعية الّا اذا بادر رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة الى فتح دورة استثنائية للمجلس تُمكّنه من إقرار قانون جديد.

على الارجح ستفتح الدورة الاستثنائية. وبالتالي الملف الانتخابي امام هاتين الفرصتين لتوافق القوى السياسية في ما تبقى من أيام فاصلة عليهما بما قد يجعل جلسة 29 ايار جلسة إقرار القانون الجديد مع إقرار التمديد التقني للمجلس لبضعة اشهر. واذا ما تعذّر ذلك، ففي جلسة ثانية تعقد في خلال فترة الدورة الاستثنائية.

وينتظر مع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري الذي التقى في الرياض أمس ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ان تسرّع حركة الاتصالات السياسية من جديد.

وتحدثت مصادر معنية بالملف الانتخابي عن حركة مكثّفة سيقوم بها الحريري في كل الاتجاهات تَوصّلاً الى توافق، وذلك تجنّباً للوقوع في المحظور اي الفراغ، وهو ما أكد تيار «المستقبل» على رفضه، ولوحظ انّ مواقف نوّابه تركّز على التحذير من الفراغ ورفضه حتى ولو كان لفترة وجيزة.

وقالت المصادر لـ«الجمهورية»: «انّ ما يوجب التسريع هو انّ الامور لم تَعد فضفاضة على ما كان جارياً في الاسابيع الاخيرة، بل صارت ضيقة. الّا انّ كل الصورة باتت واضحة بشبه توافق حتى الآن على اعتماد القانون النسبي في واحدة من ثلاث صيغ: امّا نسبية على اساس 13 دائرة، او نسبية في 14 دائرة، او نسبية في 15 دائرة. من دون صوت تفضيلي، او مع صوت تفضيلي على ان يكون هذا الصوت مقيّداً في القضاء».

واضافت المصادر: «يفترض أن يبدأ الخبراء شغلهم، حتى الآن لا نستطيع ان نقول انّ هناك ايجابيات وكذلك لا توجد سلبيات، الوقت ما يزال متاحاً، ويمكن ان يتمخّض عنه شيء ما في الايام القليلة المقبلة. وهناك من يؤكد انّ خطوة رئاسية ما قد تظهر قريباً جداً، قد تحمل معها موافقة رئاسية على اعتماد القانون النسبي في المحافظات، من دون التمسّك بالمشروع التأهيلي».

وتفترض المصادر ان تحسم الامور في الايام القليلة المقبلة، مشيرة الى انّ مفتاح التوافق على ايّ من هذه الصيغ هو بيد «التيار الوطني الحر» الذي ما زال حتى الساعة متمسّكاً بالمشروع التأهيلي، علماً انّ مساحة تأييد هذا التأهيلي ضاقت الى حدّ انّ تيار «المستقبل» بات مقتنعاً انه لا توجد فرصة له، علماً انّ عضو كتلة نواب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان قام بحركة ناشطة في اتجاه الاتفاق على النسبية الكاملة. لكن ما لفت الانتباه هو طرح رئيس حزب «القوات» سمير جعجع بالتصويت على الموضوع الانتخابي في مجلس الوزراء.

وقال جعجع خلاله إعلانه ترشيح «القوات» الدكتور انطوان حبشي عن المقعد الماروني في بعلبك – الهرمل أمس: «للأسف، وصلنا اليوم إلى احتمالات سيئة، إمّا التمديد الذي هو مرفوض ويعتبر قضاء على العهد الجديد، وإمّا الستين الذي يعتبر فشلاً للعهد الجديد والنظام السياسي في لبنان، وإمّا الوصول إلى الفراغ الذي لا أحد يريد الوصول إليه…».

مشيراً الى «انّ الحل بسيط، وهو التصويت داخل مجلس الوزراء»، مذكّراً البعض «انّ أهم شيء هو الاستقرار السياسي، فعلى سبيل المثال يمكننا أن نطرح النسبية الكاملة التي قدّمها الفريق الآخر شرط أن نصوّت على تفاصيلها داخل مجلس الوزراء، فهذا هو الحل الوحيد المتبقّي أمامنا».

الفراغ ممنوع

وفي الموازاة برز موقف لـ«حزب الله «على لسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الذي قال: «انّ الفراغ ممنوع لأنه يعني نهاية البلد والدولة والمؤسسات، والفراغ لا يعني أنه لم يعد لدينا مجلس نيابي أو رئيس مجلس نيابي، الفراغ يعني أنه لم يعد لدينا حكومة ولا رئيس حكومة، ويصبح رئيس الجمهورية لا يملك شيئاً».

أضاف رعد: «لن نقبل الفراغ، ولن نقبل من أحد أن يسعى اليه، ولذلك أمامنا شيء واحد هو إمّا ان تستمروا بالحوار وأمامكم 20 يوماً، لكن من يفكر بأنه يمكن التوافق على قانون انتخاب بعد انتهاء ولاية المجلس فلا يحلم بذلك، التوافق على قانون انتخاب يجب ان يتم قبل 20 حزيران، البلد بعد هذا التاريخ مهدد بالفوضى وعدم الاستقرار، وليس من حق أحد أن يغامر به».

عقوبات… لا عقوبات

وفي تطور لافت للانتباه أكدت مصادر الوفد اللبناني في واشنطن لـ«الجمهورية» عدم وجود مسودة عقوبات بحق جهات لبنانية وما تم تسريبه عن مسودة في هذا الخصوص ليس صحيحاً وقد نجح الوفد في نقل صورة الموقف اللبناني ولقيَ آذاناً اميركية صاغية ومتفهمة له.

وقال عضو الوفد النائب ياسين جابر لـ«الجمهورية»: الكل يتحدث في لبنان وكأنّ هناك قانون عقوبات أميركية جديداً يستهدف لبنان قد صدر، وهذه مغالطة كبيرة لأنّ ذلك لم يحصل بعد.

ما حصل انّ هناك في احدى اللجان في الكونغرس من كان يضع أفكاراً في مسودة، تمّ تسريب هذه المسودة وأحدث ذلك الكثير من الضجيج في لبنان، ولكن تمّ إبلاغنا خلال الاجتماع مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب أن ننسى هذه المسودة المسرّبة، وقيل لنا انّ تسريبها سبّب أضراراً لمَن أعدّها ولمَن سرّبها وأنها أصبحت غير صالحة.

ما قد يحصل انه هناك توجه لدى بعض النواب في الكونغرس لإعداد اقتراح قانون يدخل بعض التعديلات على قانون العقوبات الصادر في العام ٢٠١٥، وقد طالبنا وأكدنا على أخذ مصلحة لبنان وضرورة عدم تحميله اكثر ممّا يحتمل خصوصاً أنّه يواجه تحديات محاربة الإرهاب والنزوح السوري، ويواجه وضعاً اقتصادياً ومالياً صعباً ومعقداً، وهو لا يحتمل المزيد من الضغوط، وانّ هناك قانون عقوبات موجوداً ويطبّق بجدية كبيرة ولا لزوم لأيّ قانون جديد يثير البلبلة.

اضاف جابر: وقد استمع المسؤولون الذين التقيناهم باهتمام الى ما نعرضه أمامهم من معطيات، ونأمل ان يساعد ما قلناه في التخفيف من الحماس لإصدار قانون جديد.

امّا في حال الإصرار من قبل بعض أعضاء الكونغرس على التقدم باقتراح القانون بتحريض معروف المصدر، فقد يحدث ذلك خلال الفترة المقبلة، وبعد التقدّم به رسمياً الى مجلس النواب، هناك مسار قانوني يجب أن يسير فيه لدراسته في اللجان النيابية في مجلسي الشيوخ والنواب، وسيستغرق ذلك وقتاً قد يطول أو يقصر بحسب انشغالات هذه اللجان، وحسب النية للاستعجال في إصداره.

ما هو ثابت انه حتى اليوم ليس هناك بعد اقتراح قانون تمّ تقديمه رسمياً في أيّ من مجلسي الشيوخ أو النواب.