IMLebanon

مانشيت:الحكومة تدعم الصادرات… وبرِّي: الحوار لمواجهة الفتنة

قبل انتهاء شهر الصيام، أفطرت الحكومة في مجلس الوزراء، لكنّ الأطباق لم تكن دسمة على مستوى الملفات، فجاءت النقاشات والمواضيع التي طرحت على طاولة البحث أشبَه بطبخة بحص، من صلاحيات رئيس الحكومة الى آليّة العمل الحكومي وصولاً الى تعريف توافق المكونات الحكومية في اتخاذ القرارات. فبعد تعليق ثلاث جلسات بسبب الخلاف على بند التعيينات العسكرية والامنية، عاوَد مجلس الوزراء جلساته أمس، ليس من النقطة العالقة، إنما تراجَع الى الأكثر ليعود الى الاساس، وفي هذا الاساس اختلاف كبير في وجهات النظر حول آلية العمل الحكومي وصلاحيات الحكومة في زمن الشغور الرئاسي وسبل اتخاذ القرارات، وكلها مواضيع استحضرت بقوة على طاولة المجلس.

وعلمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام، وبعد مداخلته السياسية في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء، أبدى انزعاجه من الكتاب الذي وجّهه تكتل «التغيير والإصلاح» الى رئاسة الحكومة، واعتبره سابقة في تاريخ الجمهورية، فالاعتراض غالباً ما يكون شفوياً وعلى بعض البنود، وليس على جدول الاعمال كله، فعَزا وزيرا «التكتل» جبران باسيل والياس بو صعب هذا الامر الى عدم الأخذ بمطالبهما.

ودار نقاش مُستفيض لم يَخلُ من الحدّة والتشنّج، وتحوّلت الجلسة الى ما يشبه جلسة مصارحة وتأكيد أنّ الانقسام والاختلاف هو لَكمٌ بلا صراخ. ومَرّ النقاش في التعيينات مرور الكرام، فأكد سلام انّ وزيري الدفاع والداخلية المختَصّين أعطيا رأيهما بهذا الملف ولا داعي لإعادة فتحه.

وقال سلام، الذي وصفه بعض الوزراء بأنه تفوّق في صبره على أيوب: «لا تأخذوني الى المكان الذي يصبح فيه البلد كله في مأزق».

وعلمت «الجمهورية» أنّ سلام تعاطى منذ بداية الجلسة بكلّ ايجابية وفتحَ باب النقاش على مصراعيه، ولكن عندما تفاقمَ النقاش بين وجهات نظر متباعدة وانقسام حاد في المواقف، توجّه الى وزراء «التكتل» قائلاً: «هناك بكائية غير حقيقية وهناك مَن يشتكي من انه لا يأخذ حقه، لكنه يأخذ حقّه وزيادة». واضاف: «جميع الوزراء يقولون إني أساير الوزير جبران باسيل أكثر من غيره، لكن ما أفعله هو الحفاظ على فاعلية الحكومة».

وردّ باسيل قائلاً: «إنّ مجلس الوزراء مجتمعاً اتخذَ قراراً بأن لا تُتخذ القرارات إلّا بالتوافق».

فردّ سلام: «لكنّ التوافق يجب ان لا يتحوّل تعطيلاً. انا لن أكسر منطقكم السياسي ولن أدخل في تَحدٍ، وتمنيتُ عليكم اكثر من عشر مرات مناقشة جدول الاعمال، ولكنني سأكتفي بإقرار البند الأكثر إلحاحاً لأنّ المزروعات اللبنانية مهددة ونحن نخسر يومياً 800 طن من مزروعاتنا. لذلك أنا أصرّ على تمرير هذا القرار اليوم ولتسجّلوا اعتراضاتكم». ثم نهض سلام من مقعده وغادر قاعة مجلس الوزراء.

ولدى خروجهما، أصرّ باسيل وبو صعب على أنّ «هذا القرار لن يمشي، وأكدا انّ الطريقة التي أقرّ على اساسها غير مقبولة، لكنّ القرار صدر رسمياً ضمن المقررات التي اتخذت خلال الجلسة».

وفي هذا الاطار علمت «الجمهورية» انّ بعض الوزراء طلبوا من سلام ان يطرح الموضوع على التصويت فرفَض، واكتفى بتسجيل اعتراض 5 وزراء لأنّ وزير تيار «المردة» روني عريجي كان غائباً عن الجلسة.

أبو فاعور

وقال الوزير وائل ابو فاعور لـ«الجمهورية»: «النقاش كان عميقاً وعلى حدّ السكين، وواضح انّ هناك قراراً بعدم تسيير اعمال مجلس الوزراء. لقد عدّدتُ المخاطر أمام المجتمعين: ما يحصل على حدود سوريا، تدفّق النازحين، بالإضافة الى العسكريين المخطوفين، الوضع الاقتصادي وتهديدات البنك الدولي وتعطيل الحكومة ومجلس النواب».

وسأل أبو فاعور: «هل هناك وجهة للاستبداد السياسي؟ ام اننا نُعدّ وصفة للانتحار؟». وقال: «لا مخرج حالياً من المأزق، والرئيس تمام سلام يراعي الامور بالحد الأقصى». وذكّر بأنّ وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي «اعترضوا من الاساس على آلية العمل الحكومي، والتي كانت تحتاج يومها الى إجماع، ولم يؤخذ باعتراضهم».

الحنّاوي لـ«الجمهورية»

وقال الوزير عبد المطلب الحنّاوي لـ«الجمهورية»: «انّ جلسة اليوم (امس) فتحت كوّة في الحائط المسدود، ويمكن اعتبار اتخاذ القرار في شأن صادرات لبنان خطوة لعمل مجلس الوزراء لاحقاً في حال استمر أيّ مكوّن سياسي في التعطيل، ونحن الآن نؤمّن الحد الأدنى من تسيير المؤسسة الوحيدة التي تعمل».

قزّي

وعلمت «الجمهورية» انه وبعدما تحدّث سلام عن صلاحيات كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورَدّ باسيل وبو صعب على مَن يضع جدول الاعمال في غياب رئيس الجمهورية، طلبَ وزير العمل سجعان قزي الكلام فقال: «اليوم ليس اليوم المناسب للبحث في صلاحيات رئيس الحكومة التي نحترمها، ولسنا في وارد تفسير المادة التي تقول باطّلاع رئيس الجمهورية على جدول اعمال مجلس الوزراء، وهل يعني الاطّلاع القراءة فقط أم المشاركة وإبداء الرأي.

امّا في شأن صلاحيات رئيس الجمهورية فبدلاً من ان نَتباكى على هذه الصلاحيات في غياب رئيس الجمهورية فلنذهب الى مجلس النواب وننتخب رئيساً، إذ لا قيمة للاختلاف على صلاحيات الرئاسة والرئيس غير موجود».

ريفي

من جهته لفتَ الوزير أشرف ريفي، في مداخلة له في مجلس الوزراء، الى «انّ البلد شَبع سعياً الى إحياء النقاش البيزنطي في البلد، تارة حول صلاحيات الحكومة أو رئيسها، وتارة في مصير صلاحيات رئيس الجمهورية وحدودهما المتداخلة بالتفاهم ولا تنسيق بينهما كما في بقية الشؤون المطروحة دورياً».

وقال: «مع احترامنا للتفسيرات الدستورية والقانونية التي شَبعنا منها، والتي لا يمكن ان يختلف حولها عاقلان، ألفُت نظر الجميع الى خطورة استمرار تعطيل اعمال الحكومة في ظل التوتر الإقليمي والدولي، ففي حال تطورت الأمور سلباً سيكون البلد آيلاً الى السقوط في ظل هذا النقاش الذي لا يمكن ان يوصِلنا الى أيّ مكان».

درباس

وبدوره، قال الوزير رشيد درباس لسلام خلال الجلسة: «أنتَ يا دولة الرئيس حارس الهيكل في اعتباره هيكلاً مُنتجاً ويَعمل، امّا أن يصبح معطلاً وجامداً فعليك ان ترفع المسؤولية لأنه أصبح هيكلاً آيلاً للسقوط».

وفي خطوة لا تخلو من الفكاهة وَزّع درباس شِعراً على مجلس الوزراء يتناول فيه خصائص كل وزير، ويصِف طريقة الوزراء في المناقشة داخل الجلسة. ويقول فيه درباس بداية: «دولة الرئيس تمّام بك هذه الابيات الطويلة هي بعض ممّا تعانيه هذه الوزارة مع تحيتي ومحبتي».

مصادر وزارية

وقالت مصادر وزارية في فريق 14 آذار لـ«الجمهورية»: «إنّ الجلسة انتصرت لمنطق استمرار العمل في آخر المؤسسات الدستورية التي أنيطَت بها صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، وانّ تعطيلها سيزيد حجم المخاطر المترتبة على دور المؤسسات في ظل فشل مجلس النواب الذريع في ممارسة مهماته الدستورية بانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية قبل القيام بأيّ عمل آخر».

وأكّد احد وزراء هذا الفريق لـ«الجمهورية»: «كل ما رافق الجلسة منذ لحظة افتتاحها الى حين رفعها، شَكّل خطوة متقدمة في كسر حلقة التعطيل التي كان يريد البعض إطلاقها من مثل هذا الموقع وهذه المناسبة، لكنه لم ينجح في خطوته.

والجلسة باتخاذها قراراً وحيداً ويتيماً، أنهَت مَقولة انه لا يمكن البحث في اي بند من بنود جدول الأعمال ما لم يتمّ تعيين قائد جديد للجيش او اي أمر طارىء يمكن ان يُطرح من خارج جدول الأعمال بفِعل قوة قاهرة او متى حدثَ حادث في فترة تلي إعداد الجدول وتعميمه على الوزراء ضمن المهل القانونية والدستورية المعمول بها في النظام الداخلي للمجلس مع احترام صلاحيات رئيس الحكومة والوزراء وحدود ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية التي أنيطَت بهم وكالة».

مصادر نيابية

وفي معرض التعليق على ما انتهت اليه جلسة مجلس الوزراء، قالت مصادر نيابية بارزة لـ«الجمهورية» انّ سلام كان قد أبلغَ رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال لقائهما الأخير، انه سيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء بعد انقطاع 3 اسابيع بحيث يتمّ الالتزام خلالها بنصوص الدستور لجهة جدول أعمالها وطريقة اتخاذ القرارات، لكنّ تصرّف رئيس الحكومة في جلسة الأمس جاء مناقضاً لِما أبلغه الى بري، حيث انه لم يُكمل الجلسة ولم يتابع مناقشة جدول الاعمال. لكنّ هذه المصادر اكدت انّ سلام لن يتوقف عن الدعوة الى جلسات لاحقة لمجلس الوزراء.

دورة إستثنائية

وعلى هامش النقاشات، كان مرسوم فتح دورة استثنائية يجول على الوزراء لتوقيعه، ومع نهاية الجلسة حصل المرسوم على تواقيع 9 وزراء، هم: نبيل دو فريج، غازي زعيتر، اكرم شهيب، علي حسن خليل، نهاد المشنوق، محمد المشنوق، اشرف ريفي، رشيد درباس ووائل ابو فاعور، واحتسب معها توقيع سلام ووزيري «حزب الله» محمد فنيش وحسين الحاج حسن اللذين تعهّدا بتوقيعه، فأصبح المجموع خلال الجلسة 12 توقيعاً، ما دفعَ خليل الى القول امام الوزراء: «هذا الامر مُسيء للحكومة وللدولة وله سلبيّاته.

اذا لم نتمكّن من فتح دورة استثنائية للتشريع، فسينعكس الأمر على الاوضاع المالية والناتج المحلي والنموّ العام. مُتمنياً على الوزراء المتبقّين ان يعودوا عن مقاطعتهم ويوقّعوا.

وعلمت «الجمهورية» انّ مشاورات واتصالات تَلت الجلسة، تَوَلّى جانباً منها رئيس الحكومة، أسفرَت عن تعهّد عدد كبير من الوزراء بتوقيع المرسوم، من بينهم الوزيران ميشال فرعون وروني عريجي، وهذا ما أكّده الوزيران بو صعب وباسيل، كذلك وَعدَ الوزير بطرس حرب بدراسة الأمر، ما يعني انّ المرسوم بفَتح دورة استثنائية سيصدر في الساعات المقبلة بأكثر من 13 توقيعاً.

عون يهدد بالانفجار

وما جرى في مجلس الوزراء وجدَ صَداه في الرابية سريعاً، فقال رئيس «التكتل» النائب ميشال عون، بعد اجتماع استثنائي، «فليعلم الجميع أنّنا سنذهب إلى انفجار كبير، إنّهم يدفعوننا إلى الانفجار، فإنْ كانت هذه رغبتهم، لا بأس فلم نخشَ يوماً المواجهة وليَتنبّه الجميع من خطورة أخذنا إلى الانفجار، ونحن مستعدون للمواجهة بعد انكشاف نيّاتهم السيئة».

عون في مواجهة برّي لا سلام

وفي أوّل تعليق على تهديد عون بالانفجار في حال تمّ تنفيذ قرار دعم الحكومة للصادرات الزراعية من لبنان الى الخارج، قال مصدر وزاري لـ«الجمهورية»: «انّ قرار عون وتهديده لم يعد يعني الحكومة بمقدار ما يعني الرئيس برّي. فالقرار اتّخِذ على خلفية الموافقة الشاملة التي حظيَ بها البند في آخر جلسة عقدت لمجلس الوزراء سبقت جلسة 4 حزيران الماضي التي رفعت قبل بَتّه ومن دون الانتقال الى البحث في جدول اعمالها، والذي بقيَ هو هو حتى جلسة الأمس».

وأضاف: «انّ موقف عون بات على تَماس مع بري في هذا التهديد، في اعتبار انّ موافقة وزيري المال والأشغال العامة على المضيّ في تنفيذ قرار دعم الصادرات اللبنانية هو مفتاح الربط والحل في المراحل التطبيقية له، الى جانب توقيع كلّ من رئيس الحكومة ووزير الزراعة.

فالمرسوم الذي سيصدر هو مرسوم عاديّ ولا يحتاج لجميع الوزراء لكي يوقّعوه، وإذا تَعطّل تنفيذ القرار سيكون الأمر من مسؤولية برّي مُمثّلاً بوزيري المال والنقل، في اعتبار انه لن تكون هناك أيّ مشكلة في توفير توقيع رئيس الحكومة ووزير الزراعة الذي ناضلَ من اجل الوصول الى إقرار هذا البند منذ أن أقفلت الحدود السورية ـ الأردنية أمام البضائع اللبنانية في اتجاه دول الخليج وغيرها من أسواق المنطقة العربية».

الحوار

في ظل هذه الاجواء إنعقدت جلسة الحوارالرابعة عشرة بين «حزب الله» و»تيار «المستقبل» مساء أمس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة في حضور الرئيس نبيه برّي الى مائدة الافطار. وحضر عن «الحزب» المعاون السياسي للامين العام الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله ، وعن تيار «المستقبل» مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر.

كذلك حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل. وافاد بيان وزع بعد الجلسة ان بري «تحدث في بداية الجلسة عن اهمية هذا الحوار وضرورة استمراره، والذي يشكّل اللقاء الوحيد اليوم في العالم العربي في مواجهة الفتنة المستعرة في اكثر من منطقة. وجدد المجتمعون التزامهم استمرار هذا المسار. وعرضوا للاحداث الامنية التي حصلت أخيراً، واكدوا اهمية اتخاذ الاجراءات اللازمة من خلال الدولة لتثبيت الامن والاستقرار وحماية السلم الداخلي».

وليلاً أعلنت قيادة الجيش أنّ «شائعات تسري حول وجود توتر أمني في منطقة السعديات»، فأكدت أنها عارية عن الصحة، حيث تنفذ وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة، دوريات مؤللّة وحواجز ثابتة وظرفية لمنع أي إخلال بالأمن فيها.