IMLebanon

التعقيدات الإقليمية «تُرجئ» زيارة هولاند … وحلحلة قبل الحوار

إستأثر ما أعلنه رئيس الحكومة تمام سلام عن إرجاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارته الى لبنان، «ربما الى شهر تشرين الثاني»، بكل الاهتمام السياسي، ذلك أنّ هذا الإرجاء يؤشر بوضوح إلى تعقيدات اللحظة السياسية الإقليمية وصعوبة تحقيق خرق رئاسي في لبنان، خصوصاً أنّ الرئيس الفرنسي كان عازماً على زيارة تأتي بنتائج فعلية بعيداً من الزيارات البروتوكولية، وبالتالي عندما أيقنَ استحالة تحقيق هذا الخرق أو الإعلان بالحد الأدنى عن إيجابيات مرتقبة فضّلَ ترحيلَ زيارته إلى موعد لاحق. وفي مؤشر بالغ الوضوح إلى التعقيدات المشار إليها، التباين الأميركي- الروسي في الرؤية إلى دور الرئيس السوري بشار الأسد بين الرئيس الأميركي باراك اوباما الذي وصف الأسد بالطاغية ورفض العودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل الحرب، وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أكد ان قوات الأسد وحدها قادرة على محاربة «داعش». ولكن أكثر ما استوقف المراقبين ثلاثةُ أمور أساسية: الأمر الأوّل أنّ سلام لم يحسم موعد الزيارة المؤجلة في تشرين الثاني. والأمر الثاني أنّ إعلان التأجيل صدر عن رئيس حكومة لبنان قبل أن تعلن الرئاسة الفرنسية رسمياً هذا التأجيل. والأمر الثالث وجود معطيات فرنسية عن أنّ طهران في غير وارد تحريك الوضع في لبنان قبل تحريك التسوية السورية في مقايضة تتردّد بقوة داخل أروقة قوى 8 آذار. ولا يجب إغفال التطور الروسي في الملف السوري الذي قد يكون متصلاً بالموقف الفرنسي المستجد من الزيارة الرئاسية الفرنسية إلى لبنان. وفي موقف قد يفسِّر أسباب الإرجاء، أكد سلام أنّ «المجتمع الدولي مشغول بنفسه وبالأزمة السورية»، الأمر الذي لا يمكن وضعه سوى في سياق حصيلة مداولات سلام مع رؤساء الوفود.

أفضلُ توصيف أو تشخيص للمرحلة الراهنة في لبنان أعطاه ديبلوماسي غربي في جلسة مغلقة، فقال إنّ لبنان يعيش تناقضاً بين حوارات لا تعَدّ ولا تحصى في ظلّ حراك سياسي استثنائي، وتعطيلٍ متمادٍ عجزَت كلّ الحوارات القائمة عن تحقيق أي خرق سياسي على أي مستوى. وأضاف: وفي موقف تعويضي يأتيك من يقول إنّ التعطيل يبقى أفضل من الفوضى، وهذا صحيح، ولكن لا يبرّر الاستسلام للتعطيل.

وفي سياق التناقض نفسه تساءل الديبلوماسي عن كيفية التوفيق بين كلام البعض عن ضعف موقع رئاسة الجمهورية، وبين أنّ الفراغ الرئاسي أدى إلى شلّ معظم مؤسسات الجمهورية اللبنانية، الأمر الذي يدحض الترويج لضعف الرئاسة الأولى ويؤكد على محورية دورها الوطني؟

وانطلاقاً من دقّة هذا التشخيص قالت أوساط سياسية بارزة لـ«الجمهورية» إنّ كلّ القوى السياسية دون استثناء تعمل وفق سياسة شراء الوقت بانتظار مآلِ التطورات الإقليمية التي رُبِطت بالنووي وأصبحت مربوطة اليوم بالدور الروسي في سوريا والمنطقة في ظل معلومات لـ«الجمهورية» عن دخول روسي بقوة على خط الدفع لانتخاب رئيس جديد في لبنان.

مساع لتسريع التسوية

وقالت أوساط قيادية بارزة لـ«الجمهورية» ان قبل الموعد المرتقب للحوار في 6 و7 و8 تشرين المقبل يجب إنهاء أزمة النفايات، وإتمام التسوية الحكومية، من أجل إعطاء الفرصة اللازمة لهذه الثلاثية أن تحقّق النتائج المرجوّة، وكشفَت عن اتصالات ومساعٍ لإطلاق الخطة وتسريع التسوية الحكومية إفساحاً في المجال أمام الحوار للتفرّغ للملفات الأخرى بدءاً من الملف الرئاسي وصولاً إلى إعادة تحريك العمل الحكومي والمجلسي.

ورأت الأوساط أنّ الحوار جاء في توقيت ذهبي، حيث استبق المبادرة الروسية وأزمة اللاجئين التي حرّكت الدول الأوروبية من أجل تسريع إنجاز التسوية السورية، فأوجَد بيئةً لبنانية حاضنة لأيّ تحوّل في الأزمة السورية قادرةً على تلقّف التحوّلات المنتظرة من موقع المساحة المشتركة المتمثّلة بالحوار.

وأشارت إلى أنّ المطلوب في هذه المرحلة التبريد السياسي لإبقاء لبنان بمنأى عن تأثيرات وانعكاسات التحوّلات المرتقبة، ولفتَت إلى أنّ التوقعات والانتظارات من الحوارات القائمة يجب أن تبقى متواضعة، لأن لا حلول فعلية للأزمة الرئاسية وغيرها قبل أن تتظهّر معالم التسوية الإقليمية.

وقالت الأوساط إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يتحرك في ظل بيئة إقليمية ودولية مواتية لتحييد لبنان عن أتون الحرب السورية والحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني. واعتبرَت أنّ لقاءات رئيس الحكومة في نيويورك أكدت على هذه الرعاية الدولية الاستثنائية للبنان.

هولاند يؤجل زيارته

وفي موقف يعكس ضبابية المشهد السياسي واستحالة تحقيق أيّ خرق سياسي يُذكر، قال سلام «إنّ الرئيس هولاند أرجأ زيارته الى لبنان ربما الى شهر تشرين الثاني، كي تتوفّر ظروف النجاح لهذه الزيارة»، وأوضح أنّ هولاند لم يتوقف عن إجراء اتصالاته بشأن الملف الرئاسي»، واعتبَر، في دردشة مع الصحافيين المرافقين له إلى افتتاح أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، أنّ «المجتمع الدولي مشغول بنفسه وبالأزمة السورية، إضافةً الى مواضيع اخرى تتصدّر المحادثات في الامم المتحدة»، مشيراً إلى أنّ «لبنان يحضر دائماً على أجندات اللقاءات في نيويورك، ولكن على مستوى الحلّ لا شيء ملموس».

وعن المساعدات قال: «إنّ المجتمع الدولي يريد أموالاً وهو يتعاطى بجدّية اكثر مع ملف اللاجئين، كونه طرقَ ابواب اوروبا وأدركَ أنّه مقصّر في هذا الإطار». ووصَف سلام خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما في الجمعية العمومية بالمدروس جداً، مشيراً إلى «أنّه يحتوي على مقاربات لمواضيع عدة، أبرزها الملف السوري».

وكان سلام التقى هولاند في مقر إقامة الاخير في فندق لانغهام في نيويورك، وتم البحث في الاوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة إضافة الى أعمال وإجتماعات الجلسة العمومية للأمم المتحدة.

الجلسة 29

وتشهد ساحة النجمة غداً الجلسة التاسعة والعشرين لانتخاب رئيس الجمهورية التي لا مؤشرات تدلّ على اختلاف نتائجها عن ما سَبقها من جلسات، في ظلّ مقاطعة تكتّل «التغيير والإصلاح» ونواب كتلة «الوفاء للمقاومة» لجلسات الانتخاب.

وفي السياق، توَقّع النائب جمال الجرّاح عبر الـ«الجمهورية» أن «يكون مصير جلسة الغد شبيهاً بسابقاتها نتيجة المقاطعة المعروفة»، مؤكّداً أنّ «نواب «14 آذار» سينزلون الى المجلس للقيام بواجبهم الدستوري».

وقال الجرّاح إنّ «عون لا يتحمّل وحده مسؤولية المقاطعة والفراغ، بل إنّ «حزب الله» ومِن خلفِه إيران تريد إبقاء الرئاسة رهينة في يدها للتفاوض عليها وتحسين أوضاعها في المنطقة».

وعن إمكانية قيام تيار «المستقبل» بمبادرة تجاه عون أو «حزب الله» للوصول الى تسوية رئاسيّة داخلية، اعتبر الجرّاح أنّ «عون و»حزب الله» هما أداة في يدّ إيران تستعملهما لتعطيل الرئاسة، والمبادرة تجاههما لا تنفع لأنّ القرار ليس معهما».

وأشار الجرّاح الى انّ «الجديد في الملفّ الرئاسي هو الاندفاعة الفرنسية وتكثيف الديبلوماسيّة الفرنسية ضغطَها في اتجاه إيران للإفراج عن الرئاسة، وتأكيد الرئيس أنّ الرئاسة اللبنانية أولوية بالنسبة للفرنسيين، يضاف إليه الضغط الذي يمارسه قداسة البابا فرنسيس ومحاولته خرقَ الجمود الرئاسي، ونأمل خيراً أن توصِل مساعي فرنسا التي تدعم الدولة اللبنانية وليس فريقاً واحداً، ونشاطُ البابا، إلى إتمام الاستحقاق الرئاسي».

مجلس الوزراء

وقالت أوساط وزارية لـ«الجمهورية» إنّ جلسة متوقّعة لمجلس الوزراء مبدئياً الجمعة المقبل، وقد تشهد ولادة التسوية المتصلة بالترقيات العسكرية في ظلّ سيناريو لتقطيعها على قاعدة الثلثين لا الآلية الحكومية التي تنصّ على إرجاء أيّ بند في حال اعتراض مكوّنَين حكوميين.

وقالت الأوساط إنّ اعتراض وزراء «الكتائب» والرئيس ميشال سليمان يحول دون إقرار مرسوم الترقيات ربطاً بالآلية المعمول بها، فيما الذهاب إلى التصويت عملاً بالصيغة التي اقترحها رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة في الخلوة السداسية بعد الجلسة الحوارية يتيح تمرير المرسوم بأكثرية الثلثين.

واعتبرَت أنّ اضطرار رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون إلى القبول بهذه الصيغة لتمرير التعيينات سيحوّلها إلى قاعدة وعرفٍ للمرحلة المقبلة، وبالتالي يُصار إلى استبدالها بالآلية القائمة، إلّا أنّ محور «حزب الله»- عون يحاول وضعَ هذا الإجراء في الإطار الاستثنائي.

أزمة النفايات

وفي ظل التأجيل المتكرر لانطلاق الساعة الصفر لتنفيذ خطة النفايات، أعلن وزير الزراعة أكرم شهيب بعد لقائه عون، ردّاً على سؤال عن ماهية الوقت الذي حدّده لنفسه لتنفيذ الخطة، فقال: «واجباتي ان أذلّل العقبات. الدولة تأخذ القرار، ولم أوفّر أحداً إلّا وتواصَلت معه»، وأضاف: «على الدولة ان تحسم امرَها، وعليّ ان أستكمل كل الاتصالات لأذلّل كلّ العقبات أكانت عِلمية أو بيئية. نحن قمنا بواجبنا، وعلى الشعب اللبناني ان يحكم مَن يدمّر البيئة والبلد إذا كان الرفض لمجرّد الرفض».

«المستقبل» – «الحزب»

وعلى جبهة موازية يستعدّ «حزب الله» و«المستقبل» للجلسة التاسعة عشرة للحوار وسط أجواء متشنّجة رَفعت من حماوتها حادثة الحجّاج في منى، والتي تفاعلت ردوداً وردوداً مضادة بين الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري، في ظلّ تساؤلات عن مدى تأثير هذا السجال على الحوار الدائر بين الطرفين، ولكنّ النائب سمير الجسر أكّد لـ«الجمهورية» أنّ «الحوار بين «المستقبل» والحزب مستمرّ لأنه ضرورة لتخفيف الاحتقان في الشارع، وقد أثبتَ جدواه على رغم أنّه لم يستطع تحقيق المعجزات».

ولفتَ الجسر إلى أنّ «ردّ «المستقبل» على «حزب الله» هو ردّ طبيعي على الافتراءات التي سيقت في حقّنا، وإذا سَكتنا عنها نكون موافقين على كلّ التهَم التي وُجّهت لنا، وهذا لن نقبله، لأننا بالأساس طرَحنا مشروعاً إصلاحياً، فيما هناك فريق يعطّل الدولة ويقوّي الدويلة، وهو سبب الأزمة التي نعيشها، وليس نحن».

وأوضَح الجسر أنّ «المستقبل» ذاهب الى جلسة الحوار مع «حزب الله» في 6 تشرين بعد مشاركته في اليوم نفسه في طاولة الحوار الجامعة، ونأمل التوصّل الى نتيجة»، معتبراً أنّ «الوقت حان ليصل اللبنانيون الى مرحلة الرشد وعدم انتظار كلمة السرّ الخارجيّة كما لمَّح نصرالله».

11 تشرين الأول

وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ العماد عون يعتزم في التظاهرة التي دعا إليها في 11 تشرين الأول إقامةَ قدّاس إلهي على طريق القصر الجمهوري في بعبدا، يَحضره شخصياً ويُلقي كلمةً يُذكّر فيها بالماضي، وتحديداً بمناسبة 13 تشرين الأوّل من العام 1990، ويجدّد التمسك بترشيحه الرئاسي. وكشفَت «المعلومات» أنّ عون أراد تحويل التظاهرة في بعبدا إلى مناسبة للصلاة من أجل استنهاض المسيحيين وتزكية خياره الرئاسي.

سعيد وفرنجية

وفي سياق آخر، علمت «الجمهورية» أنّ أمين عام قوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد يزور ورئيسَ المجلس الوطني لمستقلّي 14 آذار النائب السابق سمير فرنجية العاصمة الفرنسية باريس لعقدِ لقاءات عدّة مع الخارجية الفرنسية، وأوضَح سعيد لـ«الجمهورية» أنّ «اللقاءات المرتقبة ترتّبَت بالتعاون مع السفارة الفرنسية في بيروت»، وعن أهداف الزيارة قال إنّها «ترمي إلى تبادل وجهات النظر».

أبادي بخير

وفي مجال آخر علمت «الجمهورية» أنّ السفير الإيراني السابق في لبنان غضنفر ركن أبادي هو بصحّة جيّدة، وقد تعرّض خلال تدافع الحجّاج في منى لرضوض وجروح، وتتمّ معالجته في إحدى مستشفيات السعودية.