IMLebanon

 خريطة طريق لبرِّي نهاية آب … وترحيل الإستحقاقات الداخلية إلى أيلول

دفعَت سخونة التطوّرات في المنطقة إلى خلط الأوراق، وفرَضت مزيداً من تنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب ومعالجة الأزمة السورية، بين موسكو وأنقرة من جهة، وواشنطن وموسكو من جهة أخرى. ولهذه الغاية، اتصَل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، واتفقا على لقاء ثنائي خلال قمّة العشرين المقرّرة في 4 و5 أيلول المقبل في الصين، في وقتٍ دفعَت تركيا بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى مناطقها الحدودية مع سوريا، لدعم عملية «درع الفرات»، مؤكّدةً التصميم على مواصلة عملياتها العسكرية على الجانب السوري من الشريط الحدودي إلى حين تطهير المنطقة من تنظيم «داعش» والمنظمات الإرهابية الأخرى. وفي المقلب الآخر، شهدت جنيف لقاءً بين وزيرَي الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وانضمّ إليهما لاحقاً الموفد الأممي ستيفان دوميستورا، وتناوَل البحث الوضعَ في سوريا والتنسيقَ الأمني بين البلدين لمحاربة «داعش» فيها، ومحاولة استئناف محادثات السلام. وجاء هذا اللقاء بعد انطلاق المرحلة الأولى من تنفيذ اتفاق داريا في غوطة دمشق الغربية، والقاضي بخروج المسلّحين والمدنيين من المدينة، في ما يُخشى أن يكون ضمن عمليات ممنهَجة لتغيير ديموغرافي قسري في سوريا.

قالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» إنّ «تداعيات الحدث التركي التي تمثّلت بالانقلاب الفاشل وما تلاه، أعادت خَلط الأوراق في المنطقة عموماً، وفي اتّجاهات يتوقع أن تؤدي مفاعيلها عاجلاً أم آجلاً، إلى فرض حلول وتسويات للأزمات الإقليمية.

إلّا أنّ ذلك لن يبدأ إلّا بعد الإجهاز على «داعش» وأخواتها في سوريا والعراق، فضلاً عن بلوَرة حلّ للأزمة اليمنية يبدو أنّه تمّ إطلاق يد الولايات المتحدة الأميركية فيه، بدليل ما قاله وزير الخارجية الاميركي جون كيري إثر محادثاته مع المسؤولين السعوديين في جدة، من أنّ حرب اليمن يجب أن تنتهي في أسرع وقت. وقد جاء هذا الموقف الأميركي عقب سحبِ واشنطن مستشاريها العسكريين من السعودية، والذين كان لهم صلة بشكل أو بآخر بإدارة الحرب في اليمن.

وتعتقد هذه المصادر الديبلوماسية «أنّ هذه التطوّرات أدخلت أزمة لبنان في حالٍ مِن الجمود إلى أجلٍ غير مسمّى، مِن دون أن تلغي عنصرَ المفاجأة الذي يمكن أن يبرز في أيّ لحظة، خصوصاً أنّ لبنان مدرَج في لائحة دول المفاجآت، وفيه مِن السوابق ما يشير إلى ذلك».

مراوحة محلّية

وسط هذا المشهد الإقليمي ـ الدولي، تحَكّمت المراوحة والجمود بالمشهد السياسي الداخلي، مع ترحيل كلّ الاستحقاقات والمواعيد إلى أيلول المقبل، الذي تُسجّل روزنامته في الخامس منه جلسةً جديدة للحوار الوطني، لتَليها في السابع منه جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وفي الثامن جلسة لمجلس الوزراء، قبل أن تنعقد جولة جديدة من الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» مساء العشرين من أيلول، تسبقها نهاراً جلسة للجنة الإعلام والاتصالات النيابية لاستكمال مناقشة ملفّ الإنترنت غير الشرعي.

خريطة طريق لبرّي

وتسبق كلَّ هذه المواعيد، محطة سياسية بارزة تتمثّل بالخطاب الذي سيلقيه رئيس مجلس النواب نبيه بري في 31 آب الجاري في مدينة صور، في الذكرى السنوية الثامنة والثلاثين لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ حسن يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، أثناء زيارتهم لليبيا عام 1978.

وذكرَت مصادر في حركة «أمل» لـ«الجمهورية» أنّ برّي «يعكف منذ ثلاثة أسابيع على كتابة الكلمة التي سيلقيها، وهو يُعدّل فيها بما يتلاءم مع المتغيّرات على مستوى لبنان والمنطقة». وكشفَت أنّ برّي «سيطرح خريطة طريق لإنقاذ لبنان، ومبادرات للحلّ وأفكاراً وطنية تلامس الهموم والمشكلات».

ووصَفت هذه المصادر كلمة برّي بأنّها «مهمّة وستلامس المشكلات التي يواجهها لبنان على صعيد الشغور الرئاسي وتعطيل المجلس النيابي، حيث سيؤكّد على الحوار سبيلاً وحيداً لحلّها، بما فيها الوصول إلى قانون انتخابي، وسيشدّد على أهمّية عدم تعطيل مجلس الوزراء آخِر مؤسسة دستورية، لأنّه إذا وقع السقف فسيقع على الجميع بلا استثناء»، مشيرةً إلى أنّ برّي «سيتطرّق إلى الوضع العربي والإقليمي والدولي، وسيتّخذ مواقفَ شجاعة على صعيد قضيّة الإمام الصدر، إذ لا علاقات ديبلوماسية مع ليبيا إلّا بجلائها».

إجازة حكومية

في هذا الوقت، وبعدما دخلت الحكومة في إجازة قسرية مع غياب جلسات مجلس الوزراء لفترة أسبوعين، بفِعل سَفر رئيسها تمّام سلام إلى الخارج، يُنتظر أن تشكّل هذه الفترة فرصةً لاستمرار الاتصالات السياسية بغية احتواء التوتّر وترميم التصدّع الحكومي بعد تعليق وزراء «التيار الوطني الحر» مشاركتَهم في جلسات مجلس الوزراء.

جرعة دعم

وقالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» إنّ الحراك الديبلوماسي في الأيام القليلة الماضية وفّرَ جرعة دعم للحكومة، بغية ضمان بقائها بالحدّ الأدنى من التضامن الذي يَكفل اجتماعاتها بنصاب قانوني، لتمارس مهمّاتها وكالةً عن رئيس الجمهورية وتعالج القضايا الطارئة بالحد الأدنى من تضامنها.

وأكّدت المصادر «أنّ بعض السفراء المعتمدين في لبنان الذين تحرّكوا أخيراً، سجّلوا ملاحظاتهم على بعض المواقف وتمنّوا وقفَ التصعيد في وجه الحكومة، وهو ما أدّى إلى تشبثِ سلام بموقفه المتشدّد من الاجتماع الحكومي أياً كانت الأثمان.

فهو يدرك حجم وأهمّية الغطاء المتوافر له ديبلوماسياً بعدما تبلّغَ دعمَهم. وإنّ ما كان ينقصه هو الغطاء الداخلي الذي وفّرَه دعمُ رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وإنّ تدخُّلَ «حزب الله» ودعوتَه إلى تأجيل الجلسة الماضية كان واجباً سياسياً تجاه حليفه العماد عون، ولكن من دون أن يشاركه المقاطعة أو تجميد مشاركته الحكومية».

«14 آذار»

وفي هذا السياق، توقّعَ مصدر نيابي في فريق 14 آذار لـ»الجمهورية» أن تتصاعد الحملة العونية على الحكومة في الأيام والأسابيع المقبلة، حتى ولو اقتضى الأمر إسقاطها، لأنّ الفريق العوني يخشى من سقوط ترشيح رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية والتي يرجَّح فيها فوزُ المرشّحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، حيث إنّ المؤشرات تدلّ إلى أنّ هذه الأخيرة تنوي إعادةَ تفعيل الدور الأميركي في لبنان والمنطقة، وهذا التفعيل لا يَلحظ أيّ دور لأيّ مِن المرشحين الأقوياء للرئاسة اللبنانية، وإنّما ينحو في اتّجاه دفعِ الأفرقاء السياسيين إلى اتّفاق على مرشّح توافقي».( راجع ص 14)

خليل

وفيما الحكومة في إجازة، رفعَ وزير المالية علي حسن خليل أمس إلى مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحَقة لسَنة 2017، وأملَ مِن مقام المجلس أن يُصار إلى درسه وإقراره وإحالته إلى المجلس النيابي وفق الأصول.

وقال خليل لـ«الجمهورية»: «لقد أحلتُ الموازنة على الحكومة ضمن المهلة الدستورية قبل الثلاثين من آب، إفساحاً لها في المجال لمناقشتها وإقرارها وإحالتها الى المجلس النيابي، قبل تشرين الأوّل، أي قبل فتحِ الدورة التشريعية العادية، لأنّ المجلس النيابي إذا تقاعسَ عن مناقشتها وإقرارها ما بين تشرين الأوّل وكانون الثاني، أي ضمن الدورة العادية، فلا يحقّ للحكومة أن تصدرها بمرسوم. أمّا إذا كانت النيّات صادقة في إقرارها داخل الحكومة، فعلى كلّ القوى السياسية أن تتحمّل مسؤولياتها وتقِرَّها قبل هذه المدّة، وبذلك ستكون الحكومة قد سَجّلت سابقةً في تاريخ لبنان».

المشنوق

إلى ذلك، جدّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق تأكيده إجراءَ الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها، مشيراً إلى أنّ الوزارة تَبني على إنجاز الانتخابات البلدية والاختيارية في أيار الماضي، من أجل إتمام العملية الانتخابية النيابية بأفضل الشروط بشكل يعزّز حرّية التعبير واحترامَ خيارات الناخبين، ويَدعم الديموقراطية في لبنان.

وشدّد المشنوق، لوفدٍ من «الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات»، على أهمّية التعاون مع جمعيات المجتمع المدني المعنية بالانتخابات، مشيراً إلى أنّه أعطى توجيهاته إلى المعنيين في الوزارة لتعزيز التواصل مع كلّ هذه الهيئات في إطار الاستعدادات لإجراء الانتخابات المقبلة.