IMLebanon

هل تجرع الحكومة «كأس الجرأة» وتقرُّ الموازنة بمرسوم؟

هل تجرع الحكومة «كأس الجرأة» وتقرُّ الموازنة بمرسوم؟

عسيري يردّ على حزب الله: إحترموا عقول اللبنانيين والمملكة لم تُعرقل إنتخاب الرئيس

السفير عسيري يتسلم الدرع التكريمي من رئيس مجلس العمل والاستثمار اللبناني في المملكة العربية السعودية محمّد شاهين والأمين العام فادي قاصوف وحولهما أعضاء المجلس (تصوير: جمال الشمعة)

رسمياً، قرّر مجلس الوزراء «الأخذ باقتراح وجوب إقرار الموازنة العامة للعام 2017، وفقاً للأصول وخلال المهل الدستورية»، لكن عملياً لم تنته مشكلات التقرير الذي قدمه وزير المال علي حسن خليل، والذي أخذ مجلس الوزراء بدعوته لإقرار الموازنة، ضمن مخرج دستوري يستند إلى المادة 86 من الدستور التي تفسح المجال امام رئيسي الجمهورية والحكومة لإصدار الموازنة بمرسوم إذا تقاعس المجلس النيابي عن اقرارها ضمن المهلة الاستثنائية التي يمكن أن تمتد إلى عقد استثنائي ينتهي في 31 كانون الثاني.

ومن الثابت أن الرئيس تمام سلام تبنى هذه الوجهة من زاوية مادة دستورية أخرى، هي المادة 62 والتي تنص: «في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء»، فمجلس الوزراء الذي ينوب عن رئيس الجمهورية مع الرئيس سلام، بإمكانه وفق اجتهادات دستورية وقانونية، إصدار الموازنة بمرسوم «يجعل بموجبه المشروع (مشروع الموازنة) بالشكل الذي تقدّم به إلى المجلس مرعياً ومعمولاً به، مع مراعاة المحاذير التي تمنع استعمال هذا الحق».

وكشف مصدر وزاري لـ«اللواء» أن هناك فصلاً ما بين إنجاز مشروع موازنة 2017 الذي تعهد الوزير خليل بانجازه في وقت ليس ببعيد، على ان يُقرّ في مجلس الوزراء قبل احالته إلى مجلس النواب مع بدء عقد تشرين الاول العادي، لمناقشة الوضع المالي حيث يفترض أن تعود الحكومة في جلسات متتالية إلى معاودة البحث فيه بعدما بات انه لم يعد مرتبطاً باعتبارات مالية فقط، بل بأمور سياسية ومالية واقتصادية.

وفي الآلية المقترحة لإقرار الموازنة، يتعين على المجلس النيابي أن يقرها قبل نهاية السنة الحالية، وإذا لم يقرها المجلس لسبب من الأسباب يتعين على الحكومة كشرط لاصدارها بمرسوم فتح دورة استثنائية تستمر حتى نهاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة وعليه، فإذا لم يُقرّ المجلس في العقد الاستثنائي المخصص لإقرار الموازنة، يمكن عندئذ للحكومة أن تصدرها بمرسوم، على ان تقدم قبل بداية العقد العادي بـ15 يوماً على الأقل.

وسيتعين على وزير المال إنجاز الموازنة في مهلة أقصاها الأوّل من أيلول، حتى يمكن الاستفادة من الآلية الزمنية الدستورية التي يمكن أن يسلكها مسار إقرار الموازنة.

والسؤال: ماذا يترتب عن إقرار موازنة الـ2017 مع العلم أن سائر الموازنات الأخرى بقيت من دون إقرار، وماذا عن قطع الحساب قضية الـ11 مليار دولار التي يثيرها الوزير خليل بين الفينة والفينة.

ووفقا لمصادر وزارية، فان إقرار الموازنة هل بات يعتبر من تشريع الضرورة؟ وماذا يترتب عن صدورها بمرسوم في حال لم يُصرّ إلى انتخاب رئيس في فترة زمنية لا تتجاوز 22 تشرين الثاني الذي يصادف عيد الاستقلال، وتبذل جهود حثيثة لعدم استمرار الشغور الرئاسي بعد هذا التاريخ.

وتبدي هذه المصادر تشكيكها بأن تساعد الظروف السياسية على إنجاز الموازنة التي باتت مرتبطة بملف النفط، والرهان المالي على مداخيله، لإطفاء الدين المتراكم، وفي ضوء الموقف المنقول عن زوّار عين التينة من انه لم يخف استياءه من فرملة هذا الملف وتسييسه، مشيراً إلى ان أي تأخير في تلزيم بلوكات النفط في الجنوب او في الشمال يشكل خدمة غير مباشرة لإسرائيل.

ويأتي موقف برّي هذا، بعد الموقف المنسوب إلى الرئيس سلام من انه لن يدعو اللجنة الوزارية الخاصة بملف النفط إلى اجتماع قبل إنجاز الملف ومقاربته بشكل واضح وشفاف، داعياً إلى استكمال كل المعطيات، وإبعاد الملف عن المزايدات والمواقف السياسية.

وعلمت «اللواء» من مصادر تعمل على خط تذليل العقبات أو الاعتراضات أن هذا الملف إذا لم يحسم فانه سيطرح على جلسات الحوار في الأيام الثلاثة في 2 و3 و4 آب.

السفير عسيري

في هذا الوقت, جدّدت المملكة العربية السعودية دعمها للبنان واقتصاده، وفصل قطاع الإنتاج عن الأزمات السياسية، والابتعاد عن أياد الشر التي تتربّص بالمنطقة ولبنان.

وأكد سفير المملكة علي عواض عسيري في عشاء تكريمي أقامه على شرفه مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية مساء أمس في فندق «الفورسيزنز» أعلن خلاله المجلس إهداء المملكة مساحة هكتار من أرض محمية أرض الشوف وتخصيصها كواحة تحت إسم «واحة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود» رمزاً للصداقة اللبنانية – السعودية، أكد أن «المملكة التي لطالما فتحت قلبها وذراعيها للأشقاء اللبنانيين ووقفت إلى جانب لبنان كانت وستبقى بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الدولة الأكثر حرصاً على هذا البلد الشقيق وأبنائه الطيّبين».

وفي ردّ مباشر على كبار مسؤولي «حزب الله»، دعا السفير عسيري هؤلاء إلى «أن يكفّوا عن اعتماد أسلوب التعمية وتشويه الحقائق، فالمثل اللبناني يقول: الشمس شارقة والناس قاشعة»، وتساءل: «بربّكم ألم يعد هناك احترام لعقول اللبنانيين، أيعتقدون أن الشعب اللبناني لا يميّز بين الحقيقة والرياء؟»، وذلك في معرض ردّه على مواقف صدرت عن حزب الله واتهمت المملكة بأنها تُعرّقل انتخاب رئيس الجمهورية.

ولاقت كلمة السفير عسيري إرتياح الحاضرين، لا سيّما لجهة التأكيد على مجالات الاستثمار المفتوحة أمام اللبنانيين في المملكة التي من المرجح أن تكون من أغنى اقتصاديات الشرق الأوسط، وأن تصبح سادس أكبر إقتصاد في العالم بدءاً من العام 2020.

جنبلاط في بكركي

وعلى خط الحراك الداخلي، كانت محطة للنائب وليد جنبلاط في بكركي، تناولت تحصين المصالحة التي كرّسها البطريرك نصر الله صفير في الجبل، والعمل المشترك بين المختارة وبكركي لإنتاج تسوية من شأنها أن تساهم في انتخاب رئيس للجمهورية، وفقاً لما أشارت إليه «اللواء» في عددها أمس.

ولم يُخفِ جنبلاط أن زيارته لم تكن فقط لدعوة البطريرك بشارة الراعي لافتتاح الكنيسة المرمّمة في المختارة، بمبادرة من آل الخازن (وقد شارك النائب السابق فريد هيكل الخازن في اللقاء) بل تضمّنت جولة أفق سياسية في محاولة لملاقاة جلسة الحوار التي دعا إليها الرئيس برّي في 2 آب.

وأعلن جنبلاط أنه لم يتطرّق مع البطريرك الراعي إلى أسماء المرشحين للرئاسة من زاوية قبول هذا أو رفض ذاك، فالهمّ الأساسي لديه كان إنتاج تسوية لبنانية تؤدي إلى انتخاب الرئيس بصرف النظر عمّا يكون هذا الرئيس.

وكشف مصدر اطّلع على أجواء اللقاء أنه اتسم بالتفاهم بين النائب جنبلاط والبطريرك الراعي على أهمية تكثيف المساعي في غضون الأسبوعين المقبلين للتفاهم على قانون الانتخاب وضرورة إحياء الجهود القوية لإنهاء الشغور الرئاسي والخروج من دائرة انتظار التطورات الإقليمية والدولية، وملاقاة الجهود التي يبذلها الرئيس برّي عند منتصف الطريق.

مجلس الوزراء

إلى ذلك، وبالعودة إلى جلسة مجلس الوزراء، أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن الجلسة اتّسمت بالواقعية، بحيث شرع الوزراء في مناقشة تقرير الوزير خليل الذي تضمّن توصيفاً للواقع وعرضاً للحلول تحت عناوين: إقرار الموازنة، والإجراءات الضريبية وملف النفط.

ولفتت المصادر إلى أن مسألة إقرار الموازنة وإصدارها بمرسوم تركت للنقاش بين الرئيس سلام والوزير خليل، مشيرة إلى أن هناك وزراء قدّموا اقتراحات لمعالجة الوضع المالي الصعب مثل التحسينات الضريبية والعقارات والكهرباء، فيما ركّز آخرون على وقف الهدر واللجوء إلى الحوكمة ومعالجة ملف النازحين السوريين.

وأكدت المصادر أن معظم الكتل لم تعترض على لجوء الحكومة إلى المادة 86 من الدستور التي تخوّلها إقرار الموازنة بمرسوم، على الرغم من وجود أفرقاء اجتهدوا للحديث عن عدم دستورية هذه الخطوة.

وفي هذا المجال، قال وزير الأشغال غازي زعيتر لـ«اللواء»: «نحن لا نريد أن نتجاوز صلاحيات أحد، لكن هل يجوز ألّا نتخذ إجراءات لمصلحة النّاس عندما تواجهنا مشاكل أو عندما يكون هناك شعور بوجود خلل ما؟».

وكشفت المصادر عن أن هناك جولة من الاتصالات سيقودها الرئيس سلام ووزير المال لتأمين التوافق السياسي لإقرار الموازنة وفق النص الدستوري، خصوصاً وأنه لا يمكن معرفة ما إذا كان المؤيّدون للخطوة سيعودون عن رأيهم، استناداً إلى تجارب الحكومات السابقة بدءاً من العام 2005، تاريخ آخر موازنة أُقرّت في مجلس النواب، مع العلم أن ما طُرح في المجلس لم يقرّ وإنما هو قابل للأخذ والردّ والنقاش توصلاً إلى رؤية مشتركة مدخلها الموازنة، لأن الاستمرار في الصرف على أساس القاعدة الاثني عشرية سيزيد الوضع المالي تعقيداً.