IMLebanon

كأس الأزمات يطوف بضغط الشارع اليوم.. وقانون الإنتخاب «يتأرجح» بين الصِيَغ

يأتي الحراك النقابي الذي سيبلغ ذروته اليوم بالتظاهرات والاعتصامات تزامناً مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء لفرضِ إقرار سلسلة الرتب والرواتب ضمن الموازنة العامة، كنقطةٍ يطوف بها كأس الأزمات التي تعيشها البلاد، بدءاً من الملف الانتخابي وليس انتهاءً بالموازنة وضرائبها، وتداعيات أزمة النازحين السوريين وما تفرضه من ضغوط إضافية اقتصادية وأمنية ومعيشية تستنزف البلاد.

في الملف الانتخابي، يشتد الخلاف في ظل أفق مسدود لا يبعث على التفاؤل بإقرار قانون الانتخاب العتيد قريباً. فكلّما طُرح مشروع سرعان ما يُخنَق في مهده ليشيع مناخاً تشاؤمياً من الوصول الى الفراغ، او على الاقلّ العودة الى دوّامة التمديد المرذول، والذي سيكون «أبغضَ الحلال» للحؤول دون الوقوع في الفراغ.

ومع انّ رئيس الحكومة سعد الحريري وقّع أمس مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، بعد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، رامياً الكرةَ في ملعب بعبدا، فإنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ثابت في موقفه بعدم توقيع هذا المرسوم، مُمارساً في رفضِه هذا مزيداً من الضغوط على الأفرقاء ليتفقوا على قانون جديد.

وأكّدت دوائر قصر بعبدا مساء أمس أنّها تسلّمت المرسوم حاملاً توقيعَي الحريري والمشنوق، وبات مجمّداً في مكتب رئيس الجمهورية.

وقالت هذه الدوائر «إنّ عون لن يوقّع المرسوم التزاماً منه بموقفه الصارم من هذا الموضوع، فصدور هذا المرسوم بالتحديد يعني دعوة اللبنانيين الى انتخابات نيابية على اساس قانون الدوحة، وهذا لا يمكن القبول به على الإطلاق، وهو أمر مفروغ منه ولا يحمل ايّ جدل».

وعن الخطوة البديلة قالت هذه الدوائر لـ«الجمهورية» إنّ «السعي الى قانون انتخاب جديد هو البديل الوحيد، وإنّ هناك مهلة كافية للتفاهم على مثل هذا القانون».

وعن مصير المهل المستهلكة حتى الآن قالت هذه الدوائر «إنّ أيّ قانون جديد سيُجري إعادة نظر شاملة بكلّ المهل الخاصة بالعملية الانتخابية. فالسوابق على ذلك كثيرة وقد استُبدلت مُهلُ كانت تُحتسب بالأشهر بأيام قليلة، وهو أمر ممكن متى تفاهم اللبنانيون على القانون الجديد».

عون

وكان عون قد أعلنَ أمس أنّ مهلة دعوة الهيئات الناخبة لا تنتهي في 21 شباط لأنّ ولاية المجلس النيابي تنتهي في 20 حزيران المقبل، ما يعني أنّ هناك فرصة لإقرار قانون انتخابي جديد، وقال: «لا زلت متشبثاً في الوصول إلى نتيجة إيجابية في أسرع وقت ممكن».

سقوط مشروع باسيل

وعلمت «الجمهورية» انّ مشروع الوزير جبران باسيل القاضي بالتأهيل الاكثري على اساس القضاء والانتخاب النسبي على اساس لبنان 14 دائرة، قد سَقط بفعل معارضة بعض الافرقاء، وخصوصاً تيار «المستقبل»، ليعودَ البحث الى مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ومشروع النسبية الكاملة.

وفي المعلومات انّ «المستقبل» اعترَض على ان تكون نسبة التأهيل 10 في المئة وأن يتأهل المرشّحان الأول والثاني من بين الفائزين بهذه النسبة في القضاء، وتمسّك بأن تكون نسبة التأهيل 20 في المئة وأن لا تحدّد بالمرشحَين الاول والثاني فقط. وكانت النتيجة ان سُحبَ مشروع باسيل عن طاولة البحث من دون ان تتوقف الاتصالات الثنائية وأحياناً الثلاثية بحثاً عن صيغة جديدة.

وتفيد المعلومات انّ ما يطرحه باسيل ليس منسّقاً مسبَقاً مع رئيس الجمهورية الذي يترك لباسيل بما يمثّل من تيار سياسي هامش تحرّكٍ، من دون ان يعني ذلك انّ رئيس الجمهورية ملزَم في تأييد ما يقترحه باسيل.

وأكّدت مصادر معنية بالاستحقاق النيابي لـ«الجمهورية» انّ عون يؤيد مشروع حكومة ميقاتي، منسجماً في الموقف مع أفرقاء آخرين يؤيدونه، على رأسهم «حزب الله»، وطبعاً على ان يتمّ إدخال بعض التعديلات على هذا المشروع بما يجعله مقبولاً لدى الجميع.

وأشارت هذه المصادر الى أنه «لن يكون هناك قانون انتخابي خارج احد خيارَي مشروع ميقاتي ومشروع النسبية الكاملة كما هما أو معدّلين، لا فارق، وإلّا ستنقضي المهل ولن تحصل الانتخابات على اساس قانون الستّين مهما كلّف الأمر.

من هنا قالت المصادر إنّ حديث رئيس مجلس النواب نبيه بري عن أنّ المجلس سيّد نفسه ولن تقعَ البلاد في فراغ نيابي هو كلام ينطوي ايضاً على حضّ اضافيّ وتحفيز للقوى السياسية للاتفاق على قانون جديد قبل انتهاء المهل وإلّا سيجد المجلس نفسَه مضطراً إلى تمديد تقني لا يتعدّى ستة أشهر بشرط ان يتضمّن قانون التمديد تأكيداً واضحاً لإجراء الانتخابات ضمن هذه الفترة.

«14 آذار»

وسأل قيادي بارز من مستقلّي ١٤ آذار «عن أيّ تسوية يتحدثون منذ انتخاب عون وهم لا يتفقون على شيء من الملفات السيادية والانتخابية؟ وقال لـ«الجمهورية»: «إذا كان توقيع وزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس الحكومة سعد الحريري مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على الرغم من اعلان رئيس الجمهورية صراحةً أنّه لن يوقّعَ المرسوم من باب الخلاف، فهذا نذير أزمةٍ دستورية وسياسية ووطنية من شأنها إيقاع لبنان في فراغ تشريعي، في وقتٍ ادّعى أركان التسوية انّ انتخاب العماد عون هو لوضعِ حدّ للفراغ الدستوري في رئاسة الجمهورية.

وإذا كان من باب توزيعِ الادوار، فالمشكلة تصبح اكبر، لأنّ ذلك يعني انّ ما يجري هو جزء من التسوية السياسية على حساب الاستقرار السياسي والدستور وتداولِ السلطة وحقّ الناس في اختيار ممثليهم».

مشاورات بكركي

وفي اطار المشاورات المسيحية، شهدت بكركي، التي استقبلت مرشّحة اليمينِ للانتخاباتِ الرئاسيةِ في فرنسا مارين لوبن، سلسلة لقاءات ابرزُها زيارة الوزير ملحم رياشي والنائب ابراهيم كنعان، حيث التقيا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وتمّ تطرّق الى مواضيع الساعة، وابرزُها قانون الانتخاب، اضافةً الى ملف الموازنة.

وعلمت «الجمهورية» من مصادر المجتمعين انّه تمّ في اللقاء «التركيز على الحفاظ على الوحدة المسيحية ودخول بكركي على خط مساندة الرئيس في موقفه للتوصل الى قانون انتخاب جديد، خصوصاً انّ الوحدة المسيحية التي ساهمت في الوصول الى رئيس ميثاقي، وحكومة تتجسّد فيها الشراكة، وتؤدّي اليوم الى تفعيل الحضور في المؤسسات، يجب المحافظة عليها في ملفَّي قانون الانتخاب والموازنة، لناحية الدعم الكامل للرئيس في دفعِه الى إنتاج قانون انتخاب عادل، ولموقفه الواضح بضبطِ الهدر ومكافحة الفساد. وبالتالي لا شيء يعلو على هذه المبادئ التي لطالما رفعَت بكركي لواءَها ونادت بها».

صديق جنبلاط

وفي باريس، التقى رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ونشر لاحقاً عبر «تويتر» صورةً جمعته وزوجتَه السيدة نورا مع هولاند، وكتب معلّقاً: «فرنسوا هولاند الصديق الدائم ورَجل المبادئ الثابتة تجاه لبنان وتجاه الشعب السوري».

وتأتي إشادة جنبلاط بهولاند بعد هجوم شنَّه على لوبن التي اعلنَت قَبولَها بالرئيس بشّار الأسد، فيما لو كان البديل سيطرة تنظيم «داعش» على سوريا. فاعتبرَ جنبلاط تصريحاتها بأنها «إهانة بحق الشعبين اللبناني والسوري».

وكشفَ جنبلاط في حديث لقناة «فرانس 24 ـ عربي» أنّ «اللقاء مع هولاند تناولَ أهمّية الانتخابات في لبنان وأهمّية الاستقرار وعودة الصفقة السعودية – الفرنسية لدعم الجيش». وقال: «عارَضنا النسبية في الأساس لأنّها لا معنى لها في ظلّ نظام طائفي، لكنّني تقدّمت بمشروع إلى الرئيس نبيه بري يتضمن حلّاً وسطاً وأنتظر منه جواباً، وهو اليوم في طهران».

وأضاف: «الموضوع ليس قضية تحجيم لا دروز ولا غير دروز، ما مِن أحد في لبنان يستطيع أن يلغيَ الآخر، نحن نريد قانوناً مقبولاً للانتخابات وإذا كان لا بدّ من الخلط بين النسبية والأكثرية فلا بأس».

وعن تمسّكِ «حزب الله» بالنسبية الكاملة، قال جنبلاط: «النسبية الكاملة شيء والنسبية النصفية والاكثرية شيء آخر، هذه وجهة نظرهم، نحن على استعداد لأن نناقش، لكن كما سبق وذكرت، تقدّمت بأفكار للرئيس بري، وعندما يعود سوف نناقشها».

وقال: «لا نريد من الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يخلّصنا من حزب الله. ربّما هناك تفاوُت في وجهات النظر بيننا وبين الحزب، لكن نستطيع أن نتفاهم بالحوار، وكان موقفنا الأساس في ما يسمّى الخطة الدفاعية أنه لا بدّ يوماً ما، بالتفاهم مع الحزب، من استيعاب سلاحه في منظومة الجيش اللبناني».

كروكر

من جهته، نقلَ رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي روبرت كوركر جونيور إلى عون «التمنيات بالتوفيق في المسؤوليات الوطنية الملقاة على عاتقه»، مكرراً «التزام الولايات المتحدة مساعدةَ لبنان في مختلف المجالات».

وقالت مصادر في بعبدا لـ«الجمهورية» إنّ كروكر لم يحمل ايّ رسالة، لكنّه عبّر في بداية اللقاء عن موقف اميركي مسلّمٍ به في كلّ الأوساط ومفادُه «التزام الولايات المتحدة مساعدةَ لبنان في مختلف المجالات ولا سيّما منها دعم الجيش والقوى الأمنية وسلامة ووحدة أراضي لبنان». وهذا الموقف هو من ثوابت الإدارات الأميركية المتعاقبة في العقود الماضية.

وأضافت هذه المصادر انّ كوركر كان مستمعاً أكثر منه متكلّماً طوال اللقاء مؤكّداً مهمته الاستطلاعية ومتمنياً ان ينال أجوبةً تحدّد موقف لبنان الرسمي، وموقف العهد الجديد تحديداً من القضايا التقليدية التي تهمّ الإدارة الأميركية في لبنان والمنطقة.

وسألَ تحديداً عن نظرة عون الى دور الجيش اللبناني وقدراته وما يحتاج إليه، بالإضافة الى تركيزِه على رؤيته الخاصة لدور «حزب الله» في لبنان والمنطقة وطريقة التعاطي معه على كلّ المستويات الداخلية والاقليمية.

وتوقّف المسؤول الأميركي تحديداً عند الأزمة السورية ورؤيته الشخصية للوضع هناك وما يَراه مناسباً لإنهاء هذه الأزمة وتوقّعاته للمرحلة المقبلة وما يمكن ان تقوم به الإدارة الأميركية في هذه المرحلة بالذات، كذلك بالنسبة الى القوى الكبرى المؤثّرة في الوضع هناك».

إلى الشارع

مطلبياً، تعود هيئة التنسيق النقابية اليوم إلى الشارع، بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء لمتابعة مناقشة مشروع الموازنة وحسمِ الموقف من ضمِّ سلسلة الرتب والرواتب إلى الموازنة أو فصلِها عنها.

وأكّدت هيئة التنسيق أنّها ترفض أن يتمّ فصلُ السلسلة عن الموازنة، وأن تتمّ إعادتها إلى المجلس النيابي، وهدّدت بتعطيل السَنة الدراسية إذا لم تُقر هذه السلسلة. وقال نعمة محفوض لـ«الجمهورية» إنّه «بعد 6 سنوات من الانتظار، لن نتحمّل مزيداً من المماطلة والكذب».

ودلّت المواقف والمؤشّرات إلى أنّ المدارس التزمت الإضراب بما يعطي دفعاً لمطالب المعلمين وينبئ بأنّ المشاركة في الإضراب ستكون كثيفة. وفي هذا السياق، قال الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار لـ«الجمهورية» إنّ المدارس الخاصة لن تقفلَ أبوابها اليوم «إلّا أنّ خيار التزام المعلّمين بالإضراب حرّ ويترك لكلّ مدرسة وكلّ معلّم أن يقرّر بحرّية التزامَه بالإضراب.

ودعَت التعبئة التربوية في «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» إلى المشاركة الكثيفة في الاعتصام .