IMLebanon

برّي: لا حوار بلا عون… والأنظار إلى لجنة الأشغال اليوم

يشهد الاسبوع الجاري جلسات حوارية متتالية دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتنطلق غداً والأربعاء والخميس نهاراً ومساء، في ساحة النجمة، وستسبقها جولة حوارية جديدة بين تيار «المستقبل» وحزب الله في عين التينة اليوم، وتنعقد على وقع ارتفاع منسوب التوتر الايراني ـ السعودي والذي بلغ ذروته بعد استعجال طهران الرياض تشكيل لجنة تقصّي حقائق تشارك فيها الدول المتضررة في كارثة مشعر منى، والمترافقة مع اعلان «الحرس الثوري الايراني» جهوزه في انتظار الأوامر «للرد السريع والعنيف لدفع النظام السعودي الى تحمّل المسؤولية تجاه الكارثة واستعادة حقوق الحجاج الضحايا». وقد انعكس التوتر بين الرياض وطهران على العلاقة المتوترة اصلاً بين حزب الله من جهة و14 آذار عموماً وتيار «المستقبل» خصوصاً من جهة اخرى، ترجم في تصريحات عدد من وزراء حزب الله ونوابه وقياداته حمّلوا فيها السعودية مسؤولية «إعاقة» انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وفريق 14 آذار مسؤولية تعطيل المؤسسات.

فيما الضباب يتحكّم بالمشهد السياسي، والحكومة تتخبط في أزماتها وليس آخرها أزمة النفايات والترقيات العسكرية، وفي ظل عدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء، برزت معطيات عدة جديدة هذا الاسبوع أمنياً وسياسياً أبرزها:

اولاً ـ تحرّك اهالي العسكريين المخطوفين لدى الارهابيين في جرود عرسال وإغلاقهم طريق المطار لبعض الوقت.

ثانياً ـ استمرار التحرك المعارض لخطة النفايات ولقرار الفاعليات المناطقية الاساسية.

ثالثاً ـ تحليق الطيران الحربي الاسرائيلي بكثافة في الاجواء اللبنانية في موازاة الغارات الجوية الروسية في سوريا.

رابعاً ـ إعادة رئيس الحكومة تمام سلام النظر في أمر دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد سريعاً بعدما كان قد اعلن من نيويورك انه سيدعوه فور عودته الى لبنان.

خامساً ـ تعثّر تسوية الترقيات مع محاولة اخيرة لتمريرها في مجلس الوزراء من خلال التصويت، الامر الذي سيشكّل سابقة من شأنها ان تهدد مصير الحكومة.

سادساً ـ تسخين اعلامي ملحوظ بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» ما استدعى تقديم موعد جلسة الحوار بينهما من مساء غد الى مساء اليوم في عين التينة، تحضيراً لجلسات الحوار المتتالية بين قادة الكتل النيابية التي تبدأ غداً.

سابعاً ـ بروز طرح جديد للترقيات العسكرية من خلال تأخير تسريح العمداء بنحو متوالٍ.

ثامناً ـ تعرّض الحوار الوطني للاهتزاز في حال قرر رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون الانسحاب منه إحتجاجاً على عدم حصول تسوية الترقيات.

تاسعاً ـ الانطباع الذي عاد به سلام من نيويورك بعدم وجود لبنان على لائحة أولويات المجتمع الدولي حتى على صعيد تقديم المساعدات المالية لمواجهة أزمة النزوح السوري المتفاقمة.

وسط هذه المعطيات، سيتقرر هذا الاسبوع مصير الحوار، كذلك سيتقرر مصير الحكومة، سلباً ام ايجاباً، مع ما يمكن ان يرافق ذلك من انتقال الازمة الى الشارع في وقت يبدو هذا الشارع غير مضبوط لا داخلياً ولا خارجياً لوجود أطراف عدة تؤثر على التحركات فيه.

بري

وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره أمس تعليقاً على التطورات السياسية الجارية: «لم يبق في البلد شيء الّا الحوار، فهو الاوكسيجين الذي نتنفّس بواسطته، كنّا في الجلسة الاخيرة أحدثنا اختراقاً في ما يتعلق بمقاربة قانون الانتخاب ولكن للأسف أُهدرت هذه الفرصة».

وكرّر بري موقفه الاخير، قائلاً: «لا شيء قبل تطبيق خطة النفايات». مذكّراً انّ جلسة الحوار الاخيرة أيّدت بالاجماع تنفيذ هذه الخطة بكل الطرق والوسائل». وانه التفت الى سلام قائلاً له: «لم يعد لديك أي عائق للشروع في تنفيذ هذه الخطة»، مشيراً الى انه «لا يعقل ان لا تستطيع الدولة التصرّف بقطعة ارض تملكها»، وذلك في اشارة منه الى الاعتراضات الجارية على المطامر في منطقتي البقاع وعكار وغيرهما.

وقال بري انه ذاهب الى الجلسة الحوارية المقبلة ولا يحمل معه اي شيء سوى هذا الموقف، وهو تطبيق خطة النفايات أولاً.

وحول ما يقال عن إمكان تغيّب رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، قال بري: «لم أبلّغ بذلك حتى الآن، لكن اود ان اقول للجميع ان تعطيل أيّ فريق للحوار هو بمثابة اقفال الباب على نفسه». مشيراً الى انّ لا حوار من دون عون.

ولفت بري الى انّ التسوية التي كان اتفق عليها في شأن الترقيات العسكرية أريد منها ان تكون مدخلاً الى اعادة العمل لمجلسي الوزراء والنواب، ولكن البعض عَطّلها بدسّ بند تعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي فيها وسرّبها الى الاعلام، مع العلم انّ النسخة الاصلية لمشروع التسوية، الذي اتفق عليه في اللقاء الذي انعقد بينه وبين بعض اقطاب الحوار وعلى رأسهم عون في مجلس النواب إثر انتهاء جلسة الحوار الاخيرة، لم تتضمن هذا البند المدسوس لا من قريب ولا من بعيد.

مسار الحوار

وأشارت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» الى انّ جلسة مجلس الوزراء مرتبطة بمسار الحوار الذي سينعقد في موازاة استمرار السعي الى إعادة تعويم التسوية الامنية مع عون، فإمّا تذهب البلاد الى الحلحلة او الى مزيد من التعقيد والمشكلات.

وعَوّلت المصادر على جلسة الحوار المقررة اليوم بين تيار «المستقبل» وحزب الله في اعتبارها مؤشراً الى أجواء حوار قادة الكتل النيابية غداً، متوقعة ان يتمّ التركيز في خلالها على التسوية السياسية.

وكشفت المصادر عن اتجاه لحصر مؤتمر الحوار بيومي الثلثاء والاربعاء فقط بحيث سيكون الوقت كافياً لإحداث خرق يتيح إمكانية انعقاد مجلس الوزراء الخميس، وإلّا فإنّ الهروب الى التأجيل سيكون مخرجاً للجميع».

وفي انتظار ان يقول عون كلمته في الساعات المقبلة في موضوع مشاركته في جلسات «هيئة الحوار» في ساحة النجمة، إستمرت الاستعدادات لهذه الجلسات التي تنعقد غداً لثلاثة ايام مرشّحة للتمديد إذا ثبت جدواها ودخل المتحاورون في صلب الملفات الأساسية المطروحة انطلاقاً من القضايا السبعة المدرجة على جدول اعمالها، ولا سيما منها موضوعي انتخاب الرئيس وقانون الإنتخابات النيابية حسب التفاهم الذي حصل في جلسة 21 ايلول الماضي التي كانت هادئة عموماً حيث تركز البحث خلالها على مواصفات الرئيس العتيد طالما انّ الإتفاق على الإسم ما زال صعباً، لا بل مستحيلاً، كذلك بالنسبة الى قانون الإنتخاب وسط تمسّك المتحاورين بمواقفهم السابقة من سلّة القوانين المطروحة للبحث بالإضافة الى انه لا يزال الرأي منقسماً حول الاولوية بين الانتخابات الرئاسية والانتخابات النيابية.

وتوقفت مصادر نيابية عند احتمال حصول نقاش جديد في دور المجلس التشريعي او عدمه قبل انتخاب رئيس الجمهورية، فالبلاد ستكون بعد اسبوعين على موعد مع افتتاح العقد التشريعي العادي الثاني للمجلس النيابي في 20 تشرين الأول الجاري.

وعلى رغم الأجواء الضبابية التي تَشي باحتمال تأجيل جلسات الحوار، كشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ معظم المتحاورين جهّزوا أوراقهم الى هذه الإجتماعات التي ينتظر ان يحوّلها بري ما يشبه «خلوات حوارية».

وقد أنجز بعضهم تشكيل فرَق عمل جاهزة للتدخل والدعم في حال غاصَ المجتمعون في مناقشات تفصيلية حول بعض العناوين ولا سيما منها قانون الإنتخاب. بعدما تبلّغ البعض الدراسات التي أعدّها فريق بري بما فيها جداول مقارنة بين بعض القوانين الإنتخابية الخاضعة للبحث.

خليل

وعشيّة جلسات الحوار، اكّد وزير المال علي حسن خليل «انّ اللحظة ليست لتصفية الحسابات الجزئية، فكلنا في مركب واحد إذا غرق يغرق الجميع، والمكابرة توصِل البلد إلى المجهول والى مزيد من الفراغ والتعطيل»، وقال: «على الجميع أن يذهبوا الى الحوار بروح المسؤولية وتقديم كل ما من شأنه إخراج لبنان من أزماته ومن حال المراوحة والدوران في حلقة مفرغة».

إشتباك «التكتل» ـ «أمل»

وفي هذه الاجواء، أبدت مصادر نيابية خشيتها من تجدد الإشتباك السياسي بين تكتل «الإصلاح والتغيير» وحركة «أمل» في جلسة لجنة الاشغال العامة النيابية المقررة العاشرة والنصف صباح اليوم والمخصّصة لمتابعة البحث في موضوع الكهرباء والتقنين القاسي، والهدر المالي، وذلك في حضور وزيري المال والطاقة وقضاة ديوان المحاسبة والنواب أعضاء اللجنة.

وكانت أجواء التوتر قد سادت بين الطرفين على خلفية الإتهامات بهدر المال العام في مشاريع الطاقة وفق ما لمّح نواب «أمل» من جهة، وتقنين وزارة المال في توفير الاموال لمتعهدي مشاريع الطاقة، الأمر الذي دفع بعضها الى الشكوى والتحكيم والمطالبة بمليارات تعويضات تطالب بها الشركات المنفذة وبلغ إحداها 135 مليون دولار، حسب «التيار الوطني الحر».

وفي الإطار عينه، اكدت مصادر تكتل «التغيير والاصلاح» لـ«الجمهورية» انّ نوّابه يحملون معهم الى الإجتماع «ملفات سميكة تؤكد اتهاماتهم وتدحض وجهات النظر الأخرى كاملة»، وقالت: «إنّ غداً لناظره قريب».

ملف العسكريين

على صعيد آخر، عاد ملف العسكريين المخطوفين بقوة الى واجهة الضوء مع عودة اهاليهم الى الشارع ملوّحين بالتصعيد. وقال المتحدث باسمهم حسين يوسف انّ المعلومات التي تلقّوها في الآونة الاخيرة، تشير الى انّ لا ملف يسمّى «ملف العسكريين»، وأن خلية الأزمة لا تبذل أيّ جهود حالياً.

في هذا الوقت، رأت مصادر خلية الازمة انّ ما من جديد ابداً يستدعي انعقادها، وقالت لـ«الجمهورية»: «إنّ الأمور لا تزال معلقة عند جبهة «النصرة» التي أوقفت تنفيذ ما اتفق عليه لأسباب تتعلق بمصالحها. امّا «داعش» فكل المحاولات التي جَرت خلال الاسابيع السابقة للتواصل معها لم تُفض الى نتيجة. ويقول المسؤولون فيها انّ هذا الملف هو في يد والي «داعش» في الشام والموجود في الرقة، والأمرة له حصراً في هذا الملف.