IMLebanon

“شياطين” الموازنة في السلسلة وقطع الحساب وتمويل المحكمة

عشية عيد النبي الياس، قرعت للمرة الاولى منذ ثمانينات القرن الماضي أجراس كنيسة مار الياس في بريح، لتطوي صفحة التهجير المريرة. وجاء قرع الجرس عصراً تزامناً مع تسليم مفتاحي كنيستي البلدتين الى ممثل راعي الابرشية الصيداوية في احتفال اقيم في وزارة شؤون المهجرين حيث تولت الوزيرة أليس شبطيني تسليم مفتاح كنيسة مار الياس، بينما سلّم السيّد تيمور وليد جنبلاط الذي حضر الإحتفال مفتاح كنيسة مار جرجس. وتزامناً مع تسليم مفتاحيّ الكنيستين، قرعت أجراسهما إيذاناً بالحدث.

والى قرع الاجراس، مهرجانات تتوزع على كل المناطق تكسر رتابة المشهد السياسي الضائع في قلة الانجازات، والغارق في متاهات المنطقة والحسابات الاقليمية. فالفشل المتراكم في انتخاب رئيس للدولة، وفي الاتفاق على قانون انتخاب نيابي، كما في ملفات النفط والغاز والنفايات وامن الدولة، الى الوضع الاقتصادي المتردي، والوضع المالي الحذر، عوامل دفعت الحكومة والقوى السياسية الى التفتيش عن ملف جديد تبحث فيه عن انجاز مشكوك فيه، فبرز ملف الموازنة التي تعمل الدولة من دونها منذ عشر سنين، باعتبار ان اقرارها يساهم في انتظام الحياة المالية والاقتصادية للدولة ويستر بعضا من عيوب شلل الحكومة والمجلس معاً. واذا كانت كل القوى السياسية اتفقت على ضرورة اقرار موازنة السنة 2017 والانتهاء من اعدادها في غضون شهرين من تاريخه، فان أي جهة لم تتناول سبل تجاوز العوائق التي تعترض اقرارها. مع العلم ان الطرح يأتي في وقت غير مناسب حالياً اذ يتوقع ان تتجمد كل الملفات بسبب سفر رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم الى أوروبا لتمضية عطلة ستمتد الى آخر الشهر، ومثله رئيس الوزراء تمّام سلام الذي يسافر السبت الى المغرب، ومنها الى موريتانيا للمشاركة في أعمال القمة العربية مطلع الاسبوع المقبل، ووجود معظم الوزراء خارج البلاد. ويرتبط تقدم الملفات بجلسات الحوار التي دعا اليها بري في 2 آب و3و4 منه، اذ ستنعكس نتائجها على مجمل المواضيع العالقة والمختلف عليها ومنها الموازنة التي تحتاج الى قرار سياسي اكثر منه مالي. فالنقطتان الاكثر اثارة للجدل في مشروع الموازنة تحتاجان الى قرار سياسي وهما:

– بند تمويل المحكمة الخاصة بلبنان الناظرة في إغتيال الرئيس رفيق الحريري وهو ما أكده الوزير ميشال فرعون في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء.

– الحسابات المالية العالقة وتعذر إجراء قطع لحساباتها بسبب تمنع فريق سياسي عن إعطاء براءة ذمة لفريق “تيار المستقبل” وللرئيس فؤاد السنيورة تحديداً.

اضافة الى ان مشروع الموازنة يجب ان يتضمن سلسلة الرتب والرواتب التي جرى نقاش حاد فيهاعلى وقع التظاهرات النقابية في الشارع حول إدراجها أو عدم إدراجها ضمن المشاريع، وهذه تتطلب اجراءات مالية وضريبية جديدة تواجه معارضة كبيرة من المصارف والشركات.

وأمس صرح الوزير محمد فنيش لوكالة “اخبار اليوم” بان مجلس الوزراء خرج بإتفاق على ضرورة إقرار الموازنة العامة، لكن ذلك يصطدم بتعقيدات إذ أن هناك نقاطاً أساسية قد تحول دون الإتفاق، يضاف الى ذلك أن إحالتها على مجلس النواب غير متوافرة نتيجة عدم تركه القيام بدوره بسبب الفراغ الرئاسي، وبهذا المعنى لا إمكان للخروج بموازنة. وقد طرحت فكرة أن تقوم الحكومة بواجبها من خلال تقديم الموازنة كما نصّ الدستور، وإذا لم تقر في مجلس النواب، تستخدم الحكومة صلاحيتها بإقرارها بمرسوم يصدر عن رئيسها.

وأوضح فنيش أن أمام الموازنة عقبات لان الشيطان يكمن في التفاصيل، وخصوصاً لجهة قطع الحساب، إذ قد يصرّ البعض على ربط الموازنة وإقرارها بقطع الحساب. وعن إدخال تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في الموازنة العامة، أفاد فنيش أن هذا البند ضمن البنود الخلافية.

من جهة أخرى، اعتبر عضو “تكتل التغيير والاصلاح” الوزير السابق سليم جريصاتي ان “اقرار قانون قطع الحسابات ضروري جداً وهو شرط واجب على الحكومة أن تقره قبل اقرار الموازنة”.

ويذكر ان المادة 86 من الدستور واضحة في شأن اصدار الموازنة بمرسوم وهي تنص على انه “اذا لم يبت مجلس النواب مشروع قانون الموازنة خلال العقد العادي ودعي لعقد استثنائي ايضاً من دون نتيجة، فلمجلس الوزراء ان يتخذ قراراً يصدر بناء عليه عن رئيس الجمهورية مرسوم يجعل مشروع الموازنة مرعياً ومعمولاً به، شرط ان يكون هذا المشروع قد طُرح على المجلس النيابي قبل 15 يوماً من بداية عقده العادي”، الذي يبدأ في أول ثلثاء يلي الخامس عشر من تشرين الاول المقبل.

الحوار الثنائي

على صعيد آخر، انعقدت مساء أمس جلسة الحوار الـ 29 بين “حزب الله” و”تيار المستقبل”، في مقر الرئاسة الثانية بعين التينة، في حضور المعاون السياسي للامين العام لـ”حزب الله” حسين خليل والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن “تيار المستقبل”. كما حضر الوزير علي حسن خليل.

وقال المجتمعون إنهم ناقشوا “التطورات السياسية، وأكدوا إدانتهم القوية للاعمال الارهابية في أي مكان ودعمهم داخلياً لدور الجيش والاجهزة الامنية في مواجهة هذه الاعمال”.

وتوقفوا عند ازدياد الحاجة الى تفعيل عمل المؤسسات الدستورية، ولا سيما منها مجلس النواب نظراً الى الاستحقاقات التي تفرض نفسها على اكثر من صعيد وخصوصاً التشريعات المالية الضرورية.

وأكدت مصادر المتحاورين لـ”النهار” ان البحث تطرق الى مجمل المواضيع التي تؤرق اللبنانيين مع اعادة تأكيد ضرورة تفعيل عمل المؤسسات وخصوصا مجلس النواب والحكومة. ولفتت الى ان المتحاورين تطرقوا الى ملف النفط والغاز وسط توافق على ضرورة افادة لبنان من ثرواته، وكذلك بحث في الوضع المالي في ضوء التطورات الأخيرة، اضافة الى مقاربة تداعيات الأزمات المحيطة بلبنان وتمدد الارهاب.