IMLebanon

النهار: أول غيث الدعم الحكومي … إيراني “التيار الوطني الحر” يلتحق بـ”مجموعة المصرف”

لم يستطع الهم الاقتصادي المتفاقم يوماً بعد آخر، وفي ظل تطورات معيشية دراماتيكية تثقل كاهل اللبنانيين، حجب الازمة السياسية المتفاقمة أيضاً، والتي ترخي بظلالها على الوضع المالي، اذ تنعدم الثقة الدولية بالقدرة اللبنانية على تجاوز الخلافات والاتفاق على مكافحة الفساد والتزام خطط اصلاحية كفيلة بانقاذ الوضع، خصوصاً ان لبنان يرفض الى اليوم الاستعانة بصندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية، الا من باب المساعدة التقنية، أي الاستشارية التي سيقدمها وفد الصندوق الدولي الذي يصل الى بيروت في اليومين المقبلين. علما ان الاستشارة وحدها تؤخر الحلول في انتظار مراقبة قدرة لبنان على القيام بخطوات جدية وفاعلة.

سياسياً، لا شك في ان خطاب الرئيس سعد الحريري الجمعة الماضي في ذكرى اغتيال والده الشهيد رفيق الحريري سيترك تداعياته السياسية على المرحلة المقبلة، وربما على المدة المتبقية من عمر الولاية الرئاسية للرئيس ميشال عون التي تجاوزت نصفها، بحسم الحريري موت التسوية الرئاسية، مع ما سيرافق المرحلة المقبلة من “مناوشات” سياسية ظهرت أولى معالمها في يوم الذكرى، بالاشكالات المفتعلة في ساحة الشهداء، من “ابناء الصف الواحد”، في تحرك مشبوه استمر يومين ليعكر أجواء مهرجان “بيت الوسط”. والى ذلك، تتوقع أوساط “مستقبلية” ان تتعامل السلطة مع الحريري والفريق المعارض بنوع من التضييق بدأت نذره تظهر في غير موقع وادارة، ومن المرجح ان تتضاعف كلما ازداد منسوب المعارضة والتنسيق في هذا المجال.

من جهة أخرى، بدا واضحاً ان رغبة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في التوجه الى المعارضة لم تكن محض مصادفة عبّر عنها للرئيس نبيه بري خلال مفاوضات تأليف الحكومة، عندما اقنعه الاخير بالعودة عن الفكرة لكونه وتياره محسوبين على العهد، وتالياً لا يمكنهما المشاركة والمعارضة في آن واحد. لكن يبدو ان المزايدة على “المعارضات” التي تعمل حتى الآن من دون تنسيق من خارج حكومة اللون الواحد، والانتفاضة الشعبية في الشارع، تدفع باسيل الى الشارع، بعدما بدأ تقويم المرحلة السابقة التي كان فيها وزيراً والتي ارتدت عليه سلبا. لذا كان اعلان مفاجئ امس من التيار بالتحرك في “اتجاه تصحيح السياسات المالية والنقدية المتبعة. فبعدما أرسل تكتل لبنان القوي كتاباً الى حاكم مصرف لبنان للمطالبة بإجراء تحقيق لكشف الحقائق في ملف الاموال المهرّبة الى الخارج واستعادتها، وبعد مطالبة باسيل مصرف لبنان في نهاية 2019 بوجوب كشف الاموال المهربة وبتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في جلسة الثقة الاخيرة، ومع استمرار تهريب الاموال الكبيرة من قبل المحظيين والنافذين مع حرمان اللبنانيين حقهم في سحب رواتبهم وودائعهم المتواضعة، تدعو لجنة مكافحة الفساد في التيار الوطني الحر القطاعات المعنية والمتضررة الى تحرك أمام مصرف لبنان في الخامسة عصر الخميس 20 شباط من أجل المطالبة باستعادة هذه الاموال المهربة الى الخارج ووجوب معرفة كامل الحقائق في هذا الملف”.

ويذكر ان “مجموعة المصرف” التي تتحرك في اتجاه مصرف لبنان، تضم مجموعات يسارية غالبها منشق عن الحزب الشيوعي، وجماعات اخرى مقربة من “حزب الله”.

 

لاريجاني في بيروت

 

في غضون ذلك، ما كاد الامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله يدعو الى عدم تسمية “حكومة مواجهة التحديات” بـ “حكومة حزب الله”، لان من شأن ذلك ان يلحق بها الضرر دولياً واقليمياً، كانت بيروت تستقبل رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران علي لاريجاني الذي وصل ليلاً على رأس وفد يضم عدداً من الشخصيات البرلمانية والسياسية، في زيارة رسمية تستغرق يومين، يلتقي خلالها كبار المسؤولين.

وتأتي زيارة بيروت بعد دمشق التي التقى فيها الرئيس بشار الاسد، وسيهنئ لاريجاني المسؤولين اللبنانيين بتشكيل الحكومة الجديدة ويؤكد دعم لبنان حكومة وشعباً ومقاومة، وسيكرر استعداد ايران للدعم الامني والاقتصادي وكذلك في مجال النفط والكهرباء. وهي عروض سبق لطهران ان اعلنت عنها سابقاً ولم يتمكن لبنان الرسمي من التعامل معها بايجابية في ظل الحظر المفروض على ايران.

وزيارة لاريجاني هي الاولى لمسؤول ايراني لبيروت منذ بدء الانتفاضة في 17 تشرين الاول الماضي، كما منذ بعد اغتيال قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني ، وبعد تأليف الحكومة الجديدة. وسيكون اول مسؤول اجنبي يقدم التهنئة للحكومة ورئيسها، في ظل غياب شبه مطلق لاي مسؤول عربي أو غربي أبدى رغبة في زيارة بيروت في وقت قريب. وسيكون لزيارة لاريجاني وقع أقرب الى السلبية أمام المجتمعين العربي والدولي، كما انه سيعرض حكومة لبنان لاحراج في ظل ازمة خانقة مالية واقتصادية يقابلها عدم القدرة على التعاون مع طهران في كل المجالات.

السندات

اقتصادياً، لا يزال الجدل مستمراً في أوساط خبراء الاقتصاد بين مؤيد ومعارض لسداد لبنان سندات “الاوروبوندز” المستحقة في اذار المقبل، وقبل حسم الحكومة قرارها، لجأت المصارف، الحاملة في الأساس لنحو 60 في المئة من قيمة الإصدار، الى بيع سنداتها لصناديق خارجية بأسعار أدنى بما بين 20 و30 في المئة، بعدما بلغتها معلومات عن توجه الحكومة الى دفع المستحق لحاملي السندات الأجانب مقابل عملية مبادلة لحاملي السندات المحليين، فارتفعت نسبة الأجانب الى 80 في المئة ، ما جعل الدولة في وضع محرج حيال القرار الذي ستتخذه. وفي رأي مصادر وزارية بارزة ان هذا الامر يشكل عاملاً مسيئاً يضع لبنان في موقع تفاوضي صعب جداً، اذا اتخذت الحكومة قراراً بإعادة هيكلة الدين. ورأت ان هذا الامر يرتب مسؤولية كبيرة على السلطات النقدية من أجل وضع حد لهذه المسألة