IMLebanon

عون يستبق القمة الروحية والتشاور بالإعلان عن خطة تعاكس المبادرات الانتخابية

اذا لم يكن لإيران مصلحة في تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية ما لم تقبض ثمن ذلك عند تقاسم النفوذ في المنطقة، متذرعة بتكرار قول لا يصدقه احد وهو انها لا تتدخل في موضوع يخص اللبنانيين… فما هي مصلحة الزعماء المسيحيين، والموارنة تحديداً، باستمرارهم في مقاطعة جلسات الانتخاب بحجة انهم يريدون رئيساً مارونياً قوياً اسوة بالرئيس الشيعي وبالرئيس السنّي، لكنهم لا يتفقون على هذا الرئيس القوي فيستمر الشغور الرئاسي ويستمر معه الخلاف داخل الحكومة على ممارسة صلاحيات الرئيس بالوكالة بحيث يبلغ حد تعطيل عملها كلياً، ويختلف النواب على تفسير “تشريع الضرورة” فيتعطل عمل المجلس أيضاً، وقد آن لهم ان يدركوا ان لا شيء ينهي هذه الخلافات سوى انتخاب رئيس للجمهورية قبل أي امر آخر وهو ما نص عليه الدستور.

لقد اقترح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع خطة لاخراج لبنان من الأزمات التي يتخبط فيها، وتدعو هذه الخطة الى انتخاب رئيس للجمهورية اولاً ثم تشكيل حكومة جديدة وإجراء انتخابات نيابية على أساس قانون جديد عادل ومتوازن، فيتحقق عندئذ مطلب من يريدون استقالة الحكومة الحالية وقيام مجلس نيابي جديد لأنهم يعتبرون ان المجلس الحالي لم يعد شرعياً بعد التمديد له مرتين، لكن هذا لا يتم بالديماغوجية والغوغائية والعنف بل بالطرق الدستورية من خلال صناديق الاقتراع وفي انتخابات نيابية حرة ونزيهة، فإما تسقط نتائجها الطبقة السياسية المشكو منها وتأتي بطبقة جديدة، وإما يصير التجديد لها جزئياً او كلياً، وتكون المطالبة باسقاط النظام لم يقررها الشارع انما المؤسسات الدستورية. فالهدم سهل وسريع، اما البناء او اعادة البناء فصعب ومكلف ويحتاج الى وقت، خصوصاً ان الأنظمة التي اسقطت في الشارع في غير دولة عربية لا تزال حتى الآن تعاني من نتائجها ولا اتفاق على اقامة انظمة بديلة بل حروب داخلية مستمرة.

ثمة من ينتظر بكركي لأن تدعو الأقطاب الموارنة الاربعة للبحث في خطة جعجع التي حظيت بتأييد الكثيرين ليقول هؤلاء الأقطاب رأيهم فيها علّهم يتفقون على انتخاب رئيس للجمهورية. لكن بكركي تتردد لأن أملها خاب أكثر من مرة باجتماعات الأقطاب من دون ان يتفقوا على مرشح ينافسه مرشح طرف آخر، ولا ان يتركوا للأكثرية النيابية المطلوبة انتخاب من تشاء من بين مرشحين معلنين وغير معلنين. واذا اتفقوا على شيء فبعضهم لا يلتزم به وهو ما حصل غير مرة ايضاً. فهل تكون القمة الروحية المسيحية – الإسلامية التي تعقد اليوم في بكركي هي البديل من جميع الأقطاب الموارنة فيستجيب الجميع لقراراتها وفي رأسها انتخاب رئيس للجمهورية، أم يظل صوت إيران أقوى من كل الأصوات، خصوصاً بعدما استبق العماد ميشال عون كل لقاء بما في ذلك القمة باقتراح خطة للخروج من أزمة الإنتخابات الرئاسية تقلب خطة جعجع رأساً على عقب ويحتاج الأخذ بها الى وقت لا يستطيع لبنان بدقة وضعه تحمّل مدته؟

الواقع أن خطة عون هي كمن يريد البيضة قبل الدجاجة علّها “تفقس” له رئاسة… وليس دجاجة تبيض وتطعم كل اللبنانيين، او كمن يهيئ المعلف قبل الحصان، حتى اذا وجد المعلف تعذر ايجاد الحصان. والرئيس نبيه بري الذي كان اول من دعا الاقطاب الى طاولة الحوار كان بوده ان يدعوهم خصوصا في مرحلة دقيقة وخطيرة يمر بها لبنان وتضعه عند مفترق، لكنه فضل التفكير في عقد لقاء تشاور حتى اذا ما نجح تحول الى حوار تشجع ايران عليه بين 8 و14 آذار. فهل يتحسس الزعماء في لبنان، ولا سيما منهم مقاطعي الانتخابات الرئاسية، خطورة الوضع فيتبادلون تقديم التنازلات من اجل لبنان ليكون الرئيس من صنعهم لا من صنع اي خارج؟ ويكون انتخابه ضرورة الضرورات، ولا يتركون الرئيس بري يصفق بيد واحدة حتى لو ذهب لبنان بين “ارجل الخيل” او ذهب “فرق عملة” في بورصة المتاجرين به والمزايدين والمتلاعبين بالاسعار، بل ضم ايديهم الى يده ليصفق الجميع لخلاص لبنان.

فهل يكون ايلول شهر اختبار حقيقة النيات، خصوصا نيات من يقاطعون جلسات انتخاب رئيس الجمهورية فيستمرون فيها او يعودون عنها، ونيات ايران التي تشجع على الحوار بين 8 و14 آذار عله ينتهي الى اتفاق على انتخاب رئيس يكون انتخابه مفتاح الحل لكل المشكلات والأزمات، وتكون ايران قد اكدت حسن نيتها وجعلت اللبنانيين يتفقون من دون اي تدخل لا منها ولا من غيرها، وأن تكون القمة الروحية المسيحية – الاسلامية قمة المحاولات الجدية لتخليص لبنان وتحميل كل من لا يستجيب لدعوة انتخاب رئيس للجمهورية المسؤولية امام الله والوطن والتاريخ، وتسمية كل مسؤول باسمه، فيكفي جعل لبنان كل مرة رهينة لخارج لا يفرج عنها الا بفدية.