IMLebanon

تظاهرة العونيين… تنافُس أجنحة … وعون «ملك» بعد فقدان الأمل بالرئاسة

يستكمل «التيار الوطني الحرّ» بقيادة العماد ميشال عون تصعيده في الشارع، من دون تحديد أفق زمني لانتهائه، وسط عدم وضوح المطالب العونية التي تتنقّل بين استرجاع حقوق المسيحيين، والمشاركة في الحكم، وآلية عمل الحكومة، وانتخاب رئيس للجمهورية.

يعيش الشارع المسيحي عموماً والعوني خصوصاً برودة لافتة، فكل خطابات عون التجييشيّة ودعوته مناصريه إلى النزول بأقدامهم الى الشارع لإحداث التغيير، لم تلقَ آذاناً صاغية، بسبب غياب المطلب السياسي الواحد، وإغراق الناس بمشاكل حياتيّة يوميّة تبدأ بالكهرباء والمياه ولا تنتهي بأزمة النفايات المستجدّة.

لم تكن الحشود العونيّة على قدر التجييش الذي سبقها، علماً أنّ مسؤولي الصفّ الأول في التيار من نواب ووزراء ومنسّقين وضعوا ثقلهم لتأمين حشد يعوّض الأرقام المنخفضة للتظاهرات السابقة، وانعكس التنافس على الانتخابات الداخلية المقرّرة في 20 أيلول المقبل بين أركان «التيار الوطني الحر»، تقاسماً وإظهاراً لمَن استطاع إنزال المناصرين أكثر، وانتشرت الأقاويل والاخبار بين المتظاهرين الذين كانوا أوّل الواصلين الى ساحة الشهداء، فتارة يصِل خبر مفاده انّ السير في بعبدا مُغلق لأنّ مشاركة كثيفة واستثنائية آتية الى الساحة من القضاء، وطوراً يُذاع خبر بأنّ مئات السيارات تتّجه من البترون وتَعبر جبيل وكسروان في اتجاه المتن.

واللافت أنّ مناصري «التيار الوطني الحرّ» استقدموا جرّافة عند أوتوستراد جل الديب وأزالوا الفواصل الإسمنتية التي تفصل الأوتوستراد ووضعوها وسط الطريق السريع قاطعينه أمام المواطنين، ما خلق نقمة عارمة نتيجة زحمة السير التي خلقوها.

إجتمعت كل العوامل المناطقية والتنافسيّة الداخلية، حتّى الشعارات طلبَ بعض المحازبين إعادة النظر فيها، فعندما علا هتاف «الله، لبنان، عون، وبَسّ» صرخ أحدهم قائلاً: «لا يفكّرو إنو عم نهتف لـ»ألان عون»، في وقت تَنقّلَ وزير الخارجية جبران باسيل بقميصه الصفراء بين ميرنا الشالوحي وساحة الشهداء، واختار البقاء بين المحازبين الذين مازَحوه قائلين «شو الإنتخابات بالتيار قَرّبِت؟».

لم تهدأ هواتف مسؤولي «التيار الوطني الحرّ» لحَشد أكبر عدد ممكن من الناس، وحاولوا دائماً اعتماد عنصر المفاجأة عبر عدم الكشف عن تحرّكهم ووجهة سيرهم التي استقرّت أخيراً في ساحة الشهداء، فاقتطعوا مساحة صغيرة تبلغ نحو 60 متراً في العرض، بـ30 متراً في الطول مقابل تمثال الشهداء، توسّطها عدد لا بأس به من السيارات، على وقع الأغنيات الوطنية وأخرى لعون التي صدحت في ساحة الشهداء، مذكّرة العونيّين بمراحل النضال السابقة وأيام ثورة الأرز، مع أنّ المفاهيم تبدّلت اليوم.

ففي ذلك الحين كان الهدف معروفاً والعدوّ محدّداً، لذلك كانت القدرة على الحشد أكبر، أمّا الآن فلم يتعدَّ عدد المتظاهرين الـ500 شخص، ما دفعَ كثيرين الى التساؤل: هل هذه هي قدرة «التيار» على تحريك الناس؟

إختصر «التيار» كلمته بمنسّقه العام بيار رفول الذي وعدَ بتسونامي عوني قادم. وفي وقت تتضاءل آمال عون بالرئاسة، توّجَ رفول عون ملكاً، معتبراً أنه «لا يحتاج الى مراكز بل هو ملك تَوّجَه شعبه على لبنان. وهو أيقونة وجدانية وطنية لجميع اللبنانيين، ونحن وإيّاكم أولاد ذلك البطل الذي وإن لم يتوّجوه في بعبدا فلن يأخذوا توقيعه بتسليم لبنان إلى الغرباء».

وشدّد رفول على العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، مطالباً بالشراكة «المفقودة عند الجميع»، موجّهاً سهامه الى «من يقف في وجه مطالب التيار»، مُهدداً بفتح الملفات «ومن ضمنها تصرّف البعض في حرب تموز الذي ينطبق عليه منطق الخيانة».

وأثناء إلقاء رفول كلمته، إنشغل باسيل بالتنقّل بين العونيين، حيث حمل علماً يلوّح به، محاولاً سرقة الاضواء، خصوصاً أنّ عدداً كبيراً من المشاركين أتى لالتقاط الصورة معه. وبعد انتهاء الكلمة غادر القسم الأكبر من العونيين، في وقت انتظر بعضهم قرار العماد عون ما إذا كانوا سيبقون في الساحة والاعتصام حتّى اليوم أو أنهم سيغادرون، فأتى الجواب من الرابية بوجوب إخلاء الساحة، حيث أعلن النائب ألان عون انتهاء التحرّك على أن تُحدّد لاحقاً طبيعة التحركات.

غادر العونيّون ساحة الشهداء، وسيعودون إليها أو الى ساحة رياض الصلح او أيّ ساحة أخرى، في وقت لن ينالوا ما يطالبون به، لأنّ المطلب الأساس بعودة الشراكة المسيحية وانتخاب رئيس للجمهورية موجود عندهم ولا يستطيعون طلبه من الآخرين، فهم الكتلة المسيحية الأكبر التي تقاطع الانتخابات الرئاسيّة، فلا شركة مسيحية من دون الإفراج عن الرئاسة.