IMLebanon

بري وجنبلاط لاعبان وازنان في صناعة الرئيس

لم تكد تحط الطائرة التي استقلها الوزير وائل ابو فاعور في مطار الرئىس رفيق الحريري في بيروت حتى يمّم وزير الصحة شطر عين التنية ليضع رئىس مجلس النواب نبيه بري في اجواء القيادة السعودية حيال انجاز الاستحقاق الرئاسي الذي يبدو انه لا يزال فجاً ولم يبلغ مرحلة النضوج. فأبو فاعور الذي يتولى بتكليف من رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط ملف العلاقات مع المملكة الى جانب نجله تيمور اوفده الزعيم الدرزي قبل جلسة انتخاب الرئىس الـ 45 بيومين لاستطلاع اجواء القيادة السعودية، حيث خرج جنبلاط بخلاصة استباقية لجلسة الامس ان لا رئىس جمهورية للبنان في المدى المنظور وفق حديثه لاحدى الزميلات من الصحف اليومية، وعلى الرغم من الموقف السعودي اللامبالي بالاوضاع في لبنان، كون اولويات المملكة تنحصر في اليمن بالدرجة الاولى وبسوريا بالدرجة الثانية وعلى لبنان الانتظار، فإن جنبلاط يريد «الحاج خلاص» وفق المثل الشعبي كون البلد شارف على الانهيار في ظل «فجور الفساد» وفق كلامه الى حد انه بات يترحم على الحرب اللبنانية وعلى زمن الوصاية السورية، لأنهما نسفتا كل شيء ولكنهما ابقتا على الدولة ولو صوريا وفق الاوساط المواكبة لايقاع المختارة حيث يرابط الزعيم الاشتراكي كون التخطيط لاغتياله جاء نتيجة تقاطع مصالح اجهزة خارجية اضافة الى «داعش».

وتضيف الاوساط نفسها ان جنبلاط يسعى الى استعادة فيء العباءة السعودية التي كانت تظلله واضاعها في «ساعة تخل» يوم الاطاحة بحكومة الرئيس سعد الحريري وهو على عتبة البيت الابيض، على قاعدة ان تشييد البناء يحتاج الى اعوام، اما تدميره فيحتاج الى ساعة او اقل.، ويدرك انه وقع في هذا المحظور يوم تسويقه ودعمه للرئيس نجيب ميقاتي تحت شعار «الوسطية» ولم يكن احد من السياسيين على الساحات الاقليمية والمحلية يدرك ماذا خطط للمنطقة في الكواليس الغربية والاسرائيلية تحت شعار براق سميّ زوراً «بالربيع العربي» الذي ازهر ذبحاً وسحلاً وحرقاً واقتلاعاً للمكونات الاجتماعية وفي طليعتها الاقليات من المسيحيين مروراً بالايزيديين وصولاً الى دروز جبل السماق في ادلب.

وتشير الاوساط الى ان جنبلاط الذي «ختير» وفق كلامه يتربع على عرش من التجارب الحلوة منها والمرة في آن، استخلص منها العبر يشاركه في ذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري. فالرجلان يتقاسمان كاريزما واحدة في شخصين، تجمعهما كيمياء فريدة. وجهان لعملة واحدة لم تفرقهما الضراء ولم تبطرهما السراء، واذا ما استدعى الامر والتطورات لغة العقل فانهما صاحبا كلمة فاصلة ولو على حد السيف. وربما هذا الامر جعل منهما هدفاً لدى «داعش» من جهة ولدى اجهزة خارجية من جهة اخرى، وعلى الرغم من تفاوت القوى بينهما وبين الاقطاب الآخرين من حيث الاحجام والاوزان، الا ان الرجلين يشهد لهما بالثقل الوازن في صناعة الرئيس متى اتاحت الظروف ذلك. وهما اكثر من يتقن اعتلام الوحصي او كلمة السر وفن التدخل في الكواليس لايجاد مخارج لا تزعج عواصم القرار بل تقنعها ببعض «الرتوش» وغالباً ما نجحا في ذلك.

وتقول الاوساط ان بري وجنبلاط يكمل احدهما الآخر وهما يدركان بعمق هذا الامر ويبرران لبعضهما من خلال منح انفسهما اسباباً تخفيفية، وربما «حرب العلمين» ابان حروب العبث شاهد على ذلك، حيث نجح الرجلان في تخطيها ومسح ذيولها. اما في «الاتفاق الثلاثي» بينهما وبين الوزير الراحل ايلي حبيقة فقد تقاسما وجع القبول بارادة الرئيس الراحل حافظ الاسد على قاعدة ان الاتفاق سيتم نسفه من الداخل المسيحي وهذا ما حصل. واذا كان الرئيس سعد الحريري القى حصوة في ركود المستنقع الرئاسي، فان الكلمة الفصل في هذا المجال محلياً تعود الى موقف كل من بري وجنبلاط.