IMLebanon

الـ1701 يتقدَّم على غيره من الأولويات

كتب انطوان الاسمر في “اللواء”:

توسّع بشكل مقلق التصعيد بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، وإن لا يزال ضمن الضوابط، ولم يخرج نوعا ما عن نطاق قواعد الاشتباك المحدّدة بين الطرفين. لكنّ هذه الحدّة المستجدّة تفترض التنبّه والإلتفات صوب ما بات يشكّل التهديد الأكبر للدولة والكيان في حال مضى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى حربه الكبرى في الجنوب. لذلك تنطوي زيارة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه لبيروت على بُعد استثنائي في ظلّ تبلور موقف دولي واضح يضغط من أجل وقف التصعيد جنوباً والعودة الى حال الاستقرار النسبي قبل 8 تشرين الأول 2023. وسيكون بالتأكيد القرار 1701 محور الزيارة الفرنسية.

ما يطمئن إلى حدّ ما، أن عواصم القرار ترفض تغطية توجهات نتنياهو خلافاً للمناخ الدولي الذي سبق حرب تموز 2006. ولا يخفى أن تلك الحرب حظيت بتأييد أميركي – دولي في سياق ما كان يُرسم من خرائط جيوسياسية وديموغرافية للشرق الأوسط الجديد. وهذا التأييد أمدّ لها الدفق اللازم لكي تستمر 33 يوما، وهو ما تفتقره تل أبيب راهنا.

من مؤشرات ارتفاع نسب نجاح المسعى الفرنسي الراهن ما يقال عن أنه قائم بالتوافق مع الإدارة الأميركية، وثمرة التواصل المستمر بين باريس وواشنطن. وليس اللقاء في البيت الأبيض بين جان-إيف لودريان وآموس هوكشتاين سوى وجه من وجوه هذا التواصل.

وثمة مشتركات بين الأفكار الفرنسية وتلك الأميركية، أبرزها وقف العمليات وانتشار الجيش عند الحدود وإخفاء أي مظاهر لمسلحين، في موازاة ليونة في مقاربة هواجس حزب الله حيال أي ترتيبات تسووية. أما مسألة سحب الحزب عناصره من جنوب الليطاني فلا تزال تقع في التباس، بالنظر الى أن الحجة اللبنانية قائمة على أن تلك العناصر هي من القرى الجنوبية ويستحيل الطلب منها إخلاؤها، لأن ذلك يعني انتقال عائلات برمتها خارج الجنوب صوب الداخل، مع ما يعني ذلك من إرباكات محلية.

وتبقى معرفة موقف الحزب من الأفكار الفرنسية المحدّثة التي صاغتها باريس آخذة في الاعتبار تحفظات الحزب عن الورقة الأولية التي أجهضها رفضه بعدما اعتبرها ورقة فرنسية بالشكل إسرائيلية في المضمون.

وبات معروفاً أن الورقة الفرنسية الجديدة التي سيعرضها سيجورنيه على كلّ من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، تتضمن ٣ بنود يتدرّج تطبيقها على ٣ مراحل زمنية وفق الآتي:

١- وقف الأعمال الحربية على الحدود.

٢- إخلاء الحزب والجماعات المرتبطة به المناطق الحدودية، لكن مع تعليق تحديد المسافة الجغرافية، وربما العودة إليها في مرحلة لاحقة.

٣-تثبيت الحدود، بما فيها النقاط الـ١٣ المختلف عليها مع إسرائيل، في موازاة انسحابها من تلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري، وإيجاد حل مستدام لوضعية مزارع شبعا.

وقد يستكشف سيجورنيه الآفاق الرئاسية ومآل انتخاب الرئيس العتيد، لكن الملف الرئيس في زيارته يبقى القرار 1701 باعتباره الناظم الوحيد المتوفّر راهناً لإدارة عملية إعادة الإستقرار إلى الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.

وصار معلوماً أن الجهد الخارجي يتركز في الأساس على نزع فتيل الحرب جنوباً، فيما يحتل البند الرئاسي درجة أدنى في سُلَّم الأولويات.

ويتجلى هذا الواقع في مسعى السفراء الخمسة الذي لا يزال يراوح، فيما يُنسب إلى أكثر من سفير أن انتخاب الرئيس لم يحن بعد في انتظار الإنتهاء من حرب غزة، في إشارة واضحة إلى ما يردده حزب الله من عدم استعداده لأي نقاش قبل وقف تلك الحرب. وحدها سفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون تبدو جازمة في تأكيدها أن الرئيس العتيد سيُنتخب قبل نهاية أيار المقبل، لكنها تتحفظ أمام من يراجعها في مصدر تفاؤلها هذا، عن الخوض في أي تفاصيل إضافية أو شرح لما تتوقعه آتٍ رئاسيا. لكن الأكيد أن ديبلوماسيا بحجم سفيرة للولايات المتحدة، لا ينطق بـwishful thinking، ولا يتحكم فيه العواطف والانطباعات، ولا تحرّكه أفكار ارتجالية.

أميركياً، لم تثبت زيارة قريبة لهوكشتاين الذي نُقل عنه قوله لمن التقاهم من نواب في واشنطن، أن «الملف الرئاسي وجبهة غزة مترابطان لكنني في المرحلة الحالية لن أتكلم إلا بالقرار ١٧٠١».