IMLebanon

عصف أفكار  والمراوحة مستمرة

عاد الحديث عن خطوة منتظرة للرئيس ميشال عون باتجاه تسريع انجاز قانون الانتخابات الموعود، عبر دعوة القيادات السياسية الى طاولة حوار حول القانون المرتجى.

ويشير الوزير جبران باسيل الى صيغة ثالثة مشتقة من صيغتيه السابقتين: المختلط والتأهيلي، فيما تحدثت أوساط التيار عن عصف أفكار جديدة انطلقت لانتاج قانون مؤهل لاستيعاب الجميع وسط ترقب المبادرات الرئاسية في حال استمرت العملية الانتخابية في الدوامة.

وبينما يتمسك حزب الله بالنسبية الكاملة، المرفوضة من الآخرين، يتحدث نائب الحزب علي فياض بتفاؤل، عن جهوزية حزبه للدخول مجددا في دورة تفاوضية مع القوى الأخرى بكثير من الايجابية والانفتاح، والاستعداد لسماع ما لديهم من أفكار حول قانون الانتخاب.

وليس واضحا ما اذا كانت الدورة التفاوضية التي يتحدث عنها فياض تصبّ في مجرى الحوار المرتقب المأمول في بعبدا، ومع ان فياض أبدى استعداد الحزب لمناقشة هواجس أصحاب الهواجس، من دون تسميات، إلاّ أن حرصه التأكيد على النسبية الكاملة في أي قانون انتخاب، يضعف قوة وعوده بأخذ هواجس الآخرين ومخاوفهم بعين الاعتبار، ويتيح لنائب تيار المستقبل زياد القادري مثلا، ان يشكك بصدقية الحزب وبنواياه الانتخابية، وحتى بلوغه حدّ القول إن حزب الله يريد من قانون الانتخاب أمرين: اضعاف سعد الحريري، وزعزعة التحالف القائم بين التيار الوطني الحر، والقوات اللبنانية.

والراهن ان تيار المستقبل، كما حركة أمل، واللقاء النيابي الديمقراطي، تقاربوا حول قانون مختلط يمكن أن يوفّر العدالة الانتخابية لمعظم الأطراف، شرط أن يقترن بوحدة المعايير التي يتمسك بها اتفاق الطائف، لكنهم، بين اللاقانون، الذي يقود الى الفراغ وتداعياته المصدّعة للدولة، وبين قانون الستين الأكثري، الذي أنزل البعض عليه الحرم، ورجمه بالشيطنة والالحاد الديمقراطي، فانهم يفضّلون العمل بالقول المأثور: عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة…

والدستور يقول، لا يلغي القانون إلاّ القانون، وبالتالي لا يمكن اعتبار قانون الستين لاغيا، إلاّ بعد صدور قانون انتخاب آخر، هيهات أن يبصر النور…

والمجلس الدستوري يقول باجراء الانتخابات في موعدها الدستوري، وليس بعد صدور قانون انتخابات جديد، فيما هناك قانون نافذ، راقد في الأدراج.

وبحسب المفاهيم الدستورية، في الدول قاطبة، لا يُسمح لأي سلطة باجراء انتخابات على أساس القانون الذي شرّعته للتوّ، انما تُشرّع القوانين لتنفيذ في مراحل لاحقة وليس قبل أن يجفّ حبرها، حتى لا يفصّل القانون على قياس مصلحة صانعيه، كما الحال في لبنان اليوم، حيث العشوائية عنوان الاداء في شتى المجالات وكافة الميادين.

أمام هذا التناقض بين المفاهيم الدستورية المتصلة بالانتخابات النيابية وبين تطبيق الدستور، بات كثير من الناس على قناعة بأن ما يجري على صعيد الانتخابات النيابية حياكة في الهواء، رسم على الرمال، بل محرقة للوقت بانتظار مستجدات اقليمية تسمح بوضع النقاط على الحروف في لبنان، لأن ما يجري، رغم جهود المخلصين وأصحاب النيّات الطيّبة، الراغبين بانجاح مسيرة العهد، لن يصل بهم الامر الى أبعد من تمديد مجلس النواب لنفسه، مرة أخرى، وكفى الله القيّمين على الأوضاع في لبنان شرّ المحاصصة والمنافسة.

فلبنان اليوم في قبضة قوى نافذة متقاسمة ومتخاصمة، وفي هذه الحالة المزمنة، لا يبقى أمام المواطن اللبناني لأي فئة انتمى، إلاّ الأنين…