IMLebanon

«التوضيح» الروسي!

يكمل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سياقاً من المحاججة المفتوحة أمام الملأ، مع الإيرانيين، كانت بدأته في أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي صحيفة «غازيتا – رو» في موسكو من خلال نشر شهادة استثنائية لأحد أبرز المعلقين العسكريين، عن أداء بقايا قوات الأسد والميليشيات التابعة لإيران ومعها جيش «المستشارين» و«الخبراء» الإيرانيين في الحرب السورية.

غرق يومها المحلل العسكري الروسي العقيد ميخائيل خوادريوفوك في تفاصيل «المحنة» المتأتية من كون العسكر الإيراني – الأسدي غير كفء في المعارك، ولا يعرف سوى الهروب أمام أي هجوم مضاد! لكن الوزير لافروف لا يملك الوقت لذلك الترف، ولا يعتبر نفسه معنياً بشرح التفاصيل والتقنيات ذات الطابع العسكري. ومعه حق.. ولذلك فقد ذهب مباشرة وباختصار شديد إلى زبدة المقال ومصل الحقيقة كما تراها موسكو: لولا القوات الروسية، وتدخّلها في أيلول (سبتمبر) من العام 2015 لكانت دمشق سقطت في غضون أسبوعين، أو ثلاثة على الأكثر!

وهذا يعني في كل الأحوال، أن موسكو مستمرة في منحاها الذي توضّح بعد معركة، حلب، والذاهب إلى «حل سياسي» وليس العزف على الوتر الإيراني – الأسدي الباحث عبثاً عن أغنية «الحسم العسكري»! والمتطلع إلى بقاء «أمجاد» و«إنجازات» على حساب غيره، الروسي!

ولذلك تداعيات سريعة تتصل في القريب العاجل، بمؤتمر الآستانة وحضور واشنطن من عدمه! وإعادة اكتشاف الروس «المعارضة المعتدلة» بعدما كانت لا تفرّق بين كل من حمل السلاح (أو لم يحمله) ضد الأسد! مثلما تتصل على المدى البعيد والاستراتيجي، بالتصوّر الأخير لمآلات الوضع السوري، والتي يبدو أن موسكو وبكل وضوح ممكن لا تفصلها عن واقع الديموغرافيا والجغرافيا في سوريا ومحيطها.. من تركيا إلى الخليج العربي!

والواقع أن ما قاله لافروف، يكاد أن يكون من أندر الجمل الصحيحة التي أطلقها في الشأن السوري على مدى السنوات الخمس الماضيات. عدا أنه استخدم لغة مباشرة من دون تورية ولا تلوين، ما يعني بأن الخطب جلل مع إيران وأتباعها! وأن قصة الثقة بين الحليفين المرحليين، لا احد يأخذ بها، لا في موسكو، ولا في طهران. وأن الأخيرة على ما يبدو متوجّسة إلى حد بعيد من وصول الروس إلى قناعات تتلاءم تماماً مع مصالحهم كما يرونها هم! وليس كما تفترضها إيران.

والمهين بالنسبة إلى الإيرانيين، هو أن يقول لافروف ما قاله ويقوله غيره، من الخصوم والأعداء! أي أن كل ما دفعته وقدمته إيران في سوريا، بشرياً ومالياً ومعنوياً وأخلاقياً، راح مثل الهباء المنثور، ولولا «السوخوي» الروسية لما بقي أي أثر حتى من ذلك الهباء! وأن كل الادعاءات المطّاطة التي تريد القول إن إيران دولة مقتدرة و«عظمى».. إلخ، ليست في الواقع كذلك على الإطلاق، بل العكس هو الصحيح. والفارق الجوهري بين تلك الادعاءات هو أن الإيرانيين يستطيعون توظيف «حزب الله» اللبناني والميليشيات المذهبية العراقية والأفغانية والباكستانية في بناء حيثيات ومنصات نفوذ وسطوة مدعاة! لكنهم بالتأكيد لا يستطيعون إدراج العسكر الروسي في تلك الوظيفة! ولا الإيغال في استغلال مقدرات دولة بحجم روسيا لمصلحتهم، ومن دون حياء!a