IMLebanon

المنازَلة بين حلم الدولة الفلسطينية والتوطين وحلم يعقوب (2)

لن يكون قرار مجلس الأمن رقم 2334 خاتمةً للأحزان الفلسطينية، ولن يشكّل نهايةَ الاستيطان، ولن يضع نهايةً للمخطط الاستيطاني (حلم يعقوب) (1)، إذ إنّ الإدارات الاستيطانية ومِن خلفِها حكومة نتنياهو سرعان ما أقرّت الأسبوع الفائت بناءَ وحدات استيطانية جديدة.

كما أنّ مؤتمر باريس الذي عبّرت الخارجية الفرنسية عن تصميمها على عقدِه في 15 كانون الثاني لن يكون ممرّاً لعودة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية لإنجاز حلّ الدولتين، كذلك فإنّ الوقائع الداخلية الضاغطة لإحراج رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو وإخراجه عبر التحقيقات التي أجراها معه البوليس بتهَم تَلقّي رشاوى، وإساءة استعمال السلطه، لن تؤدي في أحسن أو أسوأ الحالات سوى الى إنتاج بديلٍ أكثر يمينية منه.

وترى الخارجية الفلسطينية أنّ القرار الدولي كان حافزاً إضافياً لحكومة الاحتلال الإعلانَ عن حقيقة نواياها ومواقفها ليس فقط في تمرير المزيد من الوحدات الاستيطانية، وإنّما الانتقال الى مرحلة الضمّ والحديث عنه علانيةً (المطالبة بضمّ تدريجي للمناطق المصنّفة (ج)، و ما يسمّى الكتل الإستيطانيه الكبرى، في مقدّمتها مستوطنة (معاليه أدوميم).

إنّ جميع الوقائع والاستنتاجات والدلالات التاريخية تُشير الى أنّ إسرائيل ستمضي في مخططاتها الاستيطانية والتعسفية ضد الشعب الفلسطيني. ونحن في قراءة للوقائع نعبّر عن مخاوف كثيره من أن يتمّ دفع الأمور عكسياً (بدلاً من حشر اسرائيل في الزاوية) الى تنفيذ مخطط التوطين على حساب دول الجوار (من الجملة لبنان عبر إيهام المتأسلمين بإمكانية تنفيذ حلم امارة اسلاميه في المنطقة الممتدة من ضيعة العرب في منطقة الزهراني جنوباً الى خلده شمالاً، بالاعتماد على ما يسمّى المنظمات الجهادية في مخيّم عين الحلوة والخلايا النائمة والمتيقّظة على امتداد تلك المنطقة ومخزون الاسلحه النوعية وعلى احتلال صيدا.

وبالتالي امتلاك ميناء بحري يشكّل موقعاً لاستيعاب ناتج خط إمداد بحري بالسلاح والمسلحين والاموال، وهذا الامر سيضع الجيشَ اللبناني والمقاومة والشعب بمواجهة هذا الخطر الذي يهدّد كيان لبنان وخطوط الإمداد البرّية لقوات (اليونيفل) الدولية من مطار بيروت).

وترى مصادر أنّ هكذا مخطط سيؤدي الى مواجهات طاحنة تدمّر اهمّ مخيّم فلسطيني لا يزال ينبض بحلم العودة وهو (عين الحلوة)، ويصبح مصيره كمصير مخيّم نهر البارد، بما يَخدم المخطط المذكور، وبالتالي ينضم (عين الحلوة) الى قائمة المخيّمات الفلسطينيه التي تلاشت أو تخرّبت او تضرّرت وأصبحت غير صالحة للسكن أو مسكونة دون بنى تحتية وخدمات إنسانيه مقبولة، ومنها مخيمات: ضبيّه، تل الزعتر، النبطية، شاتيلا، صبرا، البصّ الذي قطعَته الاوتوسترادات طولاً وعرضاً.

إنّ هكذا وضع، إضافةً الى أنّ اجيال الفلسطينيين المولودة بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، والتي تكاد تكون قد غادرت الحلمَ الفلسطيني بالعودة نظراً لعدم وجودها على تماس جغرافي أو تعليمي ونظراً للإحباطات والوقائع الاجتماعية و ندرة فرَص العمل، كلّ ذلك يؤهل اجيالَ الفلسطينيين في لبنان للتعايش مع فكرةِ التوطين، وواقعُ الحال هو نفسه على صعيد المسألة السورية، و ما أصابَ المخيمات الفلسطينية هناك جرّاء انخراط الفلسطينيين في المعارك ومنها الدمار الهائل الذي اصابَ مخيّم اليرموك، وما اصابَ كذلك المخيمات الفلسطينية على الاراضي السورية (عين التلّ والنيرب والوليد والعائدين)، والمصير الذي كانت قد آلت إليه المخيمات الفلسطينية في الأردن واندماج الفلسطينيين هناك في حياة المجتمع والدولة تحت عنوان قانون المواطنة.

هذا، وترى مصادر متابعة للوقائع المرتبطة بمشهد الوضع في المخيمات انّ التفاهمات السورية على خلفية نتائج حرب حلب، وهزائم المنظمات المسلحة، خصوصاً الارهابية في العراق، (قد يدفع فلولها والمسلحين الأجانب في اتّجاه لبنان بالتوازي مع زعزعة استقرار لبنان انطلاقاً من عين الحلوة). ودعت المصادر الدولةَ اللبنانية والفصائل الفلسطينية للحذر من الاستثمار على المخيمات الفلسطينية وقلبِ الأمور رأساً على عقب في لبنان.

وقد رصَدت عيون رسمية فلسطينية تسلّلَ شخصيةٍ إرهابية غير فلسطينية الى عين الحلوة، على ان يتبعه أشخاص آخرون بقصدِ ارتكاب عمليات تخريبية في الداخل اللبناني.

و ألمحَت المصادر الى تلقّي شخصيات دبلوماسية فلسطينية وقيادات منظمة التحرير في لبنان لتهديدات باستهدافهم شخصياً.

وبالعوده الى أساس الموضوع، الحراك الدولي إزاء مستقبل القضية الفلسطينية مقابل التعنّت الاسرائيلي وزيادة الاستيطان والممارسات التعسّفية الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، تقول بعض المصادر إنّ الدبلوماسية الاسرائيلية تتحسّب للإصرار الفرنسي على عقدِ مؤتمر باريس المتوقّع انعقادُه في 15 كانون الثاني، والذي من المتوقع ان يلقيَ فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري خطاباً، يحدّد فيه المبادئ الأساسيه لمشروع الدولتين.

وقالت معلومات صحافية إنّ واشنطن وباريس تعدّان لخطط دبلوماسية كبرى في مؤتمر باريس، على ان تكرّس النتائج في منظمات الأمم المتحدة، خصوصاً مجلس الامن، قبل توَلّي الادارة الاميركية الجديدة برئاسة ترامب لمقاليد السلطة.

وترى إسرائيل مسبَقاً بلسان وزير دفاعها ليبرمان الذي اطلقَ أقوالاً أمام (كتلة إسرائيل بيتنا) من جملتها: إنّ المسوّدات السرّية لمؤتمر باريس المقبل ستكون أكثر أحادية الجانب وأكثر مناهضة لإسرائيل.

الاستيطان والممارسات الإسرائيلية:

وثّقَت تقارير فلسطينية ما سبقَ لسلطات الاحتلال أن أعلنَت عنه من مخططات وعطاءات ومنحِ تراخيص لنحو 27335 وحدة استيطانية جديدة في مراحل البناء والتخطيط في الضفّة الغربية بما فيها القدس.

وأوضحت التقارير أنّ مئات ملايين الشواقل قد خصّصت لعمليات البناء الإستيطانية، فيما تمّ الاستيلاء على اكثر من 12326 دونماً من الاراضي الخاصة بالمواطنين الفلسطينيين في الضفّة الغربية، بحيث يتمّ الإعلان عنها كأراضي دولة ومن ثمّ تحويلها لاحقاً لمصلحة الاستيطان.

وقالت المصادر الفلسطينية إنّ المشاريع الاستيطانية الجديدة تركّزت في مدينة القدس بنسبة 70 في المئة من عدد الوحدات الجديدة بهدفِ تغيير طابعِها الاسلامي المسيحي العربي، وتهويدها.

من جهةٍ اخرى، وفي إجراءات انتقامية إسرائيلية متواصلة حتى ما بعد قرار مجلس الأمن رقم 2334 :

١- مصادرة 35 دونماً من أراضي قرية عبود شمال رام الله.

٢- شروع المستوطنين بإقامة بؤرة استيطانية على أراضي المواطنين في قرية (دير الحطب) شرق نابلس.

٣- مشاريع استيطانية تَهدف لربط المستوطنات بالقدس المحتلة عن طريق شبكات ضخمة من الطرق الاستيطانية والقطارات الخفيفه والهوائية.

٤- شرَعت جرافات الاحتلال الثلثاء (3 / 1) بعمليات هدمٍ لمساكن في خربة طاعناً شرق نابلس.

٥- وثّقت منظمة هيومن رايتس واتش تصريحات لبعض كبار المسؤولين الإسرائيليين تشجّع الجنود والشرطة عَلى قتل الفلسطينيين، و قال بيان صحافي صادر عن المنظمة إنّ هناك اكثر من 150 حالة منذ تشرين الاول 2015 قتَلت فيها قوات الاحتلال بالرصاص فلسطينيين بالغين يُشتبه بمحاولتهم طعنَ أو دهسَ أو إطلاقَ نار على إسرائليين.

إنّ العام 2017 سيمثّل ذروةَ المواجهة بين دولة فلسطين ومشروع يهودية الكيان، ويبدو أنّ المجتمع الدولي قد بدأ يَشهد صحوةَ ضمير بعد سنوات طويلة من التضليل الاسرائيلي والانحياز الغربي بشكل خاص لإسرائيل، وفيما تستمرّ المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية يومياً وتستعدّ السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية لمواجهة أسوأ الاحتمالات والتحرّر من ضغوط الاحتلال عبر إنشاء مواقع تبادلية لهما ولإدارتَيهما خارج قبضة الاحتلال، فإنّ المناضلة الدولية ستكون انطلاقاً من مؤتمر باريس في منتصف الشهر الجاري.

١ – (حلم يعقوب) : مرجعُه أسطوره كنعانيه تتحدّث عن نزول الإله العظيم (إيل)، على الأرض، وأنّه بينما كانت عشيرة يعقوب تَعبر المكان اكتشفَت مذبح بيت (إيل) فأمنوا به. تسعى إسرائيل لتجسيد الأسطوره في ما أسمته وثيقة الاستقلال وضمنها أنّه (نشأ الشعب اليهودي في أرض إسرائيل، وفيها اكتملت صورته الروحانية والدينية والسياسيه، فيها عاش حياة مستقلّة في دولة ذات سياده، و عندما أجليَ الشعب اليهودي عن بلاده بالقوّه، حافَظ على العهد لها وهو في بلاد مهجر بأسره، ولم ينقطع عن الصلاة والتعلّق، وهو في بلاده و استئناف حريته السياسيه فيها).