IMLebanon

مصاعب ومطبات تبدأ في مرحلة التأليف

ما كُتب قد كُتب، العماد ميشال عون سيُنتخب آخر هذا الشهر رئيساً للجمهورية، متخطياً جبالاً من العقبات التي حالت منذ عامين ونصف، دون وصول أي كان من المرشحين، (جعجع وفرنجية عون وسواهم) إلى سدة الرئاسة.

لم يكن بلوغ هذه النتيجة أمراً سهلاً:

 ـــ لا على الجنرال عون، الذي عانى الأمرّين طوال الأشهر الممتدة إلى سنتين ونصف من الفراغ، ورغم عناده وتشبثه بالوصول إلى سدّة الرئاسة، التي ذاق بعضاً من طعمتها الشهية من خلال وضعه اليد سابقاً على « قصر الشعب » وهي ممارسة طاولتها حروب داخلية مسيحية الطابع، انتهت بإنهاء «الإقامة» العونية في قصر بعبدا وهجرته القسرية إلى فرنسا، وعودته إلى لبنان وتوقيعه ورقة التفاهم مع حزب الله، ومصالحته اللاحقة مع الدكتور جعجع وحزب القوات اللبنانية، وخوضه لغمار المناكفات والمشاكسات مع تيار المستقبل إلى حدود وأجواء ما أسمي بمرحلة ال one way ticket.

 ـــ ولا على الرئيس الحريري، الذي عانى هو والطائفة السنية من المواقف المشاكسة والمناكفة من قبل الجنرال ومحيطه، أدت إلى إبعاده عن الحكم وفرضت عليه إقامة طويلة خارج لبنان، استمرت على مدى يقارب الأربع سنوات، الأمر الذي تسبب باحتقان ضمن إطار الطائفة السنية امتدت آثاره من خلال مواقف بعض نواب كتلة تيار المستقبل وبعض الشرائح الشعبية السنية الرافضة أو المتحفظة تجاه ترشيح عون وانتخابه لرئاسة الجمهورية.

 ـــ ولا على حزب الله، الذي لطالما ساد اعتقاد في أكثر من وسط، وعلى مدى عامين ونصف من الفراغ، بأنه غير راغب في إيصال الجنرال عون للرئاسة لأسباب عديدة ذات طابع إقليمي متمثل خاصة بغوص الحزب في جملة من المواقف، وفي طليعة المعتقدين، جمهور التيار الوطني الحر الذي أمطرت احتجاجاته وردود فعله العنيفة في وسائل الإتصالات الإلكترونية، متهمة الحزب بالتلكؤ والتهرب والإختباء وراء الذرائع غير المقنعة التي كانت تطلّ من هنا وهناك، واضعة العراقيل تلو العراقيل، وقد كان ذلك مدعاةً إلى تناول السيد حسن هذا الأمر في خطابه نهاية الأسبوع المنصرم، موجهاً العتب الشديد إلى هذا الجمهور ومن خلاله إلى العماد عون إلى الحد الذي أبلغه فيه، على الهواء مباشرة، وبإتصال شخصي به لاحقاً، بأن كتلة نواب المقاومة ستنتخبه بأوراق مكشوفة سوف تُعْرَض على كل ممثلي كتلة نواب الجنرال عون خلال الجلسة، «إذا سمحت قوانين المجلس بمثل هذا التصرف» وقد دلّ هذا الموقف على مدى الحذر واهتزاز الثقة اللذين طاولا علاقة الفريقين المتحالفين.

إضافة إلى تحفظات السيد حسن على ما تناول الحزب في كلمة الرئيس الحريري، واعتبرها ذات طابع هجومي واستفزازي، وإضافة إلى التحفظات الأساسية التي امتلأت بها وسائل الإعلام التي حصرت موقف الحزب بالموافقة على التسمية والتكليف، وصبت جام تصريحاتها مختلفة المستويات على تحفظات حيال تشكيل الحكومة والشروط والمبادىء التي ستوضع خلال هذا التشكيل، آخذة بعين الإعتبار،مواقف الرئيس بري المستجدة والتي يتهيأ من خلالها لتحضير كثير من السلال المربكة والمعرقلة.

ــ ولا على حزب القوات اللبنانية، حيث أن الدكتور جعجع قد تنازل عن ترشحه للرئاسة لمصلحة العماد عون، عقب ترشيح الرئيس الحريري للوزير فرنجية للرئاسة وما استتبع ذلك من ردات فعل في أوساط القوات ولدى الدكتور جعجع شخصياً، وتستنتج بعض الأوساط العليمة ببواطن الأمور أنه لم يكن يخطر بباله أن هذا الترشيح سيجد منحى جدّياً يؤدي بعون إلى موقع الرئاسة قولاً وفعلاً، وها هو اليوم في خضم هذه الظروف المستجدة داخلياً وإقليمياً وخارجياً، تمسك بيد الجنرال ليكون في آخر هذا الشهر رئيساً للجمهورية، وهذا أمر سعى إليه الدكتور جعجع دون قناعة حقيقية لدى أكثر من طرف، بأن هذا الأمر سيحصل فعلاً.

وبعد… ما كُتب قد كُتب. وبانتظار تحقق الحدث وتطورات الواقع والوقائع من حوله.

وبانتظار حلّ عقدتي الرئيس بري (وربما الوزير جنبلاط) والوزير فرنجية وردّات فعلهم النهائية بهذا الصدد.

وبانتظار المعالجات التي بدأت للملمة الأوضاع في كتلة تيار المستقبل النيابية والمحيط الشعبي السني، إسهاماً في حلحلة العقد التي ما زال بعضها قائماً، وخاصة خاصة، بانتظار تطورات الأوضاع بعد عملية الانتخاب وتسمية الرئيس الحريري ومن ثم تكليفه بتشكيل الحكومة العتيدة.

وبانتظار الخلفيات الحقيقة والتصرفات العملية للحزب ولحركة أمل وللوزير فرنجية وللفرقاء الآخرين الذين تكونت منهم في السابق القريب، منظومة الثامن من آذار.

نتمنى للبنان كل الخير وكل النجاح وكل التوفيق في النهوض من مجمل كبواته القاسية والخروج من جملة المخاطر التي تواجهه وتجابهه، وذلك كله… ليس بالأمر السهل على الإطلاق.