IMLebanon

هل تكون الرياض ممراً إلزامياً لزيارة دمشق؟

هل تكون الرياض ممراً إلزامياً لزيارة دمشق؟

هذه حدود المفاعيل اللبنانية لـ«انتصار حلب»

مع التقدم المتسارع الذي يحققه الجيش السوري و «حزب الله» في حلب، بات الحسم العسكري لهذه المعركة المفصلية مسألة وقت قصير، ليس إلا. وعليه، فإن كثيرين بدأوا يبنون حساباتهم، على أساس قاعدة «ما بعد حلب»، وأن الحرب السورية ستدخل بعد هذا المنعطف مرحلة جديدة، بتوازناتها واتجاهاتها.

وإذا كان انتصار الرئيس بشار الاسد وحلفائه في حلب الواقعة على خط التماسّ الاقليمي – الدولي سيترك انعكاسات عابرة للحدود السورية، فإن من بين التساؤلات المطروحة على المستوى الداخلي تحديدا: كيف سيتلقى لبنان الأقرب الى سوريا، بحكم روابط التاريخ والجغرافيا، مفاعيل انتصار حلب، وهل ستكون هناك من تأثيرات مباشرة على المعادلة السياسية التي يعاد ترميمها بعد إتمام الاستحقاق الرئاسي؟

أغلب الظن، أن انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية شكّل أساسا، أقله في جانب منه، تعبيرا واضحا عن مسار موازين القوى في المنطقة، خصوصا في سوريا، وبالتالي فإن «المحور» الذي يتقدم في حلب، يبدو وكأنه استثمر هذا الانجاز العسكري الاستراتيجي، بمفعول رجعي، على الساحة اللبنانية حين استطاع أن يوصل عون الى الرئاسة، وأن يدفع الآخرين المصنفين في خانة خصوم «الجنرال»، محليا وخارجيا، الى الإقرار بهذه الحتمية السياسية وبالتالي تجرع «كأس السم» بعد مزجه ببعض السكر، لتحليته وتسهيل ابتلاعه.

لكن، وبرغم عناصر القوة التي يملكها «حزب الله» وحلفاؤه الاقليميون، وما حققوه من إنجازات في ساحات الصراع، فإن هذا الفريق مقتنع بأنه من الصعب تحقيق انتصارات سياسية، صافية وكاملة، في لبنان، وأن التركيبة الداخلية معقدة الى درجة أنها استوجبت على سبيل المثال الموافقة على الإتيان برئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، بالترافق مع انتخاب عون رئيسا للجمهورية.

لم تكن هذه هي المرة الاولى التي تفرض فيها الواقعية قوانينها. بعد أحداث 7 أيار 2008، كانت تسوية الدوحة الشهيرة التي أتت بـ «الوسطي» حينها العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية وأحد صقور «المستقبل» فؤاد السنيورة رئيسا للحكومة، ليقتصر الانجاز الوحيد لفريق 8 آذار على انتزاع الثلث الضامن وإحياء «قانون الستين» معدلا قبل أن يصبح عبئا على من استحضره، وخصوصا العماد عون.

وعندما تشكلت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي لم تضم «المستقبل» ومعظم قوى 14 آذار، شاع أنها حكومة «حزب الله»، فإذ بها تقر التمويل للمحكمة الدولية. أكثر من ذلك، كانت مصالح «المستقبل» والسعودية تُراعى الى أقصى الحدود، في ظل حرص ميقاتي على طمأنة الطائفة السنية وظهيرها الاقليمي.

وأمام هذه التجارب وغيرها، يمكن الاستنتاج أن التحول الميداني في حلب، ليس قابلا للصرف العشوائي في لبنان، وأن قواعد النظام الطوائفي تبقى محكومة بمقتضيات التسوية التي غالبا ما تنطلق من معادلة لا غالب ولا مغلوب، وإذا حصلت غلبة لفريق في لحظة ما، فإنها تكون عابرة وظرفية، بل هي في معظم الاحيان تكون سببا لأزمة إضافية لا تُعالج إلا بعد تصحيح الخلل في التوازن.

ومن الواضح أن «حزب الله» يدرك هذه الحقيقة وموجباتها جيدا، كما يتبين من تأكيد أمينه العام السيد حسن نصرالله في العديد من محطات الانتصار، أن الحزب ليس بوارد توظيف أي انجاز عسكري له، في مضمار تعديل الأسس الميثاقية للدولة وقواعد توزيع السلطة في لبنان، وليس أدل على ذلك من أن الحزب الذي يشارك في صناعة نصر استراتيجي في حلب، سيحصل في الحكومة المقبلة على حقيبتين عاديتين، وهو يكاد يكون الوحيد، من بين الاطراف المحلية، الذي ليست لديه مطالب أو شروط تتعلق بحصته الوزارية.

ولعل أقصى ما يطمح اليه الحزب هو أن يحمي ظهر المقاومة ومشروعها، بحيث تكون الدولة متفهمة لها لا متآمرة عليها. وبهذا المعنى، فإنه مقتنع على الارجح بأن التوظيف الوحيد الممكن لنصر حلب، إنما يكمن في استثمار «وهجه» لتحصين خط المقاومة وخيارها.

لماذا اختار الرئيس الأسد هذا التوقيت للحديث عن «انتصار لبنان وسوريا» بانتخاب عون رئيسا للجمهورية، ولماذا ربط بين دعوة «الجنرال» لزيارة سوريا وبين تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وهل يعني ذلك أن الرياض ستكون ممرا إلزاميا لزيارة دمشق أم العكس؟