IMLebanon

جعجع وجنبلاط غاضبان من عدم دعوتهما لـ«الحلف الرباعي»

دخلت البلاد عمليا في بازار قانون الانتخابات النيابية ، وكل المزايدات التي تتقولب في سياق تصريحات وتغريدات سياسية لا تعدو كونها إثبات وجود في المزاد المطروح علانية أمام الرأي العام العام اللبناني والدولي، من أجل التمهيد للدخول في المفاوضات الجانبية الحامية والجارية على قدم وساق في كل الاروقة السياسية كما الصالونات والمكاتب التي تشهد حراكا ناشطا على هذا المستوي ولقاءات مكثفة منها ما هو معلن ومنها ما هو غير معلن، بهدف بلورة صيغة نهائية ترضي جميع الاطراف الحاضرين في البازار السياسي.

في هذا السياق، وفق مصدر سياسي، تأتي مكوكيات مبعوثي النائب وليد جنبلاط المكونة من اعضاء «اللقاء الديمقراطي» وجولاتهم اليومية على كل القوى الاساسية المعنية بصياغة القانون، في محاولة من رئيس الحزب الاشتراكي لتكريس صيغة ما سمي يوما بقانون غازي كنعان او حماية مفاعيله التي تتوج «بيك المختارة» ايا كان اسمه، زعيما أوحد على منطقتي جبل لبنان الجنوبي الشوف وعاليه يختار نواب القضاءين بعناية من بين الموالين له ولاء اعمى سواء كانوا من حصة الدروز او المسيحيين او المسلمين السنة او غيرهم، بفعل تذويب اصوات الناخبين المسيحيين والسنة في هذين القضاءين ضمن الاغلبية الدرزية الساحقة التي هي من تحدد مصائر المرشحين وتختار بالتالي كل من استقلوا البوسطة الجنبلاطية دون سواها من المرشحين الدروز والمسيحيين والسنة على السواء بهدف ايصالهم لمؤازرة البيك في معاركه السياسية، وهو ما جعل رئيس الاشتراكي شريكا نديا في كل مفاعيل العملية التحاصصية السياسية لمغانم السلطة في لبنان، ووضعه بمصاف الزعماء الكتل الطائفية الاساسية والبلوكات الكبيرة بأعداد ناخبيها، كالمسيحيين والشيعة والسنة وهي بلوكات ناخبة تفوق كل واحدة منها عدديا خمسة اضعاف اعداد الناخبين الدروز، وهو الامر الذي جعل من جنبلاط «بيضة القبان» كما وصف سابقا خلال المحطات الاساسية المفصلية.

واذا كانت الامانة تقضي بالقول ان جنبلاط كان غالبا ما يقيس الامور بمقاييس العقل والحكمة في المحطات المفصلية الكبرى التي مرت بها البلاد على المستوى السياسي وما شهدته من خضات سابقة باستثناء بعض المواقف التي اتخذها في لحظات ذروة سياسية نتيجة تداخل العوامل السياسية بالشخصية، وهو ما دفع به الى تصدر واجهة الاحداث في اكثر من محطة، وكرسه زعيما استثنائيا على منطقة مختلطة طائفيا ومذهبيا، وهو يحاول اليوم ان يسلم هذه الزعامة بما تشمله لولده تيمور، الذي يريد ان يورثه زعامة المختارة كما يريده ان يلج السياسية من اوسع ابوابها كزعيم كتلة نيابية مختلطة تضم نوابا دروزا ومسيحيين وسنة، فضلا عن انه يريد له ان يكون شريكا في فاعلا مع كتل نيابية اخرى عبر ترشيحه نوابا له على لوائح ائتلافية في بيروت والبقاع الغربي وبعبدا، ليؤمن له دخولا مريحا الى الساحة السياسية لمواصلة الدور الذي كان يلعبه الاب في هذا الصدد. لكن اتجاهات الريح، لا يبدو حتى الان انها تجري وفقا لرغبات رئيس التقدمي الاشتراكي، بحسب المصدر، بل من الواضح تماما انها تعاكسه وتعانده الى اقصى مدى بسبب اعتبارات عديدة ليس اقلها ان غازي كنعان مات، ودفن معه «المقص» الذي فصل به الدوائر الانتخابية في العام 1996 على مقاس حليفه اللدود وليد جنبلاط للحصول على النتيجة التي اشرنا اليها. اضافة الى العامل الاساسي الاخر وهو ان المسيحيين بالمعنى السياسي لم يكونوا حاضرين عمليا في تركيبة الحكم في حينه، ولم يحضروا بالتالي أي عملية قسمة لانه وبالتالي، تم توزيع حصصهم السياسية على القوى الموجودة فحصل جنبلاط على حصة الاسد من النواب المسيحيين الممثلين لمنطقتي الشوف وعالية بسبب ظروف المنطقتين الخاضعتين انتخابيا لاكثرية درزية وازنة، اضافة الى المقاطعة المسيحية بداية قبل ان تتم عمليات الانتخاب في الدورات اللاحقة ببرودة واضحة، فيما توزعت المقاعد الباقية على القوى الاخرى من خلال تذويب الصوت المسيحي ضمن ماكينات ناخبة جبارة من الوان طائفية اخرى بهدف السيطرة على الصوت المسيحي وتدجينه بما يخدم المشاريع السياسية الجديدة في لبنان.

بعد انسحاب السوريين من لبنان في ربيع العام 2005 عاد الصوت المسيحي من جديد مع عودة الرئيس عون من منفاه الباريسي، وهي العودة التي شبهها جنبلاط في حينه بـ«التسونامي» المسيحي لأنه يدرك ابعادها ومعناها، ويعرف تاليا انها ستؤدي الى استعادة النواب المسيحيين منه مهما طال الزمن .

اما الان، وبعد ان وصل عون الى منصب رئيس البلاد فيشير المصدر السياسي الى انه بات من البديهي انه لن يوافق بأي شكل من الاشكال على بقاء عدد كبير من النواب المسيحيين تحت سيطرة جنبلاط، وسيخوض المعارك الانتخابية الشرسة من اجل تحرير هؤلاء النواب واعادة مقاعدهم الى دائرة الاختيارات المسيحية الصرفة، كما فعل بمقاعد مسيحيي جزين مع الرئيس نبيه بري في انتخابات العام 2009.

وعلى هذا الاساس، يضيف المصدر، باتت المعادلة اليوم تكمن بين الموقف الذي اعلنه الرئيس عون امام جلسة الحكومة انه سيختار الفراغ النيابي فيما لو خير بين التمديد للمجلس الحالي والفراغ، وبين الموقف الذي ابلغه امس الى الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني ان الانتخابات النيابية ستجري في مواعيدها وفق قانون يتجاوب وتطلعات اللبنانيين في تمثيل يحقق التوازن ولا يقصي أحدا. باعتبار ان من شأن هذا الكلام الذي يأتي بناء على نصيحة قدمت للرئيس من حلفائه بضرورة طمأنة الفرقاء السياسيين الاخرين وبخاصة اولئك الذين ابدوا توجسهم من قيام حلف رباعي جديد على اثر الاجتماع الرباعي الذي عقد في قصر بعبدا قبل ثلاثة ايام بين ممثلين للتيار الوطني الحر و«حزب الله» وحركة امل وتيار المستقبل، ولم يتم توجيه الدعوات لحضوره لا الى حزب القوات اللبنانية ولا الى الحزب التقدمي الاشتراكي، وهو ما جعل قيادة القوات «تنتفض» وتستدعي النائب ابراهيم كنعان الى معراب ليسجل جعجع على مسامعه عتبا بل غضبا على ما اعتبره خرقا مباشرا للاتفاق الثنائي بين الطرفين في اطار القنوات التنسيقية الداخلية مع «التيار الحر» وتبدي احتجاجا على تغييبها عن الاجتماع التنسيقي، فيما ذهب الاشتراكي الى ابعد من هذا الموقف من خلال ارساله رسائل الى من يهمه الامر، ضمنها توجسه الواضح مما يحاك رباعيا بمعزل عنه، وأبدى رفضه التام للنسبية مطالبا بضرورة تطبيق اتفاق الطائف بحذافيره ولا سيما لجهة بنود اعادة رسم التقسيم الاداري وانشاء محافظة الشوف عاليه استطرادا، وهو امر يرى فيه لجانب المسيحي شروطا تعجيزية ولا يمكنه تاليا الموافقة عليه لانه يعني عمليا تكريس قانوني لسيطرة جنبلاط على حصة مسيحيي الشوف وعاليه… والى الابد.